أعلنت 97 منظمة إنسانية وإغاثية عن تدشين "التحالف الإنساني من أجل
سوريا" للتعافي من أثر
الزلزال المُدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا، وذلك في أعقاب اجتماعات عُقدت بين قادة مؤسسات إنسانية محلية سورية، وقادة مؤسسات إنسانية إقليمية ودولية، بالإضافة إلى خبراء تقنيين في العمل الإنساني من عدد من دول العالم وممثلي شبكات تنسيق إنسانية.
وقال بيان مشترك صادر عن تلك المؤسسات، إن هذه الاجتماعات -التي عُقدت خلال شهر شباط/ فبراير الماضي- قامت بدراسة "أفضل سبل العمل الجماعي للاستجابة لكارثة الزلزال بناءً على الدروس المُستفادة من التجارب السابقة".
وأضاف البيان أنه "تم الاتفاق على أهم رسائل المناصرة المطلوبة لحشد الدعم وتأمين الموارد لتلبية الاحتياجات للمتضررين وآليات العمل المشترك والتكامل مع كافة الفاعلين على المدى القصير والمتوسط، وذلك لفرض حالة استقرار مرحلية تُمهد لتدخلات أكثر استدامة أو إنعاش مبكر بعد ذلك".
إجراءات عملية
وأكد البيان على "ضرورة الانطلاق بالإجراءات العملية من أجل ضمان فترة أطول لقرار عبور الحدود، بحيث لا تقل عن عام آخر، وذلك لتمكين البرامج من الاستمرار بالعمل بجودة تخطيط أفضل ومنع هدر الموارد".
وطالب بـ "تغيير شروط المانحين في عمليات الدعم التي بقيت وكأن المسألة طبيعية ولم يحدث ما يستدعي استجابات فورية، لا سيما أن السياسات بقيت بيروقراطية ومرهونة بتوازنات وحسابات ضيقة".
ودعا إلى "تأمين مبلغ 200 مليون دولار أمريكي خلال الـ 90 يوما الأولى لسد الاحتياج الطارئ من أجل وصول المستفيدين إلى الخدمات الحافظة للحياة الصحة والغذاء والمياه والإصحاح والمأوى وترميم مخزون الطوارئ للقطاعات الطبية والانطلاق بعملية تفكيك المخيمات وإخلاء المدارس ونقل المستفيدين إلى تجمعات السكن الكريم دون تجاهل حقهم بالعودة لبيوتهم الأصلية".
وأشار البيان إلى أهمية أن "يكون للمؤسسات المحلية الحصة الأكبر في عملية التنفيذ وتلقي الدعم التقني من الشركاء، وضرورة تقديم الدعم لمؤسسات المجتمع المدني التي تضررت في منطقة الزلزال وطواقمها".
وأكد البيان على "أهمية التوثيق للمفقودين والوفيات والأملاك للسكان والضحايا والمتضررين، والانطلاق في برنامج الاستعداد والاستجابة للكوارث والأجهزة التنسيقية الخاصة به".
ونوه إلى ضرورة "الاعتماد على الكود الوطني ومعايير الحماية من الزلازل لأي أعمال إنشائية أو إيواء هندسية، مع وجود منظومة جمع وإدارة المعلومات الوطنية وممكنات اتخاذ القرار الأولية وتكون تقنية ومهنية حيادية إنسانية بحتة"، مُشدّدا على "أهمية تبادل المعلومات والتكامل الفني بين الفاعلين".
ومن بين تلك المؤسسات التي وقعت على البيان: منتدى العمل الإنساني العالمي، و"يدا بيد للإغاثة والتنمية"، و"عدالة للإغاثة والتنمية"، ومنظمة دعم المرأة، و"جبل الرحمة الإنسانية"، وجمعية معا لنبني الوطن، ومحامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان، والعدالة والتنمية المستدامة، ومؤسسة مرام للإغاثة والتنمية، وفريق ملهم التطوعي، وتكافل الشام، وبوصلة للتنمية والإبداع، ومنظمة إيلاف للإغاثة والتنمية، وفريق الإبداع الهندسي، ومنظمة "بنفسج"، والإغاثة الإنسانية، ومنتدى التطوير المجتمعي، والهيئة العالمية للإغاثة والتنمية (أنصر)، وهيئة
الإغاثة الإنسانية الدولية (IHR)، ومؤسسة زمزم، ومؤسسة حوران الإنسانية، وشبكة حماية المرأة والطفل..
خارطة طريق إنسانية
من جهته، قال رئيس منتدى العمل الإنساني العالمي، الدكتور هاني البنا، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إن "المجتمعين أكدوا على ضرورة تحييد الملف الإنساني عن أي تجاذبات سياسية، وضمان المساءلة تجاه المجتمعات المتضررة من جميع الأطراف".
وذكر أنه تم التوافق على "خارطة طريق" تجاه كارثة الزلزال، وتتضمن "تشكيل مجموعة عمل من المؤسسات الفاعلة تكون دورة عملها لعام واحد (التحالف الإنساني من أجل سوريا) تعمل على مراقبة التقدم في عملية الاستجابة بعد الزلزال والمناصرة مع الجهات الدولية والإقليمية مع القضية الإنسانية السورية لتأمين الدعم المطلوب للاستجابة بالتكامل مع الجهد الأممي والدولي".
ولفت رئيس منتدى العمل الإنساني العالمي، إلى ضرورة "الإشراف على تشكيل غرفة عمليات تقنية من أعضاء المؤسسات الفاعلة من موظفي البرامج يتبع لها مركز إدارة معلومات تتكامل مع الجهود التنسيقية الحالية، لكن تبقى بطابع وطني سوري يمكن من سهولة قراءة الوضع واتخاذ القرار".
ودعا إلى "عقد مؤتمر دولي حول سوريا يضم تقنيين وداعمين لوضع وإقرار خارطة الطريق الخاصة بالإنعاش المبكر، وحل التحديات ذات الصلة مثل الوثائق القانونية وحرية الحركة ومحدودية الموارد، وذلك بالتشارك مع المؤسسات المختلفة"، مطالبا بتشكيل صندوق لدعم مؤسسات المجتمع المدني وطواقمها.
وشدّد البنا على أهمية "وضع ميثاق العمل المحلي للاستجابة للكوارث بين المؤسسات السورية وغير السورية العاملة على الأرض، وتوزيع الأدوار، ووضع السيناريوهات والتدريبات المشتركة، وتطبيق برامج الاستعداد والاستجابة للكوارث والأدوات وبرامج بناء القدرات ذات الصلة".
وذكر أن "نقاشات قادة المؤسسات الإنسانية أوضحت أن الزلزال منعطف تاريخي في حياة الأزمة السورية سواء داخل سوريا أو تركيا، ما يتطلب منا إيجاد طرق عمل تختلف عن ما سبق، خاصة في ظل وجود تحديات إدارية وتقنية وتنسيقية وتشريعية يجب الوقوف عندها والتعامل الجاد معها من قِبل السوريين القائمين على الاستجابة".
وأشار إلى أن "الزلزال أظهر غياب ملف الاستعداد والاستجابة للكوارث من أجندة القائمين على الأزمة السورية جميعا، وهذا بدوره منع وجود أي منظومة استجابة سريعة لضحايا الزلزال، وألقت الكارثة الضوء على حقيقة أن قضايا حماية الطفل والمرأة وذوي الإعاقة لا تمثل أولوية ضمن الاستجابة الطارئة".