تتواصل
التحذيرات
الإسرائيلية من تراجع مسار
التطبيع مع الدول
العربية، سواء بسبب التشريعات
القانونية المتطرفة، أو تعميق تحركات ضمّ الضفة الغربية، وتصاعد الاحتكاك مع الفلسطينيين، ما يسهم بدوره في سيولة الأحداث الدبلوماسية، وتآكل مصداقية دولة الاحتلال، الأمر
الذي سيجعل من غير المستغرب أن يتوقف قطار التطبيع.
ومعلوم أنه حتى وقت قريب بدا موقف الاحتلال في المنطقة أفضل من أي وقت مضى، فقد عززت تعاونها
الأمني مع مصر، واتفقت معها على توريد الغاز، ووقعت شركة لإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط؛
وأعادت العلاقات مع الأردن، وجدّدت العلاقة السياسية بمستويات عالية، فيما تبادلت السفراء
مع تركيا، وجاءت الذروة بتوقيع اتفاقيات التطبيع مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين
والمغرب، ما أدى إلى تعاون مكثف معها في الاقتصاد والتجارة والأمن والطاقة والسياحة.
إيلي
فودة وروعي كيبريك الباحثان بمعهد ميتافيم للدراسات الإقليمية قالا إن "هذه التعاون
التطبيعي تضمن المشاريع التجارية والتبادلات الثقافية والرياضية، وأدت هذه التطورات
لاندماج إسرائيل في المناورات العسكرية الإقليمية في إطار القيادة المركزية الأمريكية،
وإنشاء منتدى النقب بمشاركة الولايات المتحدة والإمارات والبحرين والمغرب ومصر التي
وضعت تأسيس نشاط إقليمي بين أعضاء المنتدى في مختلف المجالات المدنية".
وأضافا
في مقال مشترك نشرته "القناة 12"، وترجمته "عربي21" أن "مسار
التطبيع وصل لتوقيع اتفاقية مع السودان، وتمثل الهدف التالي في السياسة الإقليمية بالتطبيع
مع السعودية، ورغم ذلك فإنه بعد توقيع اتفاقات التطبيع لم يتم إحراز تقدم كبير لحلّ
القضية الفلسطينية، عقب تشكيل الحكومة اليمينية الجديدة بقيادة بنيامين نتنياهو التي
بدأت بتصعيد الاستفزازات في المسجد الأقصى، وزيادة عنف المستوطنين، والتصريحات العنصرية
للوزراء، وإلغاء قانون فك الارتباط، وكلها خطوات تضرّ بعلاقات إسرائيل بدول المنطقة".
وأوضحا
أن "تعثر التطبيع تمثل في إلغاء الإمارات زيارة نتنياهو، وإدانة أنشطة الاحتلال
الاستفزازية بالضفة الغربية؛ وقدمت مساعدات مالية لسكان حوارة بعد هجوم المستوطنين؛
وأوقفت وصول الإسرائيليين وأي وفود يهودية إليها، وأوقفت صفقات مشتريات دفاعية، فيما
أرجأ المغرب زيارات وزراء إسرائيليين؛ وأجل لموعد غير معروف منتدى النقب؛ وأعرب عن
قلقه بشأن التصريحات التحريضية الإسرائيلية، فيما أدان الأردن تصريحات سموتريتش، واستدعى
سفير الاحتلال لتوبيخه، ودعا البرلمان لطرده، وهو ما فعلته السعودية أيضا".
وأشارا
إلى أن "هذه مجرد أمثلة على مجموعة أوسع من الردود الإقليمية على التحركات الإسرائيلية، ما يؤكد أن الدول العربية تمارس ضغوطا لكبح جماح مسار التطبيع، وهو ما من شأنه الإضرار
بالعلاقات مع إسرائيل، وموقعها في المنطقة، لأن هذه الدول تخشى أن استمرار التطبيع
سيؤدي لتقويض شرعيتها، وهي ليست قوية في ظل صعوباتها الاقتصادية في الداخل بعد الربيع
العربي، والغزو الروسي لأوكرانيا".
وأضافا
أنه "في الوقت الذي يروج فيه مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية لاتفاقيات مع
الأردن ومصر والفلسطينيين والولايات المتحدة في العقبة وشرم الشيخ لمنع تصاعد التوتر،
فإن وزراء الحكومة يعملون عن وعي لانتهاك هذه التفاهمات، خاصة أن بعض الإجراءات والتصريحات
المختلفة مخالفة لروح اتفاقيات التطبيع، أما إلغاء قانون فك الارتباط فيشكل انتهاكًا
لالتزام إسرائيل تجاه الولايات المتحدة، فضلا عن تقويض تصور دول المنطقة بأن الطريق
إلى واشنطن يمر عبر تل أبيب".
الخلاصة
الإسرائيلية أن فرصة الترويج للتطبيع مع السعودية تتلاشى، بعد إدراكها أن مطالبها المتعلقة
بالضمانات الأمنية الأمريكية، والاتفاق على تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية،
لن تقبلها الولايات المتحدة وإسرائيل، لذلك فإنها اختارت تأمين جناحها الشرقي بتجديد العلاقات
مع إيران من جهة، ومن جهة أخرى بجانب السياسة الإسرائيلية المتشددة، فقد أزيلت في الوقت
الحالي من إمكانية التطبيع مع الاحتلال.
في الوقت
ذاته، فإن احتمالية انفجار شهر رمضان على خلفية التصعيد الإسرائيلي، سيؤدي لتفاقم العلاقات
الإسرائيلية مع دول الجوار، لأنه بجانب الإدانات والتوبيخ، يمكن للدول العربية تكثيف
المقاطعة ضد الاحتلال، واستدعاء سفرائها، وربما إذا وصلت الأمور لأقصى الحدود كما حدث
في الانتفاضة الثانية، وتعليق أو قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الاحتلال، وقد تجد تل
أبيب نفسها معزولة مرة أخرى في المنطقة بسبب سياستها غير المدروسة، التي تتعارض مع
مصالحها في المنطقة، بل إنها تقوض الاستقرار الإقليمي.