أكدت مؤسسات حقوقية أن عددا من الموقوفين
يتعرضون لانتهاكات جسيمة في السجون
الإماراتية، بينها قضاء فترات طويلة في الحبس
الانفرادي، إلى جانب التعرض لأشكال من سوء المعاملة.
وأوضحت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها، أن
"السلطات الإماراتية تجري محاكمة جماعية جائرة، أثارت مخاوف جسمية بشأن
الإجراءات الواجبة"، في إشارة إلى قضية اتهام 84 شخصا بتشكيل "تنظيم
سري".
وكانت الإمارات اتهمت في بداية العام الجاري،
هؤلاء الأشخاص بإنشاء وإدارة "منظمة إرهابية سرية" تحت اسم"لجنة
الكرامة والعدالة"، فيما تؤكد "هيومن رايتس ووتش" أنه من بين المتهمين عدد كبير
من السجناء الذين سبق أن تمت محاكمتهم بشكل جماعي بين عامي 2012 و2013.
وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن معظم هؤلاء
محتجزون تعسفيا الآن، وذلك بعد انقضاء مادة العقوبة الصادرة بحقهم، منوهة إلى أن المتهمين لم يعترفوا
بارتكاب جرائم جديدة، ويخضعون للمحاكمة بتهم تتعلق بالانتماء إلى جماعة
"إرهابية"، وهي تهمة سبق أن تمت محاكمتهم استنادا إليها.
ووفقا لـ"مركز مناصرة
معتقلي الإمارات"، فقد اتهمت السلطات 43 من المتهمين بتأسيس "تنظيم
إرهابي" ووجهت إلى ما لا يقل عن 41 منهم تهمة دعم وتمويل "تنظيم
إرهابي"، وهي اتهامات تصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة أو الإعدام.
وقالت وكالة الأنباء
الحكومية إن المتهمين أخفوا أدلة على جريمة "إنشاء
تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب
أعمال العنف والإرهاب" على أراضي البلاد، موضحة أنه بناء على معلومات وتحريات
كافية، فإن النائب العام أمر بالتحقيق في وقائع هذه الجريمة مع انتداب محام للحضور مع
كل متهم.
وتابعت بأنه بعد قرابة الستة
أشهر من البحث والتحقيق وكشف تفاصيل الجريمة والأدلة الكافية على ارتكابها، فقد قرر
النائب العام إحالة المتهمين إلى المحاكمة العلنية بمحكمة أمن الدولة، التي ما زالت
جارية حتى الآن.
وتشير "هيومن رايتس ووتش" إلى انتهاكات تتعلق بالإجراءات من بينها "تقييد الوصول إلى المعلومات ومواد
القضية، والدعم القانوني المحدود، وتوجيه القضاة لشهادات الشهود، ومزاعم عن
الانتهاكات الخطيرة وسوء المعاملة، وعقد جلسات استماع سرية، والاعتداء الجسدي،
وغياب الرعاية الصحية والأدوية الضرورية، والتعرض للموسيقى الصاخبة باستمرار،
والإجبار على التعري".
وتؤكد أبحاث "هيومن رايتس
ووتش" إلى أن العديد من المتهمين حُبسوا انفراديا وبمعزل عن العالم الخارجي لـ10
أشهر على الأقل، وأن "البعض أُجبروا على الاعتراف تحت الضغط والإرهاق النفسي،
أما الذين رفضوا فعوقبوا بالحجز الانفرادي".
وهذه أسماء أبرز من تتم محاكمتهم في القضية:
أحمد منصور
مهندس إماراتي وشاعر وأبٌ
لأربعة أطفال
وهو من بين أكثر الناشطين
في مجال حقوق الإنسان شهرة في الإمارات، إذ إنه "كرس حياته لأكثر من عقد من
الزمان للدفاع عن حقوق الإنسان في بلاده وبلدان منطقة الشرق الأوسط".
ووفق منظمة هيومن رايتس
ووتش، فإن السلطات الإماراتية احتجزته مع أربعة آخرين لمدة ستة أشهر في عام 2011،
وفرضت عليه حظر السفر منذ ذلك الحين، وحاولت اختراق أجهزته باستخدام برامج تجسس
متطورة.
وفي مداهمةٍ تمت في وقت
متأخر قُبيل منتصف ليل 20 آذار/ مارس 2017، فقد اقتحمت قوات الأمن الإماراتية منزل منصور
واعتقلته مجددا.
وفي أيار/ مايو 2018، حكمت محكمة
الاستئناف في أبوظبي على منصور بالسجن 10 سنوات بتهم تتعلق بانتقاده لسياسات
الحكومة. واستندت المحكمة في قرارها إلى قانون العقوبات وقانون الجرائم
الإلكترونية الصادر عام 2012، الذي يجرم انتقاد السلطات والسياسات العامة.
وفي 31 كانون الأول/ ديسمبر 2018، أيدت
المحكمة الاتحادية العليا، وهي الهيئة القضائية العليا في الاتحاد، الحكم الصادر
بحقه.
ناصر بن غيث
قضى ناصر بن غيث تسعة أشهر
محتجزا بمعزل عن العالم الخارجي بعد توقيفه في آب/ أغسطس 2015، ثم وضعته السلطات في
الحبس الانفرادي منذ نقله إلى قسم الحراسة المشددة في 18 أيار/ مايو 2016.
وأوقف مسؤولون أمنيون في
ثياب مدنية ابن غيث في أبوظبي، يوم 18 آب/ أغسطس 2015، بعد 4 أيام على نشره سلسلة من
التغريدات انتقد فيها السلطات المصرية، كما أنه أدلى "بتعليقات ساخرة من قرار
الإمارات بتخصيص أرض لبناء معبد هندوسي".
واتُهم ابن غيث بمخالفة
"قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات" لعام 2012، وتحديدا المادة 29
التي تنص على السجن بحد أقصى 15 عاما جراء نشر مواد على الإنترنت "بقصد
السخرية" أو "الإضرار بسمعة" الدولة أو قادتها.
واتهمت السلطات ابن غيث
أيضا بالتعاون مع "جمعية الإصلاح" و"حزب الأمة"، المصنفين
جماعتين إرهابيتين في 2014.
والاتهامات المنسوبة بشأن
انتقاداته لمصر هي بموجب المادة 166 من قانون العقوبات الإماراتي، التي تنص على
السجن بحد أقصى 10 أعوام لكل من يرتكب أي "عمل عدائي" ضد بلد أجنبي يمكن
أن يعرض الإمارات لخطر الحرب أو قطع العلاقات الدبلوماسية.
وتقول "هيومن رايتس ووتش" إن
الاتهامات المتصلة بجمعية الإصلاح وحزب الأمة تخص محاضرات قدمها. وقد ظهر في مقاطع
فيديو لإحدى المحاضرات، التي قُدمت في إسطنبول وحينها قدمه الأمين العام لحزب
الأمة، حسن الدقي، ابن غيث باعتباره أكاديميا.
وفي 2011 كان ابن غيث من
بين 5 أشخاص أدينوا بتهمة "الإهانة العلنية" لمسؤولين إماراتيين،
وتحديدا ولي العهد حينها، محمد بن زايد. ووقت توقيفه في 2011 كان مُحاضرا في فرع
جامعة السوربون في أبوظبي.
وكان قد حكم عليه أيضا
بالسجن عامين في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، لكن خففت محكمة حُكمه في اليوم التالي وأُفرج عنه بعد
قضاء 7 أشهر في الحبس على ذمة القضية.
وفي 29 آذار/ مارس 2017 أصدرت
محكمة حكما بالسجن على غيث لمدة 10 سنوات بموجب قانون الجرائم الإلكترونية وقانون
مكافحة الإرهاب لعام 2014.
خلف عبد الرحمن حميد
الرميثي
حكمت عليه غيابيا المحكمة
الاتحادية العليا، عام 2013، بالسجن 15 عاما بتهمة إنشاء وتأسيس تنظيم سري يتبع
جماعة الاخوان المسلمين، وذلك ضمن محاكمة "الإمارات 94".
وتسلمت الإمارات رجل
الأعمال، الذي يحمل الجنسيتين التركية والإماراتية، في أيار/ مايو 2023 من السلطات
الأردنية بموجب أمر اعتقال صادر بحقه من الإمارات يخص الحكم المشار إليه.
ودانت المحكمة الاتحادية
العليا في أبوظبي الرميثي وآخرين بانتهاك المادة 180 من قانون العقوبات،
التي تحظر تأسيس أو تنظيم أو تشغيل جماعة تهدف إلى قلب النظام السياسي في البلاد.
واعتقلت السلطات الأردنية
الرميثي في مطار الملكة علياء الدولي في عمان لدى وصوله من تركيا في 7 أيار/ مايو 2023،
وأطلقت سراحه بكفالة في وقت لاحق من ذلك اليوم، لكنها احتجزته مجددا في 8 أيار/ مايو.
وقال محامو الرميثي لـ"هيومن
رايتس ووتش" إن أربعة عناصر شرطة بملابس مدنية قبضوا عليه في اليوم التالي من وصوله
بينما كان مع صديق له في مقهى في عمان.
وقال أحد محاميه إن الشرطة
الأردنية توجهت لاحقا إلى غرفة الفندق الذي كان ينزل فيه وصادرت حقائبه وملابسه
وأجهزته الإلكترونية.
راشد بن سبت
ويشير مركز مناصرة معتقلي
الرأي إلى حالة المحاسب الإماراتي، راشد بن سبت، الذي اعتقل في 2012 وحُكِمَ عليه
بالسجن 10 سنوات مع ثلاث سنوات إضافية تحت المراقبة، في قضية "الإمارات 94".
ويقول المركز إنه تعرض
لتعذيب أثناء محاكمته، وفي منشور على "إكس"، قبل أيام، قال المركز إنه
عرض على لجنة طبية معتبرا أن حالته الصحية تستدعي تشخيصا شاملا، وأبلغ المحكمة بأن
إدارة السجن ترفض حتى تلبية احتياجاته الشخصية البسيطة منذ أكثر من 5 أشهر.
ويقول إنه تعرض للتعذيب
والحبس الانفرادي والانعزال عن العالم الخارجي وحرم حتى من نظارته.
واستمر حبسه رغم انتهاء
فترة محكوميته في آب/ أغسطس 2022 في قضية المحاكمة الجماعية، لكنه استمر حبسه وورد اسمه
في القضية الجديدة.