تنشغل الأوساط
الإسرائيلية، بقضية
النائب
الأردني
عماد العدوان، الذي اعتقله الاحتلال الإسرائيلي بتهمة تهريب أسلحة إلى
الضفة الغربية، وتنقسم المطالبات بين ضرورة محاكمته وإصدار حكم قاس بحقه، وبين من
يدعو لتسليمه إلى المملكة لتهدئة التوتر وتحقيق مصالح مشتركة.
وتتزايد التوقعات الإسرائيلية بشأن الإفراج عن
العدوان قريبا، وإنهاء القضية قبل أن تتضخم لأبعاد هائلة، ورغم أن القضاء
الإسرائيلي قد يقضي بسجنه سنوات عديدة، لكن الجانبين، وفق مزاعم الاحتلال،
سيستفيدان أكثر إذا تخليا عن العقوبة الشديدة، مما يجعلنا أمام حالة فريدة من
نوعها يتم فيها تفضيل الاعتبار السياسي على أحكام القضاء، مما يشير أن المسالة
برمتها تحيط بها تعقيدات دبلوماسية.
جاكي خوجي
محرر الشؤون العربية في إذاعة الجيش
الإسرائيلي، أكد أن "التخوف الإسرائيلي يتعلق بإمكانية تدهور العلاقات مع
الأردن، لا سيما وأن العدوان أعرب في السابق عن دعمه العلني لحركة حماس، وأشاد
بذراعها العسكري، ولذلك لن يكون مفاجئًا إذا كان العامل القومي يقف خلف عملية
التهريب هذه، في ضوء انتمائه القبلي حيث يمتد نفوذ قبيلته على مناطق وادي الأردن
ومنطقة الشونة الجنوبية ومدينة السلط ومحيطها، وهي مناطق متاخمة لفلسطين المحتلة،
خاصة للمعابر الحدودية، وأعلنت القبيلة دعمها لما قام به".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته
"عربي21" أن "الأمن الإسرائيلي يراقب الحملة الشعبية العامة داخل
المملكة التي تطالب الملك ببذل ما بوسعه لتحرير العدوان، مما سيجعل من عودته
لبلاده فرصة لإعطاء القصر إنجازا كبيرا، وتقويته لدى الجمهور، فضلا عما سيعنيه من
دور بتقليل التوترات السائدة بينهما بشأن المسجد الأقصى، واستعادة الثقة المدمرة
بين بنيامين نتنياهو وعبد الله الثاني، وقد يمنح الأردن فرصة لإغلاق الحساب القائم
منذ 2017، حين رحب نتنياهو بحارس السفارة الإسرائيلية في عمان".
وأوضح أن "إطلاق الملك لسراح الحارس
الإسرائيلي دون تحقيق ومحاكمة تسبب بإحراج كبير للقصر، وانتقادات عامة كثيرة،
واليوم فإن عودة العدوان لبلاده ستعيد الاعتبار للملك، أما إصرار الاحتلال على
إبقاء العدوان بحوزته، فسيخدم العديد من معارضيه في المملكة، وسيجعل منه بطل
الأمة، ويثير محور المقاومة للتعبئة من أجله، ويعطي معارضي الاحتلال سببًا لمهاجمة
الملك باستمرار، وفوق كل شيء، قد ينتهك انضباط رجال قبائل العدوان على طول الحدود،
ويعرض الإسرائيليين الذين يزورون الأردن للخطر".
وأكد أنه "منذ اعتقال العدوان بدأ الأمن
الأردني تحقيقا في منطقته، وفي إسرائيل سارعوا لمعرفة العنوان الذي كان ينتظر شحنة
الأسلحة الكبيرة، وفي الأردن سعوا جاهدين لمعرفة من يختبئ وراء هذه الصفقة التي
دبرتها وراءهم أنوفهم، مما قد يعني أن التحقيق الأمني الهادئ الذي يجريه الجانبان
في القضية قد يتطلب التفاهم المتبادل السائد بينهما، وانفجرت هذه القضية في وقت
مثير للاهتمام بشكل خاص، خاصة وأنه على مدار العام الماضي مارست قيادة حماس ضغوطا
على القصر للسماح لها بالعودة للمملكة، بعد خروجها قبل ربع قرن".
لا يخفي الإسرائيليون قلقهم من أن تكون قضية
العدوان مرتبطة بعودة حماس إلى الأردن هذه الأيام، مما يعني أنها تشكل خطرا أمنيا
مباشرا على دولة الاحتلال، لأنه سيمنحها حرية الوصول للفلسطينيين في الضفة الغربية
وشرقي القدس، الذين يأتون ويمرون عبر جسر اللنبي، وبهذه الطريقة ستتمكن الحركة من
العودة تدريجياً إلى موقع النفوذ على الأردنيين تحت أنظار النظام الملكي والسلطة
الفلسطينية.
في الوقت ذاته، يزعم الاحتلال أن النظام الملكي
يبحث عن أسباب وجيهة لرفض طلب حماس بالعودة للمملكة، لكنه قد يجد في قضية العدوان
ذريعة للتشبث بها لعدم عودتها، رغم أن هذه تكهنات إسرائيلية، وليس بالضرورة أن هذا
ما سيحصل في النهاية.