يناقش البرلمان
المصري مشروع قانون مقدم من الحكومة لإنشاء جهاز جديد لإدارة والتصرف في الأموال المصادرة والمتحفظ عليها، التي آلت ملكيتها للدولة، بما فيها أموال جماعة الإخوان المسلمين، التي تصفها الحكومة المصرية "بالجماعة الإرهابية".
وكشف موقع "مدى مصر" المستقل أن لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ناقشت المقترح في اجتماع منعت وسائل الإعلام من تغطيته، ويمنح المشروع الجهاز الجديد، سلطة التعاقد مع شركات والمشاركة بحصة عينية مع صندوق مصر السيادي عند إدارته لتلك الأموال أو الأصول.
ونقل الموقع عن مصدر قضائي لم يذكر اسمه، أن تلك الصلاحية هي بمنزلة باب خلفي لتقليص موارد الخزانة العامة للدولة لصالح قنوات موازية، ومقدمة لطرح تلك الممتلكات (مدارس، مستشفيات، شركات)، للبيع للأجانب.
وقال مصدر قضائي آخر بمحكمة النقض؛ إن مشروع القانون يفرغ القانون الصادر في نيسان/ أبريل 2018 بشأن تشكيل لجنة قضائية مستقلة لتنظيم إجراءات التحفظ والحصر والإدارة، والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين، من فحواه، ويسلب اللجنة القضائية اختصاصها الخاص بإدارة الأموال المتحفظ عليها، ونقل الأموال المصادرة إلى خزينة الدولة.
يهدف مشروع قانون الحكومة الجديد، بحسب المصدر القضائي، إلى إخراجها من موازنة الدولة، مؤكدا أن نقل ملكية أي من الأصول التابعة للجهاز الجديد للقطاع الخاص أو الصندوق السيادي، سيتبعه خروجها من الموازنة العامة للدولة.
تقويض سيادة القانون
وكان مركز كارنيغي للشرق الأوسط، قد ذكر في
تقرير سابق له تحت عنوان "انتزاع
السيسي لممتلكات الإخوان المسلمين"، أن الأموال التي تم الاستيلاء عليها "لم يصدر بشأنها حكم قضائي واحد نهائي. وهو ما يخالف الدستور. حيث تنص المادة 33 من الدستور على أن تحمي الدولة الملكية. بينما تنص المادة 35 على أن الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا بحكم قضائي".
وأوضح التقرير أن "استيلاء الدولة المصرية على أصول وممتلكات جماعة الإخوان المسلمين، يقوض سيادة القانون، وقد يزيد من الانتقادات التي توجهها المنظمات والمستثمرون الأجانب إلى النظام"، مشيرا إلى أن القانون يمكن النظام من تصنيف أي شخص يريدونه على إنه إرهابي، ومن ثم مصادرة ممتلكاته دون أي إجراءات قانونية.
وأكد التقرير أن الدافع الأقوى والأرجح وراء تلك الهجمة الشرسة، هو احتياج النظام الشديد لدخول تلك الأموال إلى الخزانة العامة للدولة، فمنذ تحرير سعر الصرف (عام 2016)، والنظام يسعى بكل ما لديه من قوة لجمع الأموال من الشعب، سواء من خلال سن تشريعات جديدة، أو فرض ضرائب ورسوم على المواطنين.
إفلاس النظام
قال القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد سودان؛ إنه "من الواضح أن السيسي جعل الدولة على حافة الإفلاس، باع سرا العديد من أصول الدولة وعلنا العديد من مصانع القطاع العام، بالإضافة إلى استيلائه على العديد من شركات ومصانع القطاع الخاص، بحجة الرقابة المالية والإدارية وتعيين العديد من ضباط الجيش؛ إما بعد إحالتهم على المعاش أو أراد التخلص منهم في المناصب العسكرية، ويعتبر ذلك منحة تقاعد و فرصة للاستيلاء على أموال أصحاب الشركات أو المصانع سالفة الذكر".
مضيفا لـ"عربي21": "استولى الانقلاب الدموي على جل الشركات والمصانع والمؤسسات، حتى المدارس التابعة للإخوان المسلمين، ولكن بقيت هذه المؤسسات تابعة لرقابة أجهزة الدولة وخاصة وزارة المالية، ولكن الآن يعتزم السيسي الاستيلاء على هذه الأموال خالصة له دون تدخل من قبل أي أجهزة رقابية، كما هو الحال في العديد من الصناديق مثل صندوق تحيا مصر".
ورأى سودان أنه "يمكن أن نسمي هذا القرار، سرقة بالإكراه، لصالح السيسي شخصيا و ليس النظام، أو الدولة، وبهذا القرار وبغيره أصبحت مصر متجهة وبأقصى سرعة نحو الهاوية، وبقيادة سائقها الأعمى السيسي".
تشريع الاستيلاء
وكان مجلس النواب المصري وافق في نيسان/أبريل 2018 على مشروع قانون مقدم من الحكومة، ينظم إجراءات التحفظ والإدارة والتصرف في أموال من اعتبرتها "جماعات إرهابية وإرهابيين"، على أن تؤول إلى موازنة الدولة.
كذلك، أقر البرلمان تغيير مسمى القانون من "تنظيم إجراءات التحفظ والإدارة والتصرف في أموال جماعة الإخوان الإرهابية"، إلى "أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين".
وفي أيلول/ سبتمبر 2013، أصدرت "محكمة القاهرة للأمور المستعجلة" حكما بـ"حظر جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وأي مؤسسة متفرعة عنها، أو تابعة لها، والتحفظ على جميع أموالها؛ العقارية، والسائلة، والمنقولة".
وبناء على هذا الحكم القضائي، شكّلت الحكومة المصرية، في كانون الثاني/ يناير 2014، لجنة لإدارة الأموال والشركات والجمعيات المملوكة لـ"لجماعة الإخوان"، تحت مسمى "لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان".
وفي كانون الثاني/ يناير 2016، أعلنت اللجنة المذكورة أنها تتحفظ في الوقت الراهن على 62 شركة و1125 جمعية أهلية تابعة للجماعة، وأموال 1370 شخصا، والتحفظ على 19 شركة صرافة، بإجمالي أموال بلغت 5 مليارات و556 مليون جنيه مصري (نحو 311 مليون دولار حينها).
ومنذ ذلك التاريخ، أصدرت اللجنة عددا من قرارات التحفظ دون بيانات إجمالية عن حجم الموجودات والأموال التي تتحفظ عليها.
"شرب من كأس الإخوان"
يرى السياسي والبرلماني المصري السابق، الدكتور محمد عماد صابر، أن "دلالة هذا المشروع الآن أن نظام السيسي جلب لمصر الخراب وأوصلها لطريق مسدود ليس له من حل، وثانيا السيسي يشرب من كأس الإخوان الآن، بعد أن تخلى عنه جميع الداعمين باعترافه هو ، قولا واحدا، مصر ليست دولة قانون ولا مؤسسات، مصر وحدة عسكرية مختطفة، سجناء السياسة فيها أسرى حرب وأموالهم غنائم، يحكمها ضابط متواضع الإمكانات، يموله الخليج وترعبه تحذيرات أمريكا والغرب".
وأضاف لـ"عربي21": "نظام السيسي لم ولن يتوقف عن عقيدة استئصال الإخوان، التي رسخها في نفوس وعقول الحكومة والبرلمان والقضاء والشرطة والإعلام، والنخب السياسية والاقتصادية والفنية الموالية، وما يصاحبها من تفصيل القوانين، إلى جانب أن شماعة الإخوان كانت وستبقى ليعلق عليها السيسي ونظامه كل الإخفاقات والفشل، ويبرر بها كل الانتهاكات والمظالم".
وأكد صابر أن " الإصرار على سيطرة جنرالات الجيش وليس المؤسسة العسكرية على الاقتصاد الرسمي والخاص بلا هوادة أو تهاون، حدث هذا مع أغلبية رجال الأعمال الذين فرضت عليهم الإتاوات دون وجه حق، أو فرض عليهم شراء أراض في صحراء العاصمة الإدارية جبرا، أو طلب منهم التنازل عن صحف وفضائيات يملكونها، وهكذا.
وأشار إلى "فساد أجهزة الدولة ومؤسساتها بكونها أصبحت أداة في يد السلطة وليست مؤسسات في خدمة الشعب، بداية من برلمان تفصيل القوانين، إلى قضاء إصدار التعليمات في صورة أحكام، إلى الأجهزة الأمنية التي تجاوزت الدستور والقانون والقضاء والبرلمان.. قولا واحدا أنت في مصر ممتلكاتك في خطر مهما قلت، ظن البعض أن الصراع دائر على الإخوان لخصومات سياسية، ثم تغير الظن ليضم بعض رجال الأعمال، ثم ها هو الآن في مربع البسطاء والفقراء".