قالت مجلة إيكونوميست،
إن رئيس وزراء الاحتلال
الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو، يعتقد أنه من خلال بقائه في
السلطة، بأي ثمن، سيمنع وقوع كارثة في إسرائيل، وسط تعمق الفجوة بين العلمانيين والمتشديين الإسرائيليين في ما ينذر بانهيار البنية الداخلية لدولة الاحتلال.
وأوضحت في تقرير
ترجمته "عربي21"، أنه مع الرهانات العالية لنتنياهو، في البقاء بالسلطة،
والحفاظ على الأوضاع، وسط
الاحتجاجات المشتعلة فإن الحل الوسط يبدو بعيد المنال في
الوقت الحالي.
وأشارت إلى أنه مع اندفاع الائتلاف نحو
تشريعاته واكتساب الاحتجاجات زخما، تلوح الفوضى. ويحذر الاقتصاديون في إسرائيل
والخارج من ضرر طويل الأمد لثقة المستثمرين. في غضون ذلك، تتصاعد العمليات، في كل
من الضفة الغربية وشوارع القدس وتل أبيب. ومع ذلك، فإنه إذا تم استدعاء الجيش لاستعادة
الأمن، فقد يرفض الآلاف من جنود الاحتياط الحضور إلى الخدمة.
رئيس الوزراء محاصر، كما يقول أحد مساعديه
السابقين، "إنه يدرك الآن الضرر الذي يلحق بالمجتمع والاقتصاد الإسرائيليين.
لكن ائتلافه الأصولي لن يسمح له بالعودة ".
وقالت المجلة: "يشعر أولئك اليائسون من إيجاد حل وسط بأنهم يسابقون الزمن لتجنب كارثة، وهم يعتقدون أن المحكمة العليا لن
يكون أمامها خيار سوى إلغاء القوانين الجديدة إذا تم تمريرها بشكلها الحالي، ويكاد يكون من المؤكد أن الحكومة سترفض قبول مثل هذا الحكم، ما سيؤدي إلى أزمة
دستورية. غالي باهراف-ميارا، المدعية العامة، لديها أيضا سلطة تقرير أن نتنياهو الذي يحاكم بتهم الفساد التي ينفيها بشدة، غير لائق للقيام بواجباته بسبب تضارب
المصالح هذا، وفي حالة حدوث ذلك، فإنه سيتعين على الخدمة المدنية وقوات الأمن أن تقرر ما
إذا كانت ستستمر في تلقي الأوامر من نتنياهو وحكومته.
لقد أصابت الأزمة الدستورية بالفعل أجزاء من
الحكومة. رضخ مفوض الشرطة الإسرائيلية لضغوط وزير الأمن القومي المتشدد، إيتمار
بن غفير، وأقال رئيس شرطة تل أبيب، الذي اتهم بـ"التساهل" مع
المتظاهرين. وقضت المدعية العامة بأن الإبعاد كان غير مشروع، ما أدى إلى إعادته
إلى منصبه.
وقال إفرايم هاليفي، الرئيس السابق لجهاز الموساد:
"هذه مياه مجهولة. لا يمكن لقادة الأمن أن يأخذوا أوامر من رئيس وزراء يتصرف
بما يخالف السلطات القانونية. ولكن من الذي سيتلقون الأوامر منه بعد ذلك؟". وأوضح رئيس أركان الجيش، الفريق هرتسي هاليفي، أين تكمن ولاءاته النهائية. وقال في
كلمة ألقاها لقادة وحدات الاحتياط إن الجيش سوف يطيع الأوامر "مع الالتزام
بقوانين الدولة والكرامة الإنسانية، واحترام قيم دولة إسرائيل كدولة يهودية
وديمقراطية".
وأشارت المجلة إلى أن العناصر اليمينية
المتطرفة في الحكومة مصممة على إدامة هيمنة المستوطنين الإسرائيليين على
الفلسطينيين في الضفة الغربية. وقد خلق هذا معضلة للحركة المؤيدة للديمقراطية حول
ما إذا كان ينبغي أن تسلط الضوء على الصلة بين القضيتين.
وفي حين أن المتظاهرين متحمسون للمطالبة بحماية
الديمقراطية داخل إسرائيل، فإنهم يلتزمون الصمت بشكل ملحوظ عندما يتعلق الأمر
بحرمان الفلسطينيين من الحريات الأساسية في الضفة الغربية، التي احتلتها القوات
الإسرائيلية منذ عام 1967. ويشير هذا إلى انقسام آخر داخل إسرائيل: بين
"معسكر السلام" البائد، الذي يريد للفلسطينيين إقامة دولتهم الخاصة بهم،
وحركة المستوطنين اليهود، التي تعتقد أن كل الأرض الواقعة بين نهر الأردن والبحر
الأبيض المتوسط يجب أن تكون ملكا لإسرائيل.
وقلل المتظاهرون في الغالب من شأن الاحتلال،
مفضلين رسالة لحملتهم أكثر وسطية و"وطنية". وتم إحباط اليساريين الذين
شاركوا في الاحتجاجات السابقة حاملين الأعلام الفلسطينية تضامنا. وبدلا من ذلك، فقد أنشأت حركة الاحتجاج مصنعها الخاص للأعلام الإسرائيلية، وأغرقت الشوارع بها. وقال
يائير لابيد، زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق، "علم إسرائيل هو علمنا مرة
أخرى".
لكن المزاج تغير منذ أن خرج أعضاء في الائتلاف
الحاكم لدعم المستوطنين الذين هاجوا في بلدة حوارة في الضفة الغربية، وبدأ المتظاهرون
يهتفون للشرطة: "أين كنتم في حوارة؟".
وتساءلت المجلة: "كيف ستعمل الحكومة
وخصومها على حل الأزمة.. سيحدد مدى خطورة تلك الانقسامات. وفي 15 آذار/ مارس، اقترح
الرئيس إسحاق هرتسوغ، الزعيم السابق لحزب العمل، تسوية ستعطي خطته الحكومة دورا
أكبر في تعيين قضاة جدد ولكن ليس السيطرة الشاملة. فهو يحد من سلطات المحكمة ولكنه
يحافظ على الإشراف القضائي على معظم الإجراءات الحكومية ويسمح للمحكمة بإلغاء
أهلية التشريع بأغلبية الثلثين. وقد رفض تحالف نتنياهو الاقتراح".
ولفتت المجلة إلى أن الانتخابات الأخيرة أعطت الأحزاب
المتشددة نفوذا غير مسبوق في الحكومة. وطالبوا نتنياهو بالموافقة على تمرير قانون
يسمح للكنيست بإلغاء أحكام المحكمة كشرط للانضمام إلى ائتلافه. وهو ما أثار مخاوف
الإسرائيليين العلمانيين من أن يطغى عليهم الأرثوذكس المتطرفون وعززت عزمهم على
النضال من أجل استقلال المحكمة العليا قبل فوات الأوان.
وختمت بالقول: "تماسكت إسرائيل منذ
ولادتها بفضل ميثاق بين هاتين القبلتين. الغالبية العلمانية ستخدم في الجيش، وتبني
الاقتصاد وتدفع الضرائب التي تساعد في تمويل أسلوب حياة الأرثوذكس المتشددين،
الذين سيتم إعفاؤهم إلى حد كبير من الخدمة الوطنية، وفي الغالب سوف يدرسون في
المعاهد الدينية بدلا من العمل، وستحافظ
الأغلبية على شخصية إسرائيل كعلمانية وليبرالية إلى حد ما. الآن هذا العهد، أو العقد
الاجتماعي لإسرائيل آخذ في الانهيار".