تبدي الأوساط الإسرائيلية قلقا، بإمكانية تشكيل تعاون بين حركة
حماس، وحزب الله اللبناني، لتنفيذ عمليات داخل فلسطين المحتلة، بدايتها عملية
مجدو.
وما زالت الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية منشغلة بنتائج التحقيق في انفجار مجدو، خاصة طريقة تنفيذ العملية، والحقائق الظرفية التي تشير، وفق مزاعم
الاحتلال، إلى أن
حزب الله كان على الأقل شريكا معروفا في الهجوم، وربما يكون بادر به ما يشير لتغيير في استراتيجيته، التي تجنبت حتى الآن تنفيذ عمليات في عمق فلسطين المحتلة.
ويأتي هجوم مجدو، بعد سنوات شهدت تقاربا بين حزب الله وحماس في لبنان، بتشجيع من إيران، فيما تقوم قيادة حماس ببناء البنية التحتية في الضفة الغربية، وتبحث عن طرق لتحويلها إلى الساحة الرئيسية من نشاطها العسكري ضد إسرائيل، وتركيز ثقل أعمال المقاومة العنيفة فيها، على حد زعم صحيفة "يديعوت أحرنوت".
رون بن يشاي الخبير العسكري في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، زعم أن "حماس اليوم بقيادة صلاح العاروري تحاول ربط الفلسطينيين في الضفة الغربية بأربعمائة ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في مخيمات اللاجئين في لبنان، وخلق علاقة تسمح لها بالتنسيق بين الساحات الفلسطينية الثلاث في غزة والضفة ولبنان في القتال ضد إسرائيل، لكن من يسيطر على لبنان هو حزب الله، ولا بد من موافقته للعمل".
وأضاف في
مقال ترجمته "عربي21" أن "علاقة هذا الحديث بالقنبلة الجانبية في منطقة مجدو أن ملابساتها ونوعها تشير لمزيج من العناصر، بعضها نموذجي لحزب الله، لأن نوعها وطريقة تفجيرها، تشير إلى أن الحزب شريك في معرفة الهجوم، وربما بادر إليه، مما يستدعي من جيش الاحتلال اكتشافه، لأنه إذا كانت هذه الحقيقة صحيحة فهي تشير لتغيير في استراتيجية الحزب حتى الآن الذي تجنب الهجمات العميقة في إسرائيل".
وأشار إلى أنه "منذ حرب لبنان الثانية 2006، كان الحزب حذرًا من إشعال صراع مع إسرائيل، وأوضح الإيرانيون له أنه ذراعهم الطويلة في حالة اندلاع حرب شاملة معها، ويجب ألا يشتبك معها بأقل قدر ممكن، ما لم يكن ضروريًا لحماية اللبنانيين ومصالح الدولة، ولذلك يحتمل أن يكون الحزب، في ظل الأزمة الاجتماعية السياسية في إسرائيل، قرر تفعيل الصلات والتنسيق مع حماس للعمل عسكريًا ضد إسرائيل دون كشف بصماته، وهذا السبب في أن تفاصيل التحقيق والمعلومات التي تمتلكها إسرائيل حول الحادثة ذات أهمية كبيرة".
وزعم أنه "قد يكون لدى الجيش ومجتمع المخابرات بأكمله مصلحة كبيرة لتفكيك الحادثة، وفهم من تصرف، وكيف، وتحت أوامر من، والأهم كيف تمكن مسلح محمّل بالمتفجرات من التسلل من لبنان لإسرائيل من فوق الأرض أو تحتها، وإذا كان لديه مساعدون داخلها، وفي حال العثور عليهم، فقد يشير إلى أن الحزب وحماس لديهما بالفعل بنية تحتية مشتركة في الضفة الغربية، وكل هذه أسئلة تتطلب الفحص، والتأكد أولا هل قرّر الجانبان التعاون بتنفيذ الهجمات داخل إسرائيل نفسها، وكذلك في الضفة الغربية؟".
الخبير العسكري يوآف ليمور، في
مقال له بصحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، أوضح أن "محافل الاستخبارات في إسرائيل، تتفق في التقدير أن هذا العام وخاصة في شهر رمضان المقبل، ستكون السنة الأكثر تفجرا من أي وقت مضى".
وأضاف أن "أسباب ذلك متنوعة؛ موجة العمليات التي تتواصل في المناطق منذ أكثر من سنة، وهن حوكمة السلطة الفلسطينية والقطيعة بين إسرائيل وأجهزتها الأمنية، التحريض الذي لا يتوقف من جانب جملة محافل في الشبكات الاجتماعية وكذا الأزمة الداخلية العميقة في إسرائيل والتي تبعث لدى المحافل في المنطقة أفكارا تقول إنها هشة أكثر من أي وقت مضى؛ ودليل ذلك، ما قاله الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أن إسرائيل ستنهار قبل أن تحيي سنتها الـ 80".
تسخين الأجواء
وتابع بأن "زعيم حزب الله منذ حرب 2006، امتنع عن تسخين غير منضبط للحدود مع إسرائيل، ولم يشذ عن هذه السياسة إلا في الحالات القليلة التي هاجمت فيها إسرائيل في لبنان أو مست برجاله، ما تسبب بتوتر موضعي، وكانت للطرفين مصلحة في التهدئة لأجل الامتناع عن سوء تقدير كان من شأنه أن يؤدي لتصعيد، بل وإلى حرب".
ولفت إلى حزب الله أعاد خط الاستحكامات العلني إلى حدود لبنان لغرض الرقابة وإطلاق القوات، وتل أبيب احتجت على ذلك عدة مرات مؤخرا لدى القوات الدولية، وحاولت إدخال محافل دولية مختلفة، فيما حذرت من تصعيد محتمل.
وبالتوازي، "حماس سرعت في السنة الأخيرة تموضعها في لبنان، ولا سيما في مخيمات اللاجئين، ويجري هذا النشاط بقيادة صالح العاروري، الذي يسعى لتثبيت جبهة إضافية ضد إسرائيل تستخدم في حالة تصعيد في غزة أو في الضفة الغربية"، مشيرا إلى أن "نشاط حماس يتم تحت العين المفتوحة لحزب الله والتنسيق معا".
منع التصعيد
وأضاف ليمور: "من غير الواضح ما هي مصلحة نصر الله في ذلك؛ تنظيمه امتنع في السنوات الأخيرة عن تعريض لبنان للخطر أو توريطه، وإذا ما عملت حماس انطلاقا من مصالحها، فهي قد تجر حدود الشمال وحزب الله لتصعيد غير مرغوب فيه".
ونوه إلى أن "هذه السياسة للنشاطات التي تتجاوز الساحات باتت تميز حماس في السنوات الأخيرة، فالمنظمة تشجع نشطاءها في الضفة على تنفيذ العمليات، وهذا من شأنه أن يجرنا لحرب مع غزة..، واحتمال ذلك سيزداد جدا في شهر رمضان، وذلك على خلفية المدى الواسع لإخطارات العمليات".
وأفاد الخبير، أنه منذ بداية 2023 قتل 14 إسرائيليا بسبب عمليات فلسطينية، وفي بعض الحالات لم يقع قتلى بالحظ فقط، هكذا في انفجار العبوة الاثنين الماضي قرب مفترق مجدو، حيث أصيب إسرائيلي بجراح خطيرة، وهي عملية نفذت بواسطة عبوة جانبية، من النوع المعروف جيدا لإسرائيل من عهد وجود الجيش في الحزام الأمني في جنوب لبنان".
ونبه بأن "هذا التحدي متعدد الساحات، يلزم إسرائيل بسلوك متوازن ومسؤول في ظل تنسيق بالحد الأقصى مع جملة جهات منها؛ الولايات المتحدة، أوروبا والأمم المتحدة، مصر، الأردن ودول الخليج، في محاولة لمنع التصعيد".
وبين ليمور أن "هذه مهمة غير بسيطة، فيما يكون في داخل "الكابينت" السياسي الأمني محافل هي بذاتها تضعضع الاستقرار، في الوقت الذي يمزق الخلاف حول التشريعات إسرائيل من الداخل؛ ويهدد وحدتها وأهلية جيشها، وهذا من شأنه أن يحفز الأعداء على العمل".