نشرت صحيفة "
فاينانشال تايمز" البريطانية مقال رأي للكاتب مارتن ساندبو استعرض فيه بعض الأسباب التي تجعل
اليورو محل
ثقة المستثمرين، لاسيما بعد رفع الاتحاد الأوروبي عضوية العملة إلى 20 دولة.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن هناك اهتمامًا وحاجة أقل لمناقشة مدى ثقة المستهلكين في صمود اليورو تجاه الأزمات بالنظر إلى انعدام التحديات تقريبا التي تواجهها العملة الأوروبية الموحدة. لكن انضمام كرواتيا في الأول من كانون الثاني/ يناير إلى منطقة اليورو جدّد النقاش حول مدى استدامة عملة اليورو.
وذكر الكاتب أنه من غير المفاجئ أن يستعيد اليورو جاذبيته، ما يدحض الحجج القديمة التي قدمها بعض المحللين خلال فترة الستينيات، ولكن هذا لا يعني أنه في منأى عن الصدمات. ذلك أنه من غير المرجح أن يصمد اليورو في وجه أزمة تمثل مزيجًا بين أسوأ أعمق ركود اقتصادي شهده التاريخ، وأشد صدمة أسعار طاقة، وأعنف صراع عسكري عرفه التاريخ منذ أجيال.
لقد أثبت اليورو أنه يتمتع بقوة أكبر وكذلك آلية سعر الصرف الأوروبية. وعند مقارنة الفوضى التي شهدتها آلية سعر الصرف قبل 30 سنة، وأزمة اليورو منذ عقد من الزمان بما يحدث اليوم، فسيبدو جليا أن اليورو حقق مكاسب لا جدال فيها، ما يعني أن الجدل حول صمود اليورو بات محسوما.
وأشار الكاتب إلى أن قوة اليورو تعود بالأساس إلى أسباب سياسة. فعلى الرغم من أن أزمة الديون في منطقة اليورو وضعت زعماء
أوروبا أمام اختبار يهدد وحدتهم إلا أنهم نجحوا في اجتيازه، ناهيك عن أن منطقة اليورو استطاعت تجاوز كل التحديات الاقتصادية المتعلقة بالنظام المالي. وهذه القوة التي يتمتع بها اليورو تعود لسببين، أحدهما الاستقلال النقدي، وهو في الغالب وهْم بالنسبة للاقتصادات الصغيرة المفتوحة في عالم يركز على الدولار ويتسم بالحركة الكاملة لرأس المال. والسبب الآخر أنه لا يمكن الاعتماد على العملة الهابطة لزيادة حجم الصادرات. ولا ينبغي أن يكون ذلك مفاجئًا خاصة أن الكثير من المبادلات التجارية تعتمد على سلاسل التوريد المعقدة التي تتخطى الحدود الوطنية والعملة.
وأكد الكاتب أن هناك الكثير من الأمور المتعلقة باقتصاد منطقة اليورو التي لا يمكن الطعن في مصداقيتها، ويرجع ذلك، أولا، إلى أداء اقتصاد منطقة اليورو، وخاصة أسواقها المالية، حيث تزداد الصعوبات في تكامل الأنظمة المصرفية الوطنية وأسواق رأس المال. وحتى السوق الموحدة للسلع والخدمات مجزأة بطرق تمنع جني الفوائد الكاملة لعملة واحدة؛ وثانيًا إلى الدور الذي تضطلع به عملة اليورو؛ وثالثًا إلى
السياسة النقدية التي يتبعها الاتحاد الأوروبي وكيفية تعامله مع دوامة التضخّم الحالية.
وأعرب الكاتب عن قلقه من الموقف السلبي الذي يتخذه محافظو البنوك المركزية من نمو الأجور والمخاطر التي ستؤدي إلى تضخم الأسعار. وهذا ما يكشفه البحث الذي أجراه الاقتصاديون في البنك المركزي الإيرلندي ومنصة إعلانات الوظائف الدولية، وتحليل عروض الأجور في إعلانات الوظائف المنشورة، الذي وثّق الاتجاهات التي تقدم بعض المؤشرات المبدئية على أن آراء مسؤولي البنوك المركزية في أوروبا قد تكون سلبية للغاية بشأن نمو الأجور. وقد نتج عن ذلك تراجع نمو الأجور لعدة أشهر.
واختتم الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن صمود اليورو يمثل جانبًا إيجابيًا للاقتصاد الذي يسير بسرعة - والذي تجب موازنته مقابل سلبيات نمو الأسعار بشكل إجمالي. ولكن ذلك يبعث بعض الأمل لفكرة أن أوروبا قد تشهد أيضًا نوعًا من تضخم الأجور نتيجة ما يحدث من تغييرات اقتصادية في الولايات المتحدة.