قال رئيس مكتب اللجان المختصة والدعم الحكومي بالحزب الديمقراطي الليبي، فرج علي العماري، إن "هناك مؤشرات حقيقية وملامح واضحة تشير إلى قرب التوصل إلى حل لكسر الانسداد والجمود السياسي في البلاد، وربما الوضع المعيشي المتفاقم للمواطن الليبي وحالة السخط التي يعيشها ضد حكومة الوحدة الوطنية هو المؤشر الحقيقي والأبرز على ذلك".
الحل الأمثل لأزمة ليبيا
وحول الحل الأمثل لدفع المسار السياسي قدما للأمام، رأى العماري، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "هذا الحل يتمثل في مجموعة من الخطوات يتم تبنيها والإشراف عليها من قِبل البعثة الأممية في
ليبيا، وخاصة على صعيد المسار الدستوري ومسار السلطة التنفيذية في البلاد".
وأضاف: "نظرا لصعوبة التوافق على مشروع الدستور المُنجز من هيئة صياغة الدستور المنتخبة فإن الحل المثالي لهذا المسار يتمثل في إرجاء البحث في مشروع الدستور إلى المرحلة المستقرة من خلال البرلمان الجديد المنتخب والخروج بقاعدة دستورية متوازنة ومتوافق عليها بين مجلسي الدولة والنواب وفق خطوات بعينها".
أولى تلك الخطوات ترتكز -وفق العماري- على "إحالة القاعدة الدستورية المقترحة من قِبل المجلس الأعلى للدولة، والتي تم التصويت عليها خلال الشهر الماضي واعتمدت من المجلس الأعلى للدولة إلى مجلس النواب للدراسة والمراجعة والاعتماد بهدف التوافق بشأنها".
والخطوة الثانية هي تولي مجلس النواب دراسة ومراجعة مواد القاعدة الدستورية المُحالة إليه من قِبل المجلس الأعلى للدولة، وعرضها للتصويت مادة مادة، كما اقترح العماري.
أما الخطوة الثالثة فنصت على "اعتماد المواد التي تُجاز من خلال التصويت عليها داخل مجلس النواب، وتشكيل لجنة مشتركة بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب لإعادة النظر في المواد الخلافية، والاتفاق على صياغة توافقية بين أعضاء اللجنة، وفي حالة الوصول إلى توافق تام تتم المصادقة على الصيغ النهائية لمواد القاعدة الدستورية من قِبل المجلسين واعتمادها كقاعدة دستورية لفترة واحدة لا تتجاوز الخمس سنوات".
وبخصوص المواد غير المُتفق عليها، فإن العماري دعا إلى ضرورة "إعداد عدد من مقترحات الصياغة لكل مادة، وتعرض على المجلسين للتصويت على الصيغ المُقترحة لكل مادة، وتعتبر الصياغة المُجازة والمُصادق عليها هي الصياغة المتحصلة على أعلى حاصل جمع نسبتي التصويت بالمجلسين، وبالتالي يتم الاتفاق على كامل القاعدة الدستورية، واعتماد الصيغ النهائية كقاعدة دستورية".
كما أنه أشار إلى أن هناك آلية أخرى للتعاطي مع المواد غير المُتفق عليها تتمثل في "إحالة المقترحات للمواد الخلافية للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات لطرحها في استفتاء عام لاختيار المقترح الأفضل مباشرة من الشعب، وضم المقترحات المفضلة بالنسبة للشعب الليبي لباقي مواد القاعدة الدستورية التي ستكتمل حينها عقب الانتهاء من الاستفتاء الشعبي".
والخطوة الخامسة التي يدعو لها القيادي البارز بالحزب الديمقراطي الليبي، تطالب بـ "إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة وفق القاعدة الدستورية المُعتمدة، وهذا يجب أن يتم بعد استلام
الحكومة الموحدة مهامها، وتهيئة الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية والخدماتية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".
مسار السلطة التنفيذية
وأضاف بخصوص السلطة التنفيذية (الحكومة): "الحل الأمثل والأفضل والأسرع والأسهل هو ما تم تناوله مؤخرا في أروقة البعثة الأممية والدول والمؤسسات الإقليمية والدولية المتداخلة في الشأن الليبي، والذي تأسس على أن انتخاب فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الليبية جاء بشكل دستوري قانوني صحيح، ومن قِبل الجهة التشريعية الوحيدة في البلاد والمنوط بها هذا الاختصاص، وبتزكية من العدد المطلوب من أعضاء المجلس الأعلى للدولة".
وأشار العماري إلى أنه "ستتم إعادة تشكيل الحكومة بحيث تكون متوافقا عليها ومتوازنة من حيث الشخصيات المُختارة، وعدد الوزارات، وتوزيعها، على أن تُمرر هذه التشكيلة الجديدة على المجلس الأعلى للدولة من أجل الموافقة وعدم الاعتراض، وبعد ذلك تُعرض على مجلس النواب لنيل الثقة".
ولفت إلى "تمكين الحكومة الليبية بتشكيلتها الحالية من استلام مهامها بقرار أممي مُصادق عليه من مجلس الأمن منعا لحدوث أي صراع داخل العاصمة طرابلس وفق خارطة الطريق، بعد ضبط المهام والتواريخ والتعهد بإنجاز المهام وفق ما يُتفق عليه وفي التواريخ المُحددة مع التأكيد على المراقبة والمتابعة في تحقيق الأهداف من قِبل مجلسي النواب والأعلى للدولة والمؤسسات السيادية الرقابية".
لكن في حالة عدم إمكانية تحقيق أحد المقترحين اللذين طرحهما آنفا فرأى أنه ينبغي حينها التوجه إلى "إجبار كلا الحكومتين على الاستقالة، وإعادة انتخاب رئيس وزراء جديد وفق خارطة الطريق المُعتمدة في التعديل الدستوري الثاني عشر، ويُكلّف بتشكيل حكومة جديدة غير مُلزمة بمنح الثقة، ويمكن سحب الثقة منها وفق الإعلان الدستوري وتعديلاته، لتكون هناك حرية أكثر في اختيار الوزراء دون ضغوطات مجلس النواب، وأقترح أن تمارس مهامها من مدينة سرت".
ولفت العماري إلى "ضرورة تكليف الحكومة الثالثة بمهمة تهيئة الظروف لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وإعادة اختيار شاغلي المناصب السيادية المُتمثلة في محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، من قِبل المجلسين ووفق ما ينص عليه الاتفاق السياسي الليبي وما تم الاتفاق عليه بمدينة بوزنيقة المغربية ما يعرف (بوزنيقه 1)".
كما أن من بين السيناريوهات المتوقعة هو "اتجاه بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى عقد حوار جديد على غرار حوار جنيف وفق المادة 67 من الاتفاق السياسي الليبي"، طبقا لما أورده العماري.
وأكد أن "الجزء البسيط من الشعب الليبي الداعم لحكومة الدبيبة سيستفيق من غفلته وتتضح له الأمور أن المخطط الرئيسي لحكومة الوحدة الوطنية هو الاستمرار في الحكم، والاستحواذ على أكبر قدر ممكن من مقدرات البلاد، وتسخير مؤسسات الدولة في خدمة هدفها الأساسي من خلال المحافظة على استمرار الفوضى والفساد والانقسام السياسي والمجتمعي".
تنحية حكومة الدبيبة
وقال إن "حكومة الدبيبة غير قادرة على تحسين المستوى المعيشي للمواطن الليبي، وخاصة المستوى الأمني والاقتصادي ومستوى الخدمات العامة، وليس لها إرادة حقيقية لإجراء الانتخابات أو حتى تهيئة الظروف لذلك، وقريبا جدا سيدرك الجميع ذلك، وحينها سيرفض مؤيدو تلك الحكومة استمرارها، وسيطالبون بتنحيها عن الحكم، بل ربما يطالبون باستلام حكومة باشاغا لمهام عملها من طرابلس أو التوجه إلى حوار يفضي إلى حكومة أخرى".
وبسؤاله عن حيثيات استمرار دعمهم لحكومة باشاغا، أجاب: "نحن غير متمسكين بالأسماء. ما يهمنا أن تتولى شخصية وطنية قادرة على إدارة الدولة بشكل عام، وضمان توحيدها، وإلغاء الانقسام، وأن تكون شخصية توافقية مقتنعة بمدنية الدولة ورافضة للعودة إلى حكم العسكر والديكتاتورية والاستبداد، ولها الرغبة الحقيقية في المساهمة في بناء الدولة المدنية من خلال تحقيق الاستحقاقات الدستورية المُتمثلة في الاستفتاء على الدستور، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".
كما رأى العماري أن "رئيس الحكومة يجب أن يكون شخصية نزيهة وشفافة ومقتنعة بشكل كامل بمبادئ الديمقراطية ونتائج صندوق الانتخابات، وأن تكون لها المقدرة والخبرة في إدارة دواليب الدولة، والتعامل مع الدول الإقليمية والدولية، والتعامل مع الأزمات المختلفة؛ فمن تتوفر فيه هذه الصفات فإنه يعتبر الشخصية المُفضلة لدينا، والتي سندعمها بغض النظر عن أصولها أو انتماءاتها".
فراغ وفوضى كبيرة
وشدّد العماري على رفضه لمطالب تجميد عمل كل الأجسام الحالية، قائلا: "هذا المسار يعتبر حلا غير واقعي وغير دستوري وغير قانوني، ولن ينهي الانسداد الراهن -كما يعتقد البعض-، لأنه إذا تم التوجه إليه فسيدخل البلاد في فراغ وفوضى كبيرة، وربما يؤدي إلى حرب واقتتال داخلي، وبالتالي فسيزداد الأمر سوءا أكثر مما هو عليه، وخاصة الفراغ التشريعي الذي ستصبح فيه البلاد".
أما بخصوص الخيارات التي قيل إنها تُمكّن المجلس الرئاسي من تجميد هذه الأجسام فأكد أنه "لا يوجد ما يستند عليه ذلك لا دستوريا ولا قانونيا، ولا يوجد نص في أي اتفاق سياسي ليبي يُمكّن المجلس الرئاسي من اتخاذ هذا الإجراء، بالإضافة إلى أن هذه الخطوة تتطلب قوة على الأرض لفرضها، وهذه غير متاحة للمجلس الرئاسي".
وأردف: "الجميع يعرف أن أكثر الداعمين للطرح الخاص بتجميد كل الأجسام الحالية التشريعية هم الحكومة منتهية الولاية، والهدف من ذلك هو ضمان استمرارها في الحكومة، والاستفادة من مدخرات الدولة وأموالها في تحقيق أهدافها، والانفراد بالسلطة التنفيذية أطول مدة ممكن دون أي خوف من إزالتها عن الحكم".
ونوّه العماري، وهو عضو مجلس السياسات بالحزب الديمقراطي، إلى أن "عدم وجود سلطة تشريعية يترتب عليه عدم إمكانية إقرار القوانين أو الاتفاق على المسار السياسي، وخارطة الطريق لحلحلة الانسداد الراهن، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".
ومنذ آذار/ مارس الماضي، تتصارع حكومة برئاسة فتحي باشاغا كلفها مجلس النواب في طبرق (شرقا) على السلطة مع حكومة عبد الحميد الدبيبة التي ترفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.