سلطت صحيفة إسرائيلية الضوء على "
حرب المستقبل"، التي من المتوقع أن تستخدم الذكاء الصناعي، بما يساهم في إحداث تغيير لافت في ميدان المعركة في المستقبل.
وأوضحت "
إسرائيل اليوم" العبرية في تقرير أعده أوري باركوفيتش بعنوان "حرب
الجيل الخامس"، أن "السعودية شهدت في 2019 إحدى الهجمات الأكثر أهمية؛ أسراب من الحوامات ترافقها صواريخ جوالة أطلقتها جماعة الحوثي في اليمن بإسناد
إيراني، أضرت بشدة بـ19 نقطة في مصافي شركة النفط الوطنية "أرامكو" وعطلتها".
وأضافت: "رغم عدم وجود ضحايا، لكن موجات صدى الهجمة شعر بها العالم كله؛ حيث تشوش توريد النفط العالمي، الأسعار ارتفعت"، منوهة إلى أن "القدرة على تنفيذ هجمة مركبة بهذا القدر وبكلفة متدنية والتسبب بضرر ذي مغزى، كشفت عمق تأثير الثورة
التكنولوجية على خرق ميزان القوى في المنطقة".
ثغرة تكنولوجية
ورأى العقيد عومر سبير، رئيس دائرة "
شيلوح" في شعبة التخطيط بهيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن "الحكمة تقتضي أن نسأل: ما الذي سيوجد لدى إيران بعد عقد من الزمان؟"، منوها إلى أن "دائرة "شيلوح" أسست لأجل السماح للجيش بالتخطيط لسنوات إلى الأمام، بحيث يتمكن من ضمان استمرار تفوقه".
وقال لـ"إسرائيل اليوم": "في معركة الأدمغة التي نديرها تجاه الإيرانيين، الهدف؛ أن نشخص إلى أين يسيرون؟ ما هو مفهوم الأمن لديهم؟ وكيف يرون إسرائيل ويرون نقاط ضعفها؟"، مضيفا: "في لحظة واحدة، مواضع ضعفنا؛ أن للإيرانيين ولفروعهم في لبنان وغزة، يوجد مخزون هائل من الصواريخ، بينما ليس لإسرائيل غلاف دفاعي مغلق لسيناريو "يوم الدين".
ونبه بأن "تطوير وإنتاج الصواريخ في مستوى يمثل تهديدا حقيقيا هو أمر غير بسيط، من جانبنا، سلاح الليزر زهيد الثمن جدا ومحطم للتفكير الجامد، وهذا صحيح في عدة أمور أخرى، إذا كنت تعرف أن الطرف الآخر يطور قدرات ذكاء اصطناعي، يمكنك أن تستخدم هذا ضده، وكل طرف يطور قدرات سايبر يخلق أيضا ثغرة، وعلى كل تفوق تكنولوجي ينتجه الطرف الآخر، فهو ينتج نقيصة تكنولوجية".
وأضاف سبير: "لكن يمكن لهذا أن يحدث ضررا كبيرا قبل أن ننشر منظومة ليزر، وحتى لو دمرنا 95 في المئة من قدراتهم، لعله لأجل إحداث ضرر كبير عندنا يكفي فقط 5 في المئة من قدراتهم"، منوها بأنه "لأجل خلق تهديد كبير، لا يكون الأمر بهذه البساطة".
وردا على سؤال: "هذا قد يكون صحيحا بالنسبة للصواريخ، لكن ماذا عن تهديد الحوامات؟"، أجاب العقيد: "إسرائيل أقامت جسما يتصدى لتهديد الحوامات في ميدان المعركة قبل ست سنوات في سياق حماس وحزب الله، والحوامات ليست تهديدا استراتيجيا، بل تهديد تكتيكي".
حدث يغير العالم
وعن حدود انشغال دائرة "شيلوح"، في ظل الحديث عن حرب الجيل الرابع والجيل الخامس، نوه إلى أن "الحرب، حتى في الأيام العادية، والتي تتضمن الأمن الجاري وكذا "المعركة بين المعارك"، هي حدث ليس لها حقا حدود محددة، لا في مجال القتال ولا في الأدوات، ولا يوجد مجال قتال لا يعمل فيه الجيش الإسرائيلي؛ في الدفاع، جمع المعلومات، وفي الهجوم، توجد أجسام في الجيش مسؤولة عن إدارة القتال في المستويات الرقيقة التي ليست مادية، لكن واجب عليها أن تبقى في السر".
ولفت العقيد إلى أن دخول الصين وروسيا وتعاونهما مع إيران، وتأثير ذلك على الميزان الإقليمي، "يسرع سياقات التعلم في الطرف الآخر، نحن نفهم أنه يوجد هنا احتمال للتسريع في معركة الأدمغة، ما يفترض بها أن نطور نمط تفكير ومنهاجيات جديدة على كيفية تسريعنا لمسيرة تعلمنا".
وأضاف: "أنا قلق أكثر من التقدم التكنولوجي في المجال المدني، حيث وتيرة التطور التكنولوجي، وحتى الصين وروسيا وأمريكا يجدون صعوبة في الوقوف أمامه، أقمار الاتصال التابعة لـ"ستارلينك" (أطلقتها شركة "سبيس إكس" التابعة للملياردير إيلون ماسك) مقلقة في نظري أكثر من الصينيين أو الروس، وفي النهاية هذه معركة تدور في الأكاديمية وفي ميدان القتال".
وذكر أنه "عندما تتشاور مع خبير مضمون، وتسأله عن تحديات الإيرانيين في العشرين سنة القادمة، يمكن أن تتفق معه أو تعتقد أنه يقول ترهات، لكن هذا يعطيك زاوية نظر أخرى؛ فالذكاء الصناعي وأساسا التوليدي مثل "GPT"، هو حدث كفيل بأن يغير العالم، فربط العالم البيولوجي في صالح العالم العملياتي والتكنولوجي من خلال "بيولوجيا صناعية"؛ يمكنها أن تأخذ الطبيعة وتحاكيها، عندما تقلد مستشعرات الفراشات، يمكنك أن تشخص الروائح بشكل أكثر بكثير حتى من الكلاب، وهناك دائرة تسمى "مدت" تعنى ببحوث تطوير وسائل قتالية وبنى تكنولوجية في وزارة الأمن، وتوجد مشاريع قيد البحث والتطوير ستغير العالم مثل أسلحة الطاقة؛ فالليزر هو مثال واحد فقط".
وحول المزاعم أنه ليست دوما كل التجديدات التكنولوجية تنتقل لعموم الوحدات الميدانية، أشار الضابط الإسرائيلي إلى أن "بعض التغييرات التي يمر بها الجيش هي لتسريع سياقات التطوير، فمثلا؛ تطوير سرب مسيرات يستغرق وقتا طويلا جدا، ولهذا نحن نقول: تعالوا نأتي بمسيرات مع قدرات جزئية، وفي إطار ميدان المعركة نطور نظريات قتال ونؤثر على التطوير، وهذا يحقق نتائج مهنية بوتيرة أسرع، ويساعد على نقله إلى الميدان".