أقرت صحيفة
الغارديان البريطانية، بأن تأسيس الصحيفة كان مرتبطا بشكل مباشر في تاريخ
العبودية للسود عبر المحيط الأطلسي، وذلك بعد إجراء برنامج بحثي داخل الصحيفة استمر نحو عقد من الزمن.
وأسست "الغارديان" بعد عامين من مذبحة "بيترلو" في مدينة مانشستر عام 1819، والتي راح ضحيتها نحو 700 شخص من العمال البريطانيين المطالبين بإصلاحات في نظام التمثيل النيابي.
وتقدمت الصحيفة عبر المؤسسة المالكة للصحيفة ذي سكوت ترست ليمتد، باعتذار عن دور مؤسسها جون إدوارد تايلور ومموليه التسعة بالعبودية.
وأظهرت نتائج البحث أن رأس مال تأسيس الصحيفة التي تبنت أيديولوجية عمالية وليبرالية ويسارية، وحملت قضايا الطبقات المهمشة والفقيرة، مرتبط بعائدات اقتصاد الرق، بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأوضح البحث أن مصدر تمويل رجل الأعمال البريطاني جون إدوارد تايلور خلال تأسيس الصحيفة، وفر أدلة قاطعة على أن قسطا كبيرا من تمويل "الغارديان" جاء من أموال العبودية.
وحصل مؤسس الصحيفة على تمويل من 11 شخصا، اثنان منهم كانا شريكين في "تايلور وشركاه"، وتسعة كانوا منخرطين في تجارة البضائع الواردة من مزارع العبيد، وواحد منهم، واسمه السير جورج فيليبس، امتلك مزرعة للرق في جامايكا.
وتعهدت الشركة باستثمار 10 ملايين جنيه إسترليني (حوالي 12.3 مليون دولار) إلى جانب بضعة ملايين أخرى تم تخصيصها لدعم المجتمعات التي عانت من دور مؤسسي "الغارديان" في القرن التاسع عشر.
وكان المشروع البحثي الأكاديمي قد انطلق في عام 2020 للبحث في أي روابط تاريخية لجون إدوارد تايلور، الصحفي وتاجر
القطن الذي أسس الصحيفة عام 1821، ومعه تجار من مانشستر ساعدوه في تمويل مشروع الصحيفة؛ بالعبودية.
وتوصل الباحثون إلى علاقة تايلور وشركائه بمزارع القطن في جزر سي آيلاند (جُزر البحر) في المحيط الأطلسي، قرب شواطئ ساوث كارولاينا وجورجيا في الولايات المتحدة، بعدما عثر الباحثون على دفتر فواتير تثبت شراءهم القطن من هذه المناطق. وتتضمن الفواتير أسماء مالكي مزارع القطن ومالكي العبيد.
وألغيت العبودية في
بريطانيا عام 1807 بعد أن كانت المملكة أحد المراكز المهمة لاقتصاد العبيد في ما يعرف بـ"التجارة الثلاثية العابرة للأطلسي".
وكان إلغاء العبودية يعني رسميا تحرير 800 ألف من الرقيق الأفارقة الذين اعتبُروا، قانونا، ملكية شرعية لأسيادهم، ثم كان على الحكومة أن تعوض هؤلاء عن خسارتهم عام 2015.
وبلغ حجم التعويض الذي رصدته الحكومة نحو 20 مليون جنيه إسترليني، (ما يعادل 17 مليار دولار تقريبا في الوقت الحالي)، لفائدة نحو 46 ألف "سيد" أبيض.
وتدفقت عائدات الرق إلى الأراضي البريطانية، قادمة من الولايات المتحدة والكارايبي، في شكل سلع أهمها القطن.
ويصف الاعتذار ما جرى بأنه "جريمة ضد الإنسانية". وإلى جانب الاعتذار من المجتمعات التي حددها البحث باعتبارها متأثرة بالعبودية من جانب مؤسسي الغارديان، وأحفاد الناجين، فإن مالكي الصحيفة الحاليين تقدموا باعتذار بسبب الإصدارات الأولى من الصحيفة التي دعمت صناعة القطن، وبالتالي استغلال الأشخاص المستعبَدين.
وكجزء من الاعتذار، ستدعم الصحيفة مشاريع في مناطق لإثنية جولاه جيشي (وسط أفريقيا) التي تأثرت بالعبودية المرتبطة بتجارة مؤسسي الصحيفة، وكذلك في جامايكا، على مدى السنوات العشر القادمة.
كما يتضمن البرنامج الذي ستموله الصحيفة أربعة جوانب: زيادة الوعي بقضية العبودية عبر الأطلسي وما خلّفته من آثار، والتنوع في الإعلام، وإجراء المزيد من الأبحاث الأكاديمية، وزيادة التركيز على القضية في تقارير الغارديان.
وعلى الرغم من محاولات بريطانيا إبعاد نفسها عن تاريخ العبودية، لكن حتى الآن لا تزال الوثائق تظهر حجم انخراط المجتمع البريطاني في تجارة العبيد وراء البحار.
وأعلنت الصحيفة عن إنشاء 12 وظيفية صحفية جديدة لديها لتحسين التغطية الصحفية التي تستهدف الجمهور من السود، إضافة إلى برامج لتأهيل الصحفيين السود.