مقابلات

لجنة الإنقاذ الدولية لـ"عربي21": 2023 سيكون عاما كارثيا في سوريا

حذر أبو عطا من عدم التمديد لآلية عبور المساعدات بقيادة الأمم المتحدة في شمال غرب سوريا - عربي21
قال المدير الإقليمي للإعلام والتواصل لدى لجنة الإنقاذ الدولية، إلياس أبو عطا، إن "المعطيات الراهنة تشير جميعها إلى أن عام 2023 سيكون عاما كارثيا آخر بالنسبة للسوريين الذين ما زالوا عالقين في العنف، خاصة في ظل زيادة الفقر، وتفشي إصابات الكوليرا، واستمرار الصراع حتى الآن".

وشدّد أبو عطا، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، على ضرورة "إيلاء الأهمية لحماية المدنيين من العنف والأمراض وتأكد وصولهم إلى خدمات الرعاية الصحية والغذاء والماء الصحي".

وحذّر من خطورة عدم تجديد آلية التفويض الخاصة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود، قائلا: "مع دخولنا أشهر الشتاء القاسية، تواجه العائلات النازحة والمجتمعات المضيفة صراعا للبقاء على قيد الحياة جراء درجات الحرارة المنخفضة والسيول وفقدان الدخل الموسمي. إن الحاجة إلى وصول إنساني يمكن التنبؤ به ومستدام وفعّال هي أمر واجب، وسيكون الفشل في إعادة تفويض الآلية أمرا لا يغتفر".




وفي 10 كانون الثاني/ يناير الجاري، تنتهي فترة التمديد الأخير لآلية عبور المساعدات بقيادة الأمم المتحدة في شمال غرب سوريا، والذي أجيز من قِبل مجلس الأمن الدولي لمدة 6 أشهر فقط، حيث توجهت الأنظار إلى مجلس الأمن مُجدّدا لإقرار تمديد جديد خلال الأسبوع الجاري.

وكان مجلس الأمن قد جدّد آلية المساعدات في 12 تموز/ يوليو الماضي لمدة 6 أشهر في ظل ضغوط روسية معارضة، خلافا للمرات السابقة حيث كانت تُمدد لمدة سنة.

وفي ظل عدم التوصل إلى اتفاق في مجلس الأمن الدولي حتى الآن على تمديد آلية المساعدات الأممية، بدأت الدعوات من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تتصاعد لإقرار تمديد جديد، مُحذّرة من كارثة إنسانية في حال عدم إقرار التمديد في مجلس الأمن.

وشارك في الدعوات خلال كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تركيا والولايات المتحدة ودول أوروبية، لحث روسيا للموافقة على تمديد آلية نقل المساعدات إلى سوريا.




وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

من المقرر أن تنتهي آلية التفويض الخاصة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود في 10 كانون الثاني/ يناير الجاري.. فهل تعتقدون أنه سيتم تجديد العمل بهذه الآلية أم لا؟



خلال السنوات الماضية الأخيرة، نتج عن تصويت مجلس الأمن لآلية التفويض الخاصة بدخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا خسارة عدة نقاط عبور حدودية، وزيادة التحديات التي تتعلق بالوصول إلى الناس الذين هم في حاجة إلى المساعدات الإنسانية. 

سيضمن التصويت لصالح هذا القرار استمرار حصول أكثر من مليوني شخص في الشمال الغربي على المساعدة المنقذة للحياة بما في ذلك الغذاء والماء والمأوى والمساعدة الطبية كل شهر. وكما أوضح الأمين العام للأمم المتحدة، لا يوجد حاليا بديل عملي للمساعدة عبر الحدود لتلبية حجم ونطاق الاحتياجات في شمال غرب سوريا.

لذلك، من الضروري أن يقوم مجلس الأمن بتجديد وتمديد آلية عبور المساعدات الإنسانية عبر الحدود التي تقودها الأمم المتحدة لمدة 12 شهرا على الأقل لتجنب زيادة الوفيات التي يمكن منعها.

برأيكم، ما عواقب عدم تجديد آلية المساعدات لسوريا؟


يواجه 2.4 مليون شخص في شمال غرب سوريا خطر انقطاع الوصول إلى المساعدة المنقذة للحياة إذا لم يتم تجديد آلية عبور المساعدات الإنسانية عبر الحدود التي تقودها الأمم المتحدة في كانون الثاني/ يناير الجاري. ويعيش 800 ألف شخص في المنطقة المتأثرة حاليا في خيام أو ملاجئ مؤقتة، ومن المحتمل أن يضطروا إلى تحمل الرياح العاصفة ودرجات الحرارة دون الصفر والفيضانات المحتملة في أشهر الشتاء القادمة.

مع دخولنا أشهر الشتاء القاسية، تواجه العائلات النازحة والمجتمعات المضيفة صراعا للبقاء على قيد الحياة جراء درجات الحرارة المنخفضة والسيول وفقدان الدخل الموسمي. وقد أحدثت أحوال الطقس الشتوية القاسية في كانون الثاني/ يناير الماضي، بما في ذلك تساقط الثلوج بغزارة والرياح المتجمدة، ضررا شديدا في شمال غرب سوريا، حيث دُمرت مئات الخيام وتضرر الآلاف منها. إن الحاجة إلى وصول إنساني يمكن التنبؤ به ومستدام وفعال هي أمر واجب، وسيكون الفشل في إعادة تفويض الآلية أمرا لا يغتفر.

بعد أكثر من أحد عشر عاما من الفشل تجاه الشعب السوري، يجب أن يسترشد أعضاء المجلس بالضرورات الإنسانية عوضا عن السياسة؛ فيجب أن تكون المساعدة الآمنة، والتي يمكن التنبؤ بها غير قابلة للتفاوض. وفي وقت الحاجة المتزايدة، يكون هناك حاجة إلى وصول أكبر لا أقل.

ما تقييمكم لمجمل الأوضاع الإنسانية في سوريا خلال عام 2022؟ وهل تلك الأوضاع ستتحسن أو ستسوء أكثر خلال عام 2023؟


بعد عام أضاف فيه الجفاف، وتفشي الكوليرا، والانكماش الاقتصادي، ضغوطا جديدة على المجتمعات التي تأثرت في الأصل بأكثر من عقد من الصراع، يُعدّ قرار تجديد آلية المساعدات بمثابة شريان حياة رئيسي يضمن بقاء الناس على قيد الحياة. الاحتياجات في جميع أنحاء سوريا في ازدياد حتى أنها وصلت إلى مستويات مقلقة للغاية في عدد من المناطق في شمال غرب سوريا. لم يعد لدى الناس موارد كافية للبقاء على قيد الحياة؛ إذ ارتفع عدد الأشخاص المحتاجين للمساعدة في جميع أنحاء البلاد لمستويات قياسية. وقد زادت الاحتياجات بنسبة 5% إلى 15.3 مليونا (من 14.6 مليونا) عن العام الماضي، والغالبية العظمى من المحتاجين هي من النساء والأطفال (75%).

ما يقلقنا حول العام الجديد هو زيادة الفقر، وإصابات الكوليرا، والصراع، وما إلى ذلك، تشير جميعها إلى أن عام 2023 سيكون عاما كارثيا آخر بالنسبة للسوريين الذين ما زالوا عالقين في العنف. يجب إيلاء الأهمية لحماية المدنيين من العنف والأمراض وتأكد وصولهم إلى خدمات الرعاية الصحية والغذاء والماء الصحي.

إلى أي مدى تأثرت الأوضاع الإنسانية في سوريا بأزمة الحرب الروسية- الأوكرانية؟


لا يزال الوضع في سوريا، مثل العديد من البلدان الأخرى، يتأثر بالأزمة في أوكرانيا. تفاقم الوضع الاقتصادي المتدهور في سوريا مع توقف شحنات القمح من روسيا، المصدر الرئيسي لسوريا للقمح المستورد. كما أدى ارتفاع الأسعار العالمية إلى زيادة الضغط على الأسر المتعثرة، وهناك 90% من السوريين يعيشون الآن تحت خط الفقر، وأكثر من 75% من السوريين لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية، ومع احتمال استمرار ارتفاع أسعار السلع والأغذية المستوردة حتى عام 2023؛ فمن المرجح أن يزداد الوضع خطورة بالنسبة للكثيرين.

على صعيد آخر، ما المعايير التي استندتم إليها في تحديد الـ20 دولة الأكثر عرضة للخطر في العالم ضمن قائمة مراقبة الطوارئ لعام 2023 الصادرة عن لجنة الإنقاذ الدولية؟


تكمن قوة قائمة المراقبة في استخدامها منهجية قوية فريدة تجمع بين التحليل الكمي والرؤى النوعية من زملائنا في الخطوط الأمامية. يضع فريق تحليل الأزمات العالمية لدينا قائمة المراقبة من خلال إعداد تحليل لـ 67 مؤشرا تشير جميعها إلى المخاطر الإنسانية جنبا إلى جنب مع التحليل القائم على المعرفة المتعمقة وخبرة لجنة الإنقاذ الدولية والمشاركين الخارجيين في مناقشات المائدة المستديرة التي عُقدت في كل منطقة من مناطق اللجنة.

يتم تنقيح هذه العملية كل عام من خلال مراجعة أداء قوائم المراقبة من السنوات السابقة. اكتشفنا أن قائمة المراقبة تتوقع عادةً 85- 95% من الدول العشرين التي شهدت أسوأ تصعيد في وضعها الإنساني خلال العام التالي.




تتصدر هذا العام الصومال وإثيوبيا وأفغانستان قائمة المراقبة، حيث تواجه شرق أفريقيا أسوأ جفاف منذ عقود والاضطرابات الاقتصادية تستمر في تفاقم الاحتياجات في أفغانستان. ووفق ما تظهره قائمة مراقبة الطوارئ للعام الحالي الصادرة عن لجنة الإنقاذ الدولية، فقد تم إضعاف حواجز الحماية المصممة لمنع وقوع الأزمات الإنسانية. الحروب أطول وأكثر ضراوة، وسوريا خير مثال على ذلك.

إن إضعاف حواجز الحماية -مثل آلية الأمم المتحدة لعبور المساعدات عبر الحدود- يعني أن الحاجة تزداد بلا رادع؛ فقد تزايدت الاحتياجات في مناطق شمال شرق وشمال غرب سوريا التي فقدت آلية عبور المساعدات عبر الحدود على مر السنين.

ما أوجه الاختلاف بين قائمة مراقبة الطوارئ لعام 2022 والقائمة الجديدة التي صدرت مؤخرا لعام 2023؟


في قائمة المراقبة للعام الماضي، قمنا بتشخيص "فشل النظام"، وما نقصده بالنظام هنا هو النظام الدولي الذي يهدف إلى منع الأزمات الإنسانية ومعالجتها حيث أنه لا يفشل بذلك فحسب، بل يؤجّج الأزمات بشكل مباشر ويسجل عددا هائلا من النزوح والاحتياجات الإنسانية. نسلط الضوء هذا العام على كيفية إضعاف وتفكيك "حواجز الحماية" المحلية والوطنية والدولية المصممة لمنع وقوع الأزمات الإنسانية بواسطة ثلاثة دوافع رئيسية، وهي: الصراع، وتغير المناخ، والاضطراب الاقتصادي.

نعتقد أن هذا مفهوم مفيد لأنه يتحدث عن التجربة اليومية لمَن نقوم بمساعدتهم ويساعد في تحديد جدول أعمال للعمل لصانعي السياسات والقرارات. ضعف حواجز الحماية هو خيار وليس حتمية، ويجب معالجته على هذا النحو.

كيف تُقيّمون تعاطي المجتمع الدولي مع الأزمات الإنسانية المختلفة؟


تكشف قائمة المراقبة لعام 2023 عن الحاجة إلى تغيير تدريجي في الطريقة التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع الأزمات الإنسانية. ففي جوهرها، هذه أزمات سياسية، واقتصادية، وأمنية، ومناخية. ولكن ضعف حواجز الحماية التي تهدف إلى معالجة هذه القضايا الأساسية يعني أن الأزمات الإنسانية آخذة في التصاعد، بينما المساعدة كالمعتاد لن تفي بالمطلوب.

ويحتاج ما يقرب من 340 مليون شخص ممن يحتاجون إلى المساعدة في عام 2023 إلى مزيد من التمويل الإنساني لانعقاد برامج أكبر وأفضل، لكنهم أيضا يستحقون المزيد. إنها تتطلب خطة لكسر دورة الأزمات الجامحة، وهذا يعني أدوات جديدة لحماية الأشخاص المحاصرين في النزاعات، والتزاما جديدا لمواجهة -بدلا من تصعيد– المخاطر العالمية المشتركة.

من وجهة نظركم، كيف يمكن مواجهة تدهور الأزمات الإنسانية خلال العام الجاري؟


لمواجهة تدهور الأزمات الإنسانية خلال العام الحالي على مستوى الـ 20 دولة الأكثر عرضة للخطر في العالم، توصي لجنة الإنقاذ الدولية بضرورة كسر دورة الأزمة عن طريق إصلاح الاستجابة الدولية المعطلة لأزمة الجوع من خلال إصلاحات الاستجابة للمجاعة وسوء التغذية، والاستثمار في الاستجابات الوطنية لوقف الانزلاق من حالة الهشاشة إلى حالة الفشل في النظام، وتمويل المستجيبين في الخطوط الأمامية.




كما ندعو لحماية المدنيين في النزاع من خلال إعادة ترسيخ حق المدنيين في الحصول على المساعدة عبر منظمة مستقلة تُعنى بوصول المساعدات الإنسانية، ومكافحة الإفلات من العقاب من خلال تعليق حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في حالات الفظائع الجماعية، وتمكين المرأة في جهود السلام والأمن مثل مفاوضات السلام.

ولا بد من مواجهة المخاطر العالمية المشتركة من خلال كسر الفجوة الإنسانية- المناخية، وحماية العالم من الأوبئة من خلال مجلس عالمي لمكافحة التهديدات الصحية يقوم بمحاسبة المجتمع الدولي على منع وقوع الأوبئة في المستقبل، وإبرام صفقة جديدة للنازحين قسرا وأولئك الذين يستضيفونهم الذين يقدمون منفعة عامة عالمية.

قبل أيام، احتفلتم بوصول خدمات برنامج "أهلا سمسم" إلى نحو مليون طفل حول العالم.. فكيف تنظرون لهذا "الإنجاز" والدور الذي قام به البرنامج؟


برنامج "أهلا سمسم" هو برنامج ريادي حول تنمية الطفولة المبكرة تقوم بتنفيذه لجنة الإنقاذ الدولية مع ورشة سمسم في الوطن العربي. وصل البرنامج إلى ما يقارب المليون طفل في البلدان التي يُطبق بها البرنامج، وهي كل من العراق والأردن ولبنان وسوريا، حيث جاء استكمالا للإنجاز الكبير الذي تحقق في الوصول إلى 23 مليون طفل في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال البرنامج التلفزيوني الحائز على العديد من الجوائز، والذي يحمل نفس الاسم "أهلا سمسم".

فمنذ الحصول على المنحة المُقدمة من مؤسسة جون دي وكاثرين تي ماك آرثر قبل خمس سنوات في مثل هذا الشهر، والتي تُقدر بـ 100 مليون دولار، لا يزال برنامج "أهلا سمسم" أضخم البرامج المتعلقة بتنمية مرحلة الطفولة المبكرة في تاريخ العمل الإنساني.


إن أكثر من نصف الأطفال السوريين النازحين في الأردن ولبنان والعراق يشاهدون برنامج "أهلا سمسم" التلفزيوني. إن إنجاز اليوم يعنى بالوصول لمليون طفل من خلال تقديم الخدمات المباشرة، وعن قدرة برنامج "أهلا سمسم" المميزة في الوصول إلى الأطفال على نطاق واسع من خلال التعلم والتعليم عن طريق اللعب والرعاية الأساسية. صُمم البرنامج أيضا كنهج قابل للتطوير والمواءمة، لتغيير الطريقة التي يستجيب بها النظام الإنساني لاحتياجات الأطفال الصغار المتأثرين بالصراعات والأزمات حول العالم.




هذا الإنجاز هو فرصة لإعادة الالتزام بهدف مساعدة جميع الأطفال المتأثرين بالحروب من أجل البقاء على قيد الحياة والتعافي، وتمكينهم من التحكم في مستقبلهم.

ما الجديد الذي سيقدمه برنامج "أهلا سمسم" خلال الفترة المقبلة؟


سنتطلع في برنامج "أهلا سمسم" إلى النظر في استكشاف كيف يمكننا تعميق تأثيرنا في البلدان الحالية، حيث ندعم الأطفال بالعراق ولبنان وسوريا والأردن، ويضمن ذلك العمل مع الأهالي ومقدمي الرعاية والشركاء لدينا.

كما نود أن نستكشف التوسع في بلدان أخرى حيث يمكن لمواد ومحتوى ونهج "أهلا سمسم" أن تفيد المزيد من الأطفال. وتتضمن الأفكار التي نستكشفها حاليا التركيز على دعم الانتقال الناجح من مرحلة ما قبل المدرسة الابتدائية إلى المدرسة الابتدائية.