تراجع
الدينار التونسي إلى أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل
اليورو، مع تعمق الأزمة
الاقتصادية التي تعيشها تونس، والمتأثرة بالاحتقان السياسي الذي تعرفه البلاد منذ احتكار الرئيس قيس سعيّد لكل السلطات في 25 تموز/ يوليو 2021.
وعلى مدار الخميس والجمعة، تراجع الدينار التونسي إلى 3.47 دنانير لليورو الواحد، وهو أمر غير مسبوق منذ عام 2000 عندما تم تداول
العملة الأوروبية في تونس للمرة الأولى، قبل أن يستقر عند 3.35 دنانير لليورو الواحد، السبت، بحسب البنك المركزي.
ويأتي تراجع العملة في الوقت الذي تعاني فيه تونس من أزمة اقتصادية في ظل تعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار على مدى 4 سنوات، لتجاوز أزمتها الاقتصادية.
وبحسب آخر تحديث للمعهد الوطني للإحصاء (رسمي)، فإن معدل التضخم السنوي في تونس ارتفع من 10.2 بالمئة في كانون الثاني/ يناير الماضي إلى 10.4 بالمئة في شباط/ فبراير الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ 30 عاما.
ويعزى ارتفاع التضخم لعدة عوامل، من بينها نقص السلع الأساسية وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة والنقل.
وكان البنك المركزي التونسي رفع سعر الفائدة الرئيسي 75 نقطة أساس في كانون الأول/ ديسمبر الماضي من 7.25 إلى 8 بالمئة لمكافحة التضخم المرتفع.
وقال محافظ البنك المركزي التونسي في شباط/ فبراير الماضي إن تقديرات البنك تظهر أن التضخم هذا العام سيرتفع إلى 11 بالمئة مقارنة بنحو 8 بالمئة في العام الماضي.
وتشهد تونس أزمة اقتصادية غير مسبوقة زاد من حدتها ارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية، إلى جانب تداعيات حرب روسيا على أوكرانيا، وكذلك الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ 25 تموز/ يوليو 2021.
وتم تداول اليورو للمرة الأولى في تونس عام 2000 بـ1.26330 دينار لليورو الواحد، قبل أن تشهد العملة المحلية أول انخفاض ملحوظ مع بداية ثورة 2011، حيث تم تداول اليورو بـ1.8972 دينار في ذلك الوقت.
ثم بدأ الدينار التونسي رحلة النزول مقابل اليورو، حيث بلغ اليورو 1.9582 دينار قبل أن يرتفع تدريجيا ليتجاوز دينارين عام 2013، ثم ارتفع إلى 3.1272 في 2018، فيما ارتفع اليورو إلى 3.2854 دنانير في بداية عام 2019.
ويعود الاتجاه التصاعدي لليورو مقابل الدينار المسجل في 2018 إلى تصريحات وزيرة المالية لمياء الزريبي، في تلك الفترة، التي تحدثت في 2017 عن تعويم محتمل للعملة المحلية.
على الرغم من الانخفاض الحر في السنوات الأخيرة، فإن سعر صرف الدينار حافظ على نفس المستوى منذ عام 2020، قبل أن يتراجع إلى 3.47 دنانير تونسية لليورو الواحد.
وقال الخبير الاقتصادي يوسف المازني إن الدينار التونسي شهد تراجعا حرا مقابل اليورو في السنوات الأخيرة، خاصة منذ عام 2016.
وجاء ذلك نتيجة التزام البنك المركزي التونسي بتوصيات صندوق النقد الدولي بشأن السياسة النقدية الدولية، والتي تتكون من تعويم الدينار، أي إخضاعه لحكم العرض والطلب دون تدخل، بحسب الخبير.
كما سلط المازني الضوء على عدم التوازن في الميزان التجاري بين تونس والاتحاد الأوروبي مما أدى إلى تراجع الدينار حسب تصريحه لـ"
عربي21".
وردا على سؤال حول الأساليب التي يمكن أن توفر الدينار، قال المازني إنه "يجب دعم الانسيابية في خصوص العرض ودعم الصادرات من بين أهم الحلول، أي إزالة جميع العوائق والقيود، ولا سيما منح التخفيضات الضريبية للمصدرين".
وبحسب الخبير، يجب على الحكومة التونسية أيضًا دعم المنتجات الوطنية والاستهلاك المحلي لتحسين الطلب على الدينار التونسي.