تناول "معهد أنقرة للدراسات السياسية والأزمات"، كيفية تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على
نفقات الدفاع لدول حلف شمال الأطلسي "
الناتو"، إذ تعتبر الميزانية التي
تخصص للنفقات الدفاعية، القضية الرئيسية لدى الدول الأعضاء في الحلف.
ووافق
وزراء دفاع "الناتو" في عام 2006 على تخصيص ما لا يقل عن 2 بالمئة من
الناتج المحلي الإجمالي لنفقات الدفاع من أجل الاستمرار في ضمان الاستعداد العسكري
للحلف.
وقال
المعهد في
تقرير ترجمته "عربي21"، إن هذا الوضع يؤدي إلى خلافات بين بعض
الدول الأوروبية وأمريكا، لأن الأخيرة هي الدولة الأكبر في تحمل ميزانية الدفاع
بين الدول الأعضاء في الحلف، وتريد من الدول الأوروبية الفاعلة زيادة مساهمتها في
تلبية الاحتياجات العسكرية للحلف من الناحية المالية.
وأشار
إلى أن الولايات المتحدة خلال فترة رئاسة دونالد ترامب، مارست ضغوطًا على بعض دول
الناتو لزيادة إنفاقها العسكري إلى 2 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي.
وأدت
الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في 24 شباط/ فبراير 2022، إلى قيام عدة دول
من أعضاء الناتو بزيادة نفقاتها الدفاعية إلى 2 بالمئة.
وحاليًا
ومن بين 31 دولة عضو في الناتو - واعتبارًا من عام 2022 - أنفقت سبع دول فقط 2
بالمئة أو أكثر من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وهي أمريكا واليونان
وإنجلترا وبولندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا، فيما لم تتمكن أكبر اقتصادات
أوروبا، مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، من تحقيق هدف 2 بالمئة، وهو ما أثار مناقشات
مفادها أن دول الناتو كانت غير قادرة عسكريًا قبل تدخل
روسيا في أوكرانيا.
وبين
الموقع أن تحقيق اليونان نسبة 2 بالمئة يندرج في إطار مساعي أثنيا العسكرية، فيما
تحاول أمريكا وبريطانيا الوصول إلى هذا المعدل بانتظام لأنه يتعلق بالرؤية
الاستراتيجية لدورهما في الناتو.
ورأى
أن تحقيق بولنا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا نسبة 2 بالمئة، متعلق بمخاوف تلك الدول
من روسيا، لأنها ترى نفسها في مرمى التهديد الروسي؛ فدول البلطيق - إستونيا
ولاتفيا وليتوانيا - ترى روسيا المهدد الأكبر لها، فيما تعتبر بولندا نفسها مركز
معاداة روسيا في الجغرافيا السياسية لأوروبا الشرقية.
وأشار
الموقع إلى أن هذا يعني أن الحرب الأوكرانية أدت إلى تغييرات كبيرة في النموذج
الأمني لبولندا مثلا، حيث أعلنت أنها ستزيد إنفاقها الدفاعي إلى 4 بالمئة وهو قد
يسبب ضغوطًا على أعضاء الناتو الذين يصرون على إنفاق 2 بالمئة من ناتجهم المحلي
الإجمالي على الدفاع.
وأفاد
الموقع بأن ألمانيا، وهي أغنى دولة في الاتحاد الأوروبي اقتصاديًّا، أصرت على عدم
إنفاق 2 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع لسنوات عديدة. ومع ذلك؛ فقد تراجعت مع الحرب في أوكرانيا حيث أعلنت برلين - بعد بدء الحرب - عن خطة إنفاق
عسكري بقيمة 100 مليار يورو، ثم في كانون الأول/ ديسمبر 2022، أعلنت برلين أنها
ستحاول تحقيق هدف الناتو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2 بالمئة بحلول عام 2025،
وهو ما يعتبر تحولًا كبيرًا كون ألمانيا قبل الحرب واحدة من الدول الأوروبية التي
كانت تربطها علاقات وثيقة مع روسيا.
وبين
الموقع أنه برغم مطالبة الناتو للدول الاقتصادية الأقوى أوروبيَّا - إيطاليا
وفرنسا وألمانيا - بتخصيص 2 بالمئة من ناتجها المحلي للدفاع قبل الحرب؛ لكن الظروف
الحالية في العالم أظهرت اختلافًا كبيرًا أجبر تلك الدول على التجاوب مع تلك
المطالبات، رغم أنه لن يكون هناك ما يعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل الحرب.