في الوقت الذي تتأهب فيه قوات
الاحتلال
لاندلاع موجة جديدة من المواجهات مع
الفلسطينيين، فإنها تتجهز لمواجهة ما يبذلونه
من جهود حثيثة عبر شبكات التواصل الاجتماعي من تحريض على المقاومة، والتصدي للاحتلال،
لاسيما ما شهدته الأحداث الرمضانية في الأسابيع الأخيرة، ما دفع الاحتلال لاعتقال
أكثر من مئة شاب وناشط فلسطيني، ورفعت ضدهم عشرات التهم.
ومع العلم أن شرطة الاحتلال في القدس
المحتلة شكلت وحدة أمنية في شهر رمضان 2022، كأحد دروس أحداث هبة الكرامة في رمضان
2021، بزعم مواجهة التحريض الفلسطيني على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد اختتمت
الشرطة عمليات مكثفة ضد ما تصفه بالتحريض الفلسطيني عبر الإنترنت، وفي الشهر
الماضي أدار داني أمويل، الضابط بقسم التحقيقات والاستخبارات، جهوده الخاصة بمعركة
الروايات المحيطة بما تشهده القدس والأقصى من أحداث أمنية متلاحقة.
شلومي هيلر، مراسل
موقع ويللا، كشف أن
"الدافع لتشكيل هذه الوحدة جاء عقب هجمات إطلاق النار في
القدس المحتلة،
وعمليات إخلاء المعتكفين والمصلين في المسجد
الأقصى، ما دفع لسقوط الصواريخ
الفلسطينية على القدس، وفي نفس الوقت، نشرت الكثير من الأخبار المرافقة لها، ونحن
كدولة لا نعرف كيف نتعامل مع نفس المعطيات التي نشرتها حركة حماس، ما دفع لتشكيل
لجنة لإدارة معركة الوعي المكونة من: الشرطة، الجيش، الشاباك، وزارة الخارجية،
بزعم فرض الأمن والتصرف بسرعة ضد الأخبار المعادية".
وأضاف في تقرير ترجمته
"عربي21" أن "الدافع لتشكيل الوحدة يتمثل بأن النقطة المحورية
الأكثر تفجرًا وحساسية في القدس هي المسجد الأقصى، وخلال شهر رمضان تم توجيه
انتباه جهاز الأمن لهذه المنطقة بشكل أكبر، وبهذه الطريقة سمحت الوحدة الأمنية
الإسرائيلية
للمحطات في المنطقة بالعمل بشكل طبيعي، وأن يكون لديها قوة تستجيب لأي حوادث خسارة
قومية في المنطقة، مع العلم أن هناك نقطتين محوريتين في شهر رمضان، هما المسجد
الأقصى وباب العامود، ما يدعو لمراقبة العناصر الفلسطينية المحرضة، والتعامل
معها".
وأكد أن "عمل هذه الوحدة الأمنية
لمراقبة شبكات التواصل يكمن في ملاحقة أي مقطع فيديو يتم تحميله عبر شبكة الإنترنت،
لاسيما تلك التي تحمل وسم "الأقصى في خطر"، وفي المقابل الترويج لمزاعم
الاحتلال بإفساح المجال أمام المصلين للصلاة في المسجد الأقصى، وضمان حرية العبادة،
التي تجري كالعادة، ويتم نشرها على جميع الهيئات ووسائل الإعلام، انطلاقا من العمل
بطريقة الاستقصاء لمتابعة جميع الأحداث على الهواء مباشرة".
وزعم أن "المهام التي يقوم بها
النشطاء الفلسطينيون على شبكات التواصل تشمل الإشادة بمقاومي حماس على وسائل
التواصل الاجتماعي، من خلال منح المنشورات الإلكترونية المزيد من الإعجابات
والتعليقات والمشاركات، وقد أدرك القضاء الإسرائيلي خطورة الأمر، وأعطاه ظروفا شديدة
القسوة، من خلال فرض عقوبات صارمة، بما فيها دفع غرامات بآلاف الشواكل، والتهديد
بالترحيل من المدينة المقدسة، وكذلك عائلاتهم، مع أنه خلال شهر رمضان تم تنفيذ أكثر من
150 مراقبة، وتحديد 100 من المشتبه بهم، و36 لائحة اتهام".
ونقل عن الضابط المسؤول أنه "مع
الأسف لا يوجد انخفاض في نطاق التحريض الفلسطيني على الشبكات الاجتماعية، لأن هناك
اتجاها يسود الشباب الفلسطيني أكثر فأكثر لدعم التنظيمات المسلحة، والتحريض
لصالحها، ومنهم الدعاة في المساجد والشيوخ في جميع أنواع المدن، كالشيخ عكرمة
صبري مفتي القدس السابق، الذي يحوز على سيرة ذاتية لمحرض دائم يتردد صداها على
مواقع التواصل الاجتماعي، ما يجعل مواجهته مهمة معقدة للغاية، من خلال تجميع
إظهار عدد متراكم من المنشورات، ووجود العديد من المشاركات".
لا يتردد الاحتلال في إظهار إحباطه من
جهود قادة الرأي العام في القدس المحتلة في المجال الإعلامي والدعائي، صحيح أنه
يتم اعتقالهم لنشرهم محتوى تحريضيا ضده، وتوجيه لوائح اتهام لبعضهم، ما يعني أن
هذا التحريض له تأثير من خلال الضغط على لوحة المفاتيح، ويخلق تأثيرًا كبيرًا
للغاية، ورغم ما تبذله وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية من جهود دعائية لتزوير
الحقيقة، لكن الحدث الحقيقي يجد طريقه للنشر على شبكات التواصل الاجتماعي.
يستحضر الإسرائيليون ما تشهده منصات
تيك توك وفيسبوك وإنستغرام، باعتبارها الوحيدة التي تكشف عن حقيقة الحالة المزاجية
في المسجد الأقصى لتوضيح الرواية الموجودة في تلك اللحظة، ولذلك تكشف هذه
الاعترافات الإسرائيلية أن الاحتجاجات الفلسطينية في الأقصى، وعجز الاحتلال
أمامها، يدفع محافله الأمنية والعسكرية لإبداء انزعاجها من ما حققه الفلسطينيون من
إنجازات في المواجهة الدائرة ضده، وفيما يلعق هو جراحه، فإن الفلسطينيين يحتفلون
بالنصر، عقب تعبئة الشارع المقدسي لرفع أعلام فلسطين على الأقصى وقبة الصخرة.