اتهمت صحيفة عبرية، حكومة الاحتلال بـ"تقدس الاستيطان" وممارسة الخداع والكذب والتضليل من خلال مصادقة الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الثانية والثالثة، على مشروع قانون "إلغاء
قانون الانفصال" في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وينص ما يسمى بـ"قانون الانفصال" الذي أخذ به زمن رئيس حكومة الاحتلال الراحل أريئيل شارون، على حظر بقاء الإسرائيليين في المناطق الفلسطينية التي تم إخلاؤها عام 2005.
خداع وتشويه الحقائق
وقالت صحيفة "
هآرتس"، في تقرير أعدته عميره هاس، إنه "بدون أي صلة بتعديل قانون الانفصال الذي تمت المصادقة عليه ليلة الاثنين-الثلاثاء الماضية، فإن مستوطنات كديم وغانيم وسانور وحومش التي تم تفكيكها في 2005، لم يتم مسحها في أي يوم من قائمة المستوطنات للمجالس الاستيطانية، إضافة إلى جميع المستوطنات في قطاع غزة، التي فككت في ذات السنة".
ونوهت إلى أن "تعديل القانون يدل على تصميم استثنائي لحركة المستوطنين التي نجحت في التغلب على قوانين واتفاقات سياسية والاستيطان في قلوب معظم الإسرائيليين"، معتبرا أن إقرار مشروع قانون "إلغاء قانون الانفصال" في الضفة الغربية وقطاع غزة، يؤكد أن "إسرائيل لم تعد دولة تقوم ببناء المستوطنات، بل هي مشروع استيطاني له كنيست ودولة".
وأشارت "هآرتس" إلى أن "أسس كثيرة في عملية الانقلاب النظامي تطورت وتحولت إلى خصائص إسرائيلية في عملية إقامة المستوطنات، منها: سرعة التخطيط في الظلام، والأكاذيب، والخدع المالية، وتشويه الحقائق، وليّ عنق القوانين القائمة لاستغلالها وخرق القانون الدولي، والتسامح من قبل الشرطة والجيش والنيابة العامة والمحاكم تجاه عنف المستوطنين، وخرق قرارات المحكمة العليا، وعلى رأس القائمة عدم الاكتراث بمواقف واحتياجات الأغلبية بواسطة إبعاد الفلسطينيين عن أي حساب، وهذا يظهر العنصرية النقية التي تعودنا عليها تحت غطاء الاعتبارات الاحصائية".
ونوهت إلى أن "المستوطنين، بمساعدة الدولة والجيش والشرطة، يمنعون بطرق كثيرة عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم، وهذا يكشف عدم الاكتراث بحقوق واحتياجات الفلسطينيين، والبصق على القانون الدولي، والخداع لتجاوز القانون، والاستخفاف بالمحكمة العليا، والتسامح المشجع على العنف".
وأفادت بأن "إسرائيل منذ 50 سنة تقريبا وهي تستخدم المستوطنات لإحباط إقامة الدولة الفلسطينية، مع تحطيم الفضاء وخلق جيوب منفصلة لحكم ذاتي فلسطيني محدود في صلاحياته وموارده من الأراضي والمياه، وهذا دائما كان رقصة تانغو؛ إسرائيل تشرع وتبادر وتخطط وتسرق الأراضي الفلسطينية وتقوم بالبناء والتوطين، والمستوطنون يسيرون بضع خطوات إلى الأمام. وهو ما يبدو خلافا للخطة الرسمية وخلافا لعدة قوانين؛ إسرائيل تغفر وتصادق بأثر رجعي وتبادر لخطط جديدة، والمستوطنون يبادرون بدورهم ويسرقون المزيد من أراضي الفلسطينيين ويتباكون في نفس الوقت، وهكذا دواليك".
شرعنة سرقة الأراضي
وبينت الصحيفة، أن "قوة المستوطنين تعاظمت بفضل الدعم والتسهيلات والتحسين الاقتصادي الاجتماعي واللامبالاة العامة للمجتمع الإسرائيلي إزاء ما يحدث خلف الخط الأخضر ودعم الدول الغربية لإسرائيل رغم معارضتها العلنية للمستوطنات".
ونوهت الصحيفة إلى أن "الانفصال نفذه رئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون، لأنه عمل حسابا للجدوى العسكرية والاقتصادية؛ حيث كان مطلوبا منه عدد أكبر من القوات العسكرية لحراسة مستوطنات القطاع والمستوطنات المعزولة في شمال الضفة الغربية، وجاء هذا الانفصال كي يوافق تماما العملية التي دفعتها إسرائيل قدما منذ 1991 والتي تتمثل بفصل الفلسطينيين عن بعضهم، وفصل سكان القطاع عن سكان الضفة. وهذه هي الوسيلة الأولى من حيث أهميتها لإحباط إقامة الدولة الفلسطينية".
وأكدت "هآرتس"، أن "إسرائيل نبهت المستوطنين، إلى أنه يمكنهم مواصلة استخدام خدعهم من أجل العودة والمطالبة بالملكية في الأراضي (الفلسطينية) المسروقة، حيث يتبين أن تعديل قانون الانفصال تم تطبيقه في جزء كبير منه قبل فترة طويلة من إقراره، ومن يبحث عن ذلك سيجده في العديد من المؤسسات، ومنها النيابة العامة التي شرعنت كل سرقة".
وقالت: "الدولة العميقة، قامت بحياكة الإصلاح القضائي لتخليد سلطة
اليمين الاستيطاني، وقبل كل شيء من أجل إخضاع وإبعاد أكبر الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر"، منوهة إلى أن "الوسائل التي جربتها إسرائيل والمستوطنون بنجاح ضد الفلسطينيين، تستخدم الآن في عملية الانقلاب ضد جزء كبير جدا من المجتمع الإسرائيلي، علما بأن قوات الاحتياط الذين يرفضون الخدمة ورجال الهايتك الذين يقومون بالاحتجاج، عززوا على مدى السنين نظام سرقة الأراضي".
ونبهت الصحيفة إلى أن "كبار قادة المعارضة يستمرون في التصويت مع الائتلاف على القوانين المناهضة للفلسطينيين رغم احتجاجهم على ما يسمى بخطة الإصلاح القضائي"، مبينة أن "روح تعديل قانون الانفصال سبقت حملة التشريع الخاطفة".