نشرت صحيفة "
لوفيغارو" الفرنسية تقريرًا تحدثت فيه عن رجل الأعمال الأمريكي من أصول هندية الذي رشّحه البيت الأبيض بدعم من باريس لقيادة
البنك الدولي من أجل إدارة أزمة
المناخ.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رجل الأعمال الأمريكي الهندي البالغ من العمر 63 عامًا هو مرشّح البيت الأبيض لإدارة البنك الدولي دون أن يكون له منافس، ومن المنتظر أن تصوّت على ترشيحه الدول المساهمة خلال اجتماع الربيع في واشنطن. ومن المتوقع أن يتولى مهامه في حزيران/ يونيو، أي قبل انتهاء ولاية سلفه الذي أعلن استقالته المبكرة قبل بضعة أشهر.
وذكرت الصحيفة أن الاتفاقية الضمنيّة التي تنظم تعيين رئيس البنك الدولي منذ إنشائه في سنة 1944 تنص على احتفاظ الولايات المتحدة - أكبر مساهم بها - بالسيطرة من خلال تعيين رئيس أمريكي عندما يكون رئيس صندوق النقد الدولي أوروبيًا. لكن هذه الهيمنة الغربية تواجه تحديات متزايدة من قبل الصين والهند والبرازيل وحتى روسيا. ومن خلال تعيين أجاي بانجا، الذي وُلد ودرس في الهند، قامت إدارة بايدن بإيماءة تجاه الدول الناشئة بينما تضمن في نفس وجود مرشح قادر على تغيير البنك الدولي كما يحلو لها.
وأضافت الصحيفة أن أجاي بانجا يشغل حاليا منصب نائب رئيس مجلس إدارة "جنرال أتلانتيك" الاستثمارية، وقضى أكثر من عشر سنوات على رأس شركة "ماستر كارد" التي ضاعف أرباحها أربع مرات، وعمل سابقًا في بنك "سيتي غروب" حيث إنه طور من بين أمور أخرى آليات الإقراض الأصغر.
تخصيص 200 مليار دولار لقضايا المناخ
أوردت الصحيفة أن أجاي بانجا سيخلف ديفيد مالباس، الذي سيترك منصبه قبل سنة مما كان مخططا له. وقد عُرف عن الرئيس الحالي لمجموعة البنك الدولي، الذي عيّنه ترامب في سنة 2019، تشكيكه في قضايا المناخ. وقد فقد ثقة المساهمين الرئيسيين في هذه المؤسسة الدولية عندما قال إنه "ليس خبيرا" لتبرير رفضه الإجابة عن سؤال تعلق بمدى مساهمة الإنسان في تغير المناخ. ومنذ ذلك الحين، أدرك أنه لن يكون قادرًا على إحداث الإصلاحات التي تضغط دول مجموعة السبع من أجل تنفيذها، لذلك فإنه لم يتمسك بمنصبه.
لكن أجاي بانجا ليس خبيرًا بدوره في إدارة قضايا المناخ، لذلك فقد أثار تعيينه استياء المدافعين عن المناخ على غرار الفرع الأمريكي لـ"منظمة السلام الأخضر"، لكن لديه إنجازات تتحدث عنه في هذا المجال. ففي سنة 2020 أنشأت ماستر كارد تحت قيادته تحالف "برايسلس بلانت"، الذي يضم مجموعة من الشركات التي تستثمر في مشاريع الحفاظ على البيئة. وحيال تغير المناخ قال: "مهما كانت هويتك أو نشاطك، فإن تغير المناخ يؤثر عليك، ويطال التأثير الأكبر من هم في وضع اقتصادي واجتماعي هش".
تعدد التحديات
أشارت الصحيفة إلى أن البنك الدولي، الذي يضم 189 دولة عضوًا، بات أكثر أهمية من أي وقت مضى في ظل تعدد الأزمات التي يشهدها العالم حاليا. وتقدم هذه المؤسسة الدولية قروضا للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل من أجل تمويل المشاريع الاجتماعية والبنية التحتية والحوكمة، وهدفها الأساسي حتى الآن "القضاء على الفقر المدقع في العالم". لكن بحسب المدير العام للعمليات بالبنك الدولي أكسل فان تروتسنبرغ فإن "التحديات عديدة وهائلة ويجب علينا الترفيع في سقف طموحنا والتزامنا".
وفي ما يتعلق بقضايا المناخ، فقد اتخذ البنك الدولي قرار "مواءمة" جميع عمليات التمويل مع أهداف المناخ والإعلان عن استثمار 200 مليار دولار من 2021 إلى 2025. لكن وفقا لمعهد اقتصاديات المناخ (I4CE)، فإن البنك الدولي ليس أكثر التزامًا من المؤسسات المالية العامة أو الخاصة الأخرى بقضايا المناخ. ومن جهتها، تدعو رئيسة وزراء دولة جزيرة بربادوس ميا موتلي، التي تعتبر دولتها مهددة بارتفاع مستوى المحيطات، إلى توفير "تريليونات الدولارات" لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في جميع أنحاء العالم.
الاستعانة بالقطاع الخاص
وفي ظل تفاقم ظاهرة تغير المناخ وتزايد عدم المساواة وارتفاع التضخم، فإن الديون غير المستدامة لبعض البلدان وخطر حدوث أزمة غذائية تزيد الضغوط من أجل إصلاح النظام المالي الدولي. وتنص "خارطة الطريق للتطور"، التي أعدها الرئيس الحالي للبنك الدولي ردًا على الانتقادات المتزايدة لعجزه عن مواجهة تحديات عصرنا، على اتخاذ تدابير مختلفة بينما يمكن للمساهمين في البنك الدولي إضافة مكافحة تغير المناخ رسميًا إلى صلاحياته.
نقلت الصحيفة عن وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين أن إصلاح البنك الدولي سيسمح له بمنح قروض إضافية بقيمة 50 مليار دولار للدول التي هي بحاجة إليها على مدى عشر سنوات، مشيرة إلى أن ذلك سيمثل "زيادة بنسبة 20 بالمئة في مستوى الإقراض المستديم للبنك الدولي لإعادة الإعمار والتنمية"، المتفرع عن البنك الدولي.
وحسب أجاي بانجا فإنه "لا يوجد تمويل كاف من دون القطاع الخاص". ويعتزم البنك الدولي "خلق قنوات التمويل اللازمة" من خلال تطوير مشاريع مشتركة مع بنوك الاستثمار الإقليمية ورأس المال الوطني والقطاع الخاص. ويجب عليه أيضًا إنشاء سوق أوراق مالية عالية الجودة تجذب المستثمرين المؤسسيين، وذلك بحسب ما يقترحه رئيس المؤسسة الدولية المنتهية ولايته. وبحسب البنك الدولي فإن من الضروري "تحسين بيئة الأعمال إذا أردنا الاستنجاد بالقطاع الخاص".
وذكرت الصحيفة أن هذا التطور لن يلقى استحسان الحركات المناهضة للعولمة التي تتهم البنك الدولي بالاستجابة لمطالب الشركات متعددة الجنسيات على حساب السكان المحليين. لكن وفقًا للبنك الدولي، فإن الدول النامية تحتاج إلى 2.4 تريليون دولار سنويًا لتغطية النفقات المتعلقة بمجابهة تأثيرات الاحتباس الحراري والصراعات والأوبئة.
ومن جهتها، تتطلع فرنسا إلى دفع الإصلاحات من خلال استضافة قمة من أجل "اتفاقية مالية جديدة" في 23 حزيران/ يونيو. ومن المقرر الإعلان عن فعاليات أخرى بحلول نهاية السنة خلال الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في المغرب أو خلال اجتماعات مجموعة العشرين.