قالت
صحيفة
الغارديان البريطانية، إن الاعتداء الصادم من قبل المستوطنين
الإسرائيليين على بلدة
حوارة في الضفة الغربية المحتلة، بعد ساعات من انتهاء قمة العقبة التي شاركت فيها إسرائيل والسلطة
الفلسطينية، يشهد على الأخطار
المتربصة بالمنطقة.
وفي
افتتاحيتها، الثلاثاء، تابعت الصحيفة بأنه "بالكاد
يمكن للمرء أن يجد إثباتاً أشد حلكة على التحدي الذي يواجه أولئك الذين ما زالوا
يأملون في وقف العنف المتنامي داخل الضفة الغربية المحتلة. لم تلبث المحادثات التي
جرت نهاية هذا الأسبوع بين مسؤولي الأمن الإسرائيليين والفلسطينيين في الأردن أن
قوضت خلال ساعات. كانت تلك أول مفاوضات رفيعة المستوى بين الطرفين منذ سنين، والتي
جاءت لتعكس عودة متأخرة من قبل الولايات المتحدة للمشاركة، وذلك في سياق لا يبعث
على التفاؤل في وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، وسلطة فلسطينية في حالة
احتضار، وجولة من العنف المتصاعد".
ولفتت إلى أنه خلال ساعات من صدور
البيان عن القمة، "كان مئات المستوطنين يعيثون فساداً في بلدة حوارة
الفلسطينية بالحجارة وقضبان الحديد، وأطلقوا النار على رجل فلسطيني فأردوه قتيلاً،
وأصابوا المئات بجراح، وأشعلوا النيران في السيارات والممتلكات انتقاماً لمقتل
اثنين من المستوطنين الإسرائيليين على يد فلسطيني في وقت مبكر من ذلك اليوم".
وقالت الصحيفة إن عنف المستوطنين ليس
جديداً، ولا إخفاق الجيش الإسرائيلي في التدخل لوقفه. مؤكدة أنه يبدو بشكل متزايد،
أنه ليس فقط واسع الانتشار، بل ومنتظم، "ولم يلبث أن يتفاقم حتى قبل أن تستلم
هذه الحكومة زمام الأمور. إلا أن حجم وشدة هذا الاعتداء – والذي تم التنادي له
بكثافة مقدماً – وحقيقة أن أعضاء الائتلاف حرضوا عليه، يجعله حدثاً غير مسبوق".
وأشارت الافتتاحية إلى أن رئيس لجنة
الأمن القومي في الكنيست قال: "حوارة مغلقة ومحروقة – ذلك ما أود رؤيته، وتلك
هي الطريقة الوحيدة لتحقيق الردع." كما أن سموتريتش، وزير المالية، والذي
يتمتع بصلاحيات واسعة لإدارة الشؤون المدنية داخل الضفة الغربية، أبدى إعجابه
بتغريدة تقول: "يجب مسح قرية حوارة اليوم من الخارطة." (قام فيما بعد
بحذف التغريدة وأبدى تأييده لتصريح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أنه لا ينبغي
للناس "تطبيق القانون بأنفسهم" – وهو تصريح أبعد ما يكون عن التنديد
الصريح بما جرى). كثيرون في إسرائيل وصفوا الهجوم بأنه مقتلة. ومع ذلك لم يُعتقل
سوى بضعة أشخاص، ما لبثت الشرطة أن أطلقت سراحهم جميعاً.
وتابعت بأن العام المنصرم كان الأكثر
عنفا منذ الانتفاضة الثانية التي انتهت في عام 2005. ففي عام 2022 وحده، قتلت
القوات الإسرائيلية 146 فلسطينياً، بينما قتل المستوطنون أربعة. كما أودت الهجمات
التي شنها فلسطينيون بحياة 29 إسرائيلياً.
وأشارت إلى تقارير تفيد بأن الولايات
المتحدة توسطت لإبرام صفقة لخفض وتيرة الاجتياحات الإسرائيلية مع مشاركة من السلطة
الفلسطينية –التي تعتبر من قبل الكثيرين كياناً لا يزيد عن كونه مقاولاً أمنياً
لدى
الاحتلال – في حفظ الأمن. ومع ذلك شهد الأسبوع الماضي أشد اجتياحات الجيش
الإسرائيلي فتكاً منذ سنين، حيث قتلت قوات تتعقب ثلاثة من المقاومين المسلحين داخل
مدينة نابلس المحتلة أحد عشر فلسطينياً.
ألزم بيان الأحد إسرائيل بتعليق النقاش
حول إقامة وحدات
استيطانية جديدة وإضفاء الشرعية على بؤر استيطانية – إلا أن نتنياهو
غرد قائلاً: "لا يوجد ولن يكون هناك أي تجميد". وهذا جعل التعهد بالتوجه
نحو عملية سياسية أشمل من المقرر أن تفضي إلى "سلام عادل ودائم" يبدو
حتى أكثر تجوفاً.
ولفت إلى أنه عندما بدأت عملية أوسلو
في مطلع التسعينيات لم يكن يوجد في الضفة الغربية سوى بضعة آلاف من المستوطنين،
أما الآن فيقترب عددهم من نصف مليون، والعديد منهم يقومون بأدوار أساسية في هذه
الحكومة. لم يكد يمضي شهران من عام 2023 حتى تمت الموافقة على عدد أكبر من المباني
الإسرائيلية في الضفة الغربية مما تمت الموافقة عليه خلال العامين المنصرمين معاً.
ووصل التأييد لحل الدولتين إلى أدنى مستوياته على الإطلاق.
وختمت الافتتاحية بأنه "مع تلاشي الأمل، ينضم الفتيان الفلسطينيون إلى مجموعات خارج نطاق سيطرة الفصائل التقليدية،
وتتنامى ظاهرة الحصول على السلاح. ولعل اجتماع نهاية الأسبوع حفز عليه ولو جزئياً
تلك المخاوف من أن شهر رمضان، الذي يتصادف هذا العام مع عيد الفصح، قد يشهد
تصاعداً في وتيرة العنف كما حدث في السنين الماضية. لم تجن الولايات المتحدة ولا
الآخرون عائداً يذكر من الجهود المحدودة التي استثمروها. ولكن حوارة دليل مرعب، لو
كان ثمة حاجة إلى دليل، على أن هذه الحكومة ينبغي ألا تترك لتعيث في الأرض فساداً".