أطلقت عليه ألقاب كثيرة لعل أكثرها ترديدا لقب "الجوهرة السوداء"، وهو لقب يستحقه، ومن بينها أيضا "الملك" وهذا أيضا من تراثه وإرثه المدهش.
الأشهر في تاريخ
كرة القدم، لم يتقدم عليه أي لاعب في حب الجمهور العاشق للكرة المستديرة، فقد سحر متابعيه بطريقة لعبه ومراوغاته الساحرة.
وربما يكون اللاعب الأكثر كمالا في الأداء الفردي في ملاعب الكرة.
فاز بكأس العالم مع
البرازيل في الأعوام 1958 و1962 و1970، وقدم أداء فرديا لافتا جعل منه أفضل رمز لكرة القدم في البرازيل والعالم.
ولد إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو عام 1940 في ولاية ميناس جيرايس بالبرازيل، ونشأ في حي فقير بولاية ساو باولو، وكان أهله يلقبونه بـ"ديكو"، قبل أن يطلب منهم مناداته بـ"
بيليه" تيمنا بحارس مفضل لديه كان يلعب في فريق "فاسكو دي غاما" البرازيلي.
ذكر بيليه في سيرته الذاتية أنه ليس لديه أي فكرة عما يعنيه الاسم، ولا أصدقاؤه القدامى. بصرف النظر عن التأكيد على أن الاسم مشتق من اسم بيليه، فإن الكلمة ليس لها معنى معروف في اللغة البرتغالية التي هي لغة البرازيل الرسمية.
عمل في طفولته عامل مقهى، ولعب كرة القدم بالصالات التي يعتبر من روادها، ولعب قبل احترافه لعدة فرق هواة في شبابه، وكان عام 1956 بداية حياته الكروية حيث خاض مباراته الأولى مع فريق "سانتوس" البرازيلي عندما كان لا يزال في الخامسة عشر من العمر، ولفتت موهبته مدرب منتخب البرازيل الذي استدعاه للمنتخب الوطني وسجل هدفا في أول مشاركة له في مباراة ضد الأرجنتين.
وستكون بطولة كأس العالم عام 1958 التي أقيمت في السويد، بداية صناعة أسطورته فقد التحق بالمنتخب قبل بلوغه عامه الثامن عشر.
وكانت مشاركته موضع نقاش حاد في البرازيل، حيث طرح نقاد علامات استفهام حول ما إذا كان هذا المراهق النحيل يحظى بالمواصفات البدنية المطلوبة للبطولة.
ولم يلعب في المباراتين الأوليين لأنه كان لا يزال يتعافى من إصابة في الركبة لدى وصوله إلى السويد.
وفي المباراة الثالثة ضد الاتحاد السوفيتي راهن عليه مدرب المنتخب وقتها فيسنتي فيولا ودفع به منذ بداية المباراة التي انتهت بفوز برازيلي، وقدم بيليه فيها أداء سمح له بأن يصبح أساسيا في تشكيلة "منتخب السامبا".
سجل هدفه الأول في البطولة في ربع النهائي ضد منتخب ويلز، ليمنح بلاده الفوز بهدف دون رد والتأهل إلى المربع الذهبي لمقابلة فرنسا التي خسرت بثلاثية تاريخية.
تأهلت البرازيل للمباراة النهائية لملاقاة السويد المضيفة، وواصل بيليه تألقه وسجل هدفين ليساهم في جلب اللقب الأول للبرازيل بعد الفوز على السويد بنتيجة 5-2.
لكن النسختين اللاحقتين من كأس العالم لم تشهدا تألقا مماثلا، ورغم ذلك فقد أصبح معشوق البرازيل بلا منازع.
في نسخة عام 1962 في تشيلي، قدم أداء مبهرا ولمحات فنية عالية الجودة وفي المباراة الافتتاحية لبلاده ضد المكسيك صنع هدفا وسجل آخر بعد أداء فردي راوغ خلاله أربعة لاعبين.
لكن تفاقم الإصابة في المباراة الثانية ضد تشيكوسلوفاكيا أجبره على الجلوس على دكة البدلاء طيلة البطولة التي قاد فيها غارينشا البرازيل للفوز بلقبها الثاني بعد الفوز على تشيكوسلوفاكيا. وغارينشا هذا يعتبر أفضل لاعب يركض بالكرة في التاريخ.
منعت الإصابة بيليه من إكمال مونديال إنكلترا عام 1966. ورغم أنه عاد في المباراة الثالثة ضد البرتغال، لكنه خرج باكيا من ملعب "غوديسون بارك" في ليفربول، بعد تعرضه لعرقلتين قويتين من المدافع جواو مورايش.
أصبح بيليه أول لاعب يسجل في ثلاث نهائيات لكأس العالم.
وودعت البرازيل المونديال من الدور الأول للمرة الأولى منذ 1934، وأقسم بيليه على عدم المشاركة مجددا، قائلا "لا أريد أن أنهي حياتي معوقا".
لكن بيليه عاد بعد أربع سنوات في مونديال المكسيك عام 1970 بعمر 30 عاما ليقود المنتخب الأفضل في تاريخ البرازيل، وتحول مونديال 1970، بفضل فوز البرازيل على إيطاليا في النهائي، وأداء بيليه إلى رمز لزمن لن يتكرر في ملاعب الكرة.
وبعد التتويج الثالث بكأس العالم قرر بيليه اعتزال اللعب دوليا على الرغم من أنه واصل اللعب مع فريق "سانتوس" البرازيلي، وانتقل بعد ذلك إلى نيويورك إلى فريق "كوزموس" الأمريكي.
وفي عام 1977، قاد "كوزموس" للقب الدوري المحلي، في موسمه الأخير مع النادي الذي لعب له أساطير الكرة، الألماني فرانتس بكنباور، والإيطالي جورجو كيناليا، وقائد منتخب البرازيل السابق كارلوس ألبرتو.
أطلق عليه في عام 1999، لقب "رياضي القرن" من قبل اللجنة الأولمبية الدولية وتم إدراجه في قائمة "التايمز" لأهم 100 شخصية في القرن العشرين. وفي عام 2000، اختير في تصويت قام به الاتحاد الدولي لكرة القدم كأفضل لاعب في العالم.
لم تقتصر حياة بيليه على كرة القدم فقد دعم وساند جميع السياسات التي تعمل على تحسين الظروف الاجتماعية للفقراء والنهوض بواقعهم الاجتماعي ولم ينس فقره في بداية حياته أيضا.
وبعد أن سجل 1281 هدفا في 1363 مباراة شارك فيها خلال مسيرته الكروية، التي استمرت 21 عاما، ومن بينها 77 هدفا في 92 مباراة دولية مع منتخب البرازيل، توفي بيليه عن 82 عاما بعد فشل أعضاء في جسده عن القيام بوظائفها بسبب سرطان القولون.
رحل ساحر الكرة، الذي قال عنه بوبي تشارلتون إن كرة القدم ربما "اخترعت من أجله". من المؤكد أن كثيرين يعتبرونه أفضل تجسيد لـ "اللعبة الجميلة".