منذ يومين بدأ
الحوار الوطني
في
مصر، وسط حالة جدل كبيرة في الشارع المصري بين مؤيد ومعارض.
يقول البعض؛ إن السياسة هي فن
الممكن، ولو طرحت السلطة الحالية بكل مساوئها فرصة للحوار والاستماع لأصوات كانت
ممنوعة من الكلام فهذه خطوة إيجابية. يدلل هؤلاء على وجهة نظرهم بوجود عمرو إمام،
المعتقل السابق الذي تحدث في أولى الجلسات عن سجناء الرأي وضرورة تعديل مواد
قانون الإجراءات الجنائية والإفراج الفوري عن زملائه
المعتقلين، وذكر منهم على
سبيل المثال علاء عبد الفتاح وأحمد دومة ومحمد الباقر.
ويقول البعض الآخر إن
السياسية لا تجتمع مع النظام الحالي، وأن مشاركة البعض في هذا الحوار ما هي إلا
فرصة للنظام لتجميل صورته لدى الغرب، ومحاولة تبييض وجهه القمعي القبيح طيلة
السنوات الماضية، وأن طاولة الحوار الوطني لا مكان فيها لصوت الشعب المصري ومظالمه
المستمرة منذ عشر سنوات.
هل يضمن المشاركون في الحوار الوطني ألا ينكل بهم أو يعتقل أحدهم إذا تجاوز الخطوط الحمراء؟ وهو طرح منطقي مقبول بعيد عن المزايدة أو التخوين، فلا أحد من المشاركين يملك إجابة حقيقية على هذا السؤال ولن يملك؛ لأن النظام يعتبر أن تقديم أي ضمانات أو وعود كهذه، هو تراجع ضخم وتنازل كبير عن رأس ماله الذي أبقاه في السلطة حتى الآن، وهو أن السيسي الشخص الوحيد ذو الحيثية في التفكير واتخاذ القرارات.
يعد المشاركون في الحوار
الوطني بفتح قضايا تخص المعتقلين وانتهاكات حقوق الإنسان والمطالبة بحرية أكبر للصحافة،
يتحدثون عن شرف المحاولة في مسار متاح حتى ولو لم توفر فيه السلطة أي ضمانات
حقيقية، ولم تعبر عن جديتها في إعادة النظر في ملفات كان الحديث عنها في السنوات
الأخيرة خطا أحمر لدى
السيسي ونظامه.
يرد عليهم البعض بسؤال عن
الضمانات، هل يضمن المشاركون في الحوار الوطني ألا ينكل بهم أو يعتقل أحدهم إذا
تجاوز الخطوط الحمراء؟ وهو طرح منطقي مقبول بعيد عن المزايدة أو التخوين، فلا أحد
من المشاركين يملك إجابة حقيقية على هذا السؤال ولن يملك؛ لأن النظام يعتبر أن
تقديم أي ضمانات أو وعود كهذه، هو تراجع ضخم وتنازل كبير عن رأس ماله الذي أبقاه في
السلطة حتى الآن، وهو أن السيسي الشخص الوحيد ذو الحيثية في التفكير واتخاذ
القرارات، وأنه لا يملك أحد غيره في مصر الفهم أو القدرة على حكم البلاد.
يرى أنصار المشاركة أن وسائل
التغيير كافة قد تمت تجربتها خلال عشر سنين، فما المانع لتجربة الجلوس مع النظام
على طاولة الحوار، فلربما كانت هذه هي البداية؟
ويرد معارضو المشاركة بأن
الحل في الشارع ولا سبيل للتغيير إلا بالثورة، فلا حوار ولا انتخابات مع نظام جاء
على ظهر دبابة.
النظام المصري لم يمهلني حتى نهاية المقال، فأقدم على اعتقال أقرباء السياسي المصري أحمد طنطاوي قبل يومين من موعد عودته إلى القاهرة قادما من بيروت.. خطوة تحمل مزيجا من غباء السلطة وجنون الديكتاتورية وبطش الأنظمة السلطوية.
يطلب بعض المشاركين من
المعارضين ألا يزايدوا عليهم أو على مواقفهم، ويطلب المعارضون من بعض المشاركين
التوقف عن أداء دور الكومبارس وخيانة مظالم الشعب المصري.
كان يفترض بي أن أختم مقالي
بفقرة أخيرة تتحدث عن التباين في الرؤى، وبأن الأيام القادمة ستكشف لنا عن مدى جدية
السيسي ونظامه في التعاطي مع جلسات الحوار الوطني، ولكن النظام المصري لم يمهلني
حتى نهاية المقال، فأقدم على اعتقال أقرباء السياسي المصري أحمد طنطاوي قبل يومين
من موعد عودته إلى القاهرة قادما من بيروت.. خطوة تحمل مزيجا من غباء
السلطة وجنون الديكتاتورية وبطش الأنظمة السلطوية.
رسائل كثيرة أراد النظام
توجيهها للجميع بهذه الاعتقالات:
الرسالة الأولى لأحمد طنطاوي:
تحدي النظام مرفوض، عودتك مرهونة بتنفيذ شروط النظام وعدم تجاوز الخطوط الحمراء، وإلا فمصيرك لن يختلف عن مصير أفراد عائلتك.
الرسالة الثانية للمشاركين
في الحوار الوطني: النظام وحده من يضع سقف النقاش وسقف الحديث وحدود الأفكار، من
يتجاوزها فالحبس مصيره والسجن في انتظاره.
الوحيدة في كل ما يحدث هو أن الاختلاف مع السيسي ونظامه في العشر سنوات الماضية لا يؤدي إلا لطريق واحد من ثلاثة؛ إما القتل أو السجن أو النفي
الرسالة الثالثة للمعارضة أو
من تسول له نفسه أن يعارض: فالاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية، ولكنه يفسد مزاج
السيسي، وعندها ستدفع ثمن ذلك قتلا أو حبسا أو نفيا.
الرسالة الرابعة للشعب
المصري، السيسي هو الدولة وهو الحاكم وهو الخصم وهو الحكم؛ من وافق على ذلك له
مكان في الحوار الوطني وفي وسائل الاعلام، وإلا فهو خائن إرهابي وعدو للوطن.
بين مؤيد ومعارض، مشكك وموافق،
بدأت جلسات الحوار الوطني وتحدث فيها السيسي بعبارة غريبة قال فيها؛ إن الاختلاف في
الرأي لا يفسد للوطن قضية، ولكن يبدو أن الحقيقة الوحيدة في كل ما يحدث هو أن
الاختلاف مع السيسي ونظامه في العشر سنوات الماضية، لا يؤدي إلا لطريق واحد من
ثلاثة؛ إما القتل أو السجن أو النفي.
twitter.com/osgaweesh