نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" مقالا للصحفي داود كتاب، قال فيه إن الهجوم الإسرائيلي الأخير على على مدينة جنين بالضفة الغربية والذي أسفر عن استشهاد 10
فلسطينيين، بينهم مسنة، كان بمثابة تصعيد عنيف من قبل جيش
الاحتلال في واحدة من أكثر عملياته
دموية في الضفة الغربية منذ 18 عاما على الأقل.
وأضاف كتاب في مقاله الذي ترجمته "عربي21" أن حجم العنف الذي نتج عن ذلك يعكس حقيقة بسيطة، هي أن الفلسطينيين لا يرون مستقبلا لأنفسهم، والاحتلال الإسرائيلي مستمر بلا هوادة، فيما القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية منقسمة بشدة وقد أُضعفت بشكل منهجي بسبب سياسات الاحتلال.
ولفت إلى أن "ما لا يبدو أن الإسرائيليين وغيرهم يدركونه هو أن اليأس المطلق شجع الفلسطينيين على محاربة المحتلين الإسرائيليين، ولأشهر، استيقظ الفلسطينيون كل يوم تقريبا، على جريمة قتل إسرائيلية جديدة لفلسطيني آخر، أو هدم منزل فلسطيني مبني على أرض فلسطينية".
واستشهد أكثر من 200 فلسطيني في عام 2022 في الضفة الغربية المحتلة، وهي أعلى حصيلة خلال ما يقرب من العقدين.
وبالنسبة للفلسطينيين، فإن سنوات من إهمال عملية السلام تعني أن جيلا بأكمله قد نشأ دون أمل في أن الأمور ستتغير، ففي كانون الأول/ ديسمبر، غرق عدد من الشباب في غزة، المحاصرة منذ عقد ونصف، وهم يحاولون إيجاد حياة جديدة في أوروبا.
وأدى غياب العملية السياسية - التي تفاقمت بسبب إلغاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عام 2021 للانتخابات العامة المخطط لها في الضفة الغربية، ورفض القادة الإسرائيليين للقاء نظرائهم الفلسطينيين - إلى تآكل الوضع الهش أصلا وأجبر العديد من الشباب المسلحين على أن يأخذوا زمام الأمور بأيديهم.
وشدد داود كتاب على أنه "فجأة، ظهرت مجموعات مسلحة جديدة - كثير منها غاضب من القيادة الفلسطينية - وتحاول شن هجمات ضد الإسرائيليين. لقد تحدت مجموعات تحمل أسماء مثل عرين الأسود أو كتيبة جنين، الحكمة التقليدية وبدأت في تنفيذ أعمال مقاومة مسلحة، لكن لا يبدو أن منفذ هجوم 27 كانون الثاني/ يناير (خيري علقم) الذي قتل فيه سبعة إسرائيليين بالقرب من كنيس يهودي في مستوطنة نيفي يعقوب بالقدس الشرقية المحتلة كان له صلات بأي من هذه الجماعات.
ويرى الكاتب أن هناك "طريقا واحدا واضحا يمكن أن يكون درسا للتوترات الحالية. يرغب الفلسطينيون في أن يعترف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بفلسطين، وإن كانت تحت الاحتلال. وبهذه الطريقة يمكن لفلسطين وإسرائيل التفاوض على الحدود وغيرها من القضايا بينهما".
ومع ذلك، فقد قوض الإسرائيليون حتى الجهود الفلسطينية المتواضعة في دبلوماسية الأمم المتحدة. وفي غضون ذلك، فإنه انتقاما لمحاولة فلسطينية لطلب قرار استشاري من محكمة العدل الدولية، قامت إسرائيل بسحب الضرائب والرسوم الجمركية الفلسطينية التي تشتد الحاجة إليها والتي يتم تحصيلها بانتظام بموجب اتفاقيات أوسلو.
وأكد داود أن الضغوطات الإسرائيلية "زادت من نفور عباس وتقويض قدرته على التعامل مع الجماعات المسلحة الجديدة. ومع نقص المال والشعبية لعباس، فإن قواته الأمنية لم تكن على استعداد لمنع الجماعات المسلحة من الدفاع عن الشرف الفلسطيني".
وحددت اتفاقيات أوسلو أن الفلسطينيين سيهتمون بالأمن في المدن الفلسطينية خلال فترة انتقالية محددة حتى التوصل إلى تسوية كاملة، لكن ذلك انهار، وقد أهملت واشنطن دعم جهود الفلسطينيين والعرب والأطراف الأخرى لحماية
حل الدولتين من خلال قرار للأمم المتحدة بإعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال دون تقديم أي بديل.
لقد أعطت سياسة عدم التدخل التي تنتهجها إدارة بايدن، الإسرائيليين الضوء الأخضر لمواصلة فعل ما يريدون في الأراضي المحتلة. أولئك الذين يدعون أنهم يؤمنون بحل الدولتين - بمن فيهم الأمريكيون والأوروبيون - يحتاجون إلى الاعتراف بالنصف الفلسطيني من هذه الفكرة.
وختم الكاتب مقاله بالقول: "الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة أصبح غير إنساني. لا أحد يهتم بمعرفة الناس، ليرى أحلامهم وآمالهم قبل أن يصبحوا ضحايا هذا الجنون. كل فلسطيني قُتل ينتمي إلى عائلة أحبته وقامت برعايته. فمتى تنتهي المذبحة؟".