قال السياسي الليبي، أبو القاسم قزيط؛ إن الأزمة السياسية في البلاد مستمرة ومزمنة، ولا حلول جوهرية تلوح في الأفق، مستبعدا أن تجري
الانتخابات خلال العام القادم.
وأضاف قزيط، وهو عضو المجلس الأعلى للدولة في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن البحث الآن يجب أن ينصب على تشكيل حكومة، ولكن بآليات جديدة تضمن أعلى تمثيل فيها لجميع المكونات، على أن يكون لها القدرة على الاستمرار"، مشيرا إلى أن "الخطورة" تتمثل في أن مجلسي
النواب والدولة، والبعثة الأممية، يستخدمون الآليات نفسها التي أنتجت الحكومة الحالية والتي سبقتها، وهي "حكومات فاشلة لم تنجز المطلوب منها".
ومتحدثا عن نتائج اللقاءات السابقة لمجلسي النواب والدولة قال: "أُنجزت الكثير في الملفات، كالمصالحة الوطنية وعودة المهجرين في المنطقة الشرقية، لكن الحوار سيتعثر في المسار الدستوري، وربما سيتعثر أيضا في ملف تغيير محافظ مصرف
ليبيا المركزي، لكنه سيصل نهايته في مسار السلطة التنفيذية (تشكيل الحكومة).
وفيما يتعلق بقرار مجلس النواب إنشاء محكمة دستورية، شدد على أن "قرار فتح الدائرة الدستورية في طرابلس حفز مجلس النواب على إنشاء محكمة دستورية في بنغازي، والموقف السليم هو قفل هذه الدوائر مؤقتا، حتى يكون هناك دستور واستقرار سياسي؛ لأن ما يحدث سواء شرقا أو غربا، هي ضغوط تمارس على المؤسسة القضائية، ومن ثم هناك خشية من أن تخرج كثير من الأحكام على جادة الصواب".
ومعلقا على تسليم المتهم في قضية لوكربي إلى واشنطن، قال قزيط: "في الحقيقة تسليم
بوعجيلة بهذا الشكل مربك ومخيف، لا توجد اتفاقية بين ليبيا وأمريكا على حد علمي لتبادل المتهمين، والعملية لم تتم بمعرفة السلطات القضائية كما صرح النائب العام، فضلا عن أن الليبيين عانوا لسنوات طويلة، سبع سنوات من الحصار وقفل الأجواء على ليبيا، وممن ث هذه القضية بالنسبة لنا هي بعبع مخيف". مضيفا: "أعتقد أن الحكومة من أجل البقاء قامرت بمستقبل البلد".
وتاليا نص المقابلة:
كيف تقرأ مستقبل الأزمة السياسية في البلاد، ومصير الانتخابات خلال العام القادم؟
الأزمة السياسية في ليبيا أعتقد أنها باقية ومستمرة ومزمنة، تتحسن الأمور قليلا ثم تسوء قليلا، لكن لا حلول كبيرة في الأفق، وأيضا لا أزمات كبيرة في الأفق إن شاء الله، ولا أتصور أن هناك انتخابات في العام القادم، لا أتصور ذلك على الإطلاق، وأرى أن الانتخابات ما زالت بعيدة، وأنا شبه متأكد أنه لا توجد انتخابات العام القادم على الأقل.
هناك اتهام للأجسام السياسية أنها تريد التمديد، ولذلك تسعى لتعطيل الانتخابات .. ما مدى دقة ذلك؟
الاتهام هذا فيه شيء من الحقيقة، لكن نصف الحقيقة الغائب أن الأجسام السياسية ليست هي التي تقود أقطاب الصراع، بمعنى أنه حتى لو الأجسام السياسية أرادت المغادرة والانتخابات، فهذا ليس في يدها تماما. القوى المسلحة في الشرق والغرب هي الأقوى، وهي لا تريد انتخابات ممكن أن تطيح بنفوذها العسكري والمالي والسياسي، ومن ثم القول بأن الأجسام هي غير متحمسة هذا صحيح، لكن أن تكون هي العقبة في طريق الانتخابات، فهذا تنقصه الدقة؛ لأن العقبة الكبرى هي القوى المسيطرة على الأرض في الشرق والغرب، وخاصة حملة السلاح.
كيف تقيم لقاءات مجلسي الدولة والنواب قبل توقفها مؤخرا، سواء ما يتعلق بالمسار الدستوري أو المناصب السيادية؟
هناك حالة من الأريحية الآن ما بين المجلسين وما بين الرئيسين، والحقيقة هناك ملفات لم تحظ بتسليط الضوء لكنها أُنجزت، كما أُنجز الكثير الكثير في ملف المصالحة الوطنية وفي عودة المهجرين في المنطقة الشرقية، وهذا أكسب الموضوع أريحية كبيرة جدا.
في تقديري، الحوار كان متقدما جدا في تشكيل الحكومة والمناصب السيادية، وكانت تعتريه عثرات كبرى في المسار الدستوري. تقديري الشخصي أن المسار سيصل إلى النهاية في الحكومة والمناصب السيادية، وربما ملف المصرف المركزي لا. الحوار سيتعثر في المسار الدستوري، وربما سيتعثر أيضا في محافظ مصرف ليبيا المركزي، لكنه سيصل إلى نهايته في مسار السلطة التنفيذية التي هي الحكومة، والمناصب السيادية قاطبة إذا ما استثنينا المصرف المركزي.
الأكثر صعوبة هو المسار الدستوري، ثم استبدال محافظ ليبيا المركزي ثم الحكومة، وأسهلها هي المناصب السيادية الأخرى. في تقديري المناصب السيادية عدا المركزي والحكومة، المسار سيتقدم سريعا، وسيكون هناك إحلال واستبدال وتجديد وتوحيد في الأشهر القادمة ربما.
فيما يتعلق بمبادرة المجلس الرئاسي للحوار.. هل تفلح في جمع مجلسي النواب والدولة وإيجاد حل؟
أي مبادرة من طرف ليبي هي مرحب بها في كل الأحوال، لكن الملاحظ أن مجلس الدولة رحب ولكن مجلس النواب لم يرحب. ومجلس الدولة يتعامل بأريحية مع المجلس الرئاسي.،لكن مجلس النواب لا يشير إليه ولا يتعامل معه. مجلس النواب يفضل حوارا مباشرا مع مجلس الدولة دون وساطة المجلس الرئاسي. هكذا أستطيع أن أقرأ الموضوع.
أقر مجلس النواب الليبي، قانونا لإنشاء محكمة دستورية في مدينة بنغازي بدلا عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في طرابلس.. ما تأثير ذلك على استقلال القضاء والأزمة السياسية بشكل عام؟
عموما، مسألة إنشاء محكمة دستورية في بنغازي يثير مخاوف من أن تكون لها عواقب سياسية كبيرة، وأيضا الدائرة الدستورية في طرابلس عند فتحها ستكون لها وخيمة.
أنا أعتقد أن قرار فتح الدائرة الدستورية في طرابلس هو ما حفز مجلس النواب على إنشاء محكمة دستورية في بنغازي، نحن الآن لسنا بحاجة إلى محكمة دستورية ولسنا بحاجة إلى دائرة دستورية. في تقديري الموقف السليم هو قفل هذه الدوائر مؤقتا، حتى يكون هناك دستور واستقرار سياسي؛ لأن ما يحدث سواء شرقا أو غربا هي ضغوط تمارس على المؤسسة القضائية، ومن ثم هناك خشية من أن تخرج كثير من الأحكام على جادة الصواب.
رئيسا النواب والدولة كانا قد دفعا باتجاه تشكيل حكومة جديدة.. ما مدى واقعية ذلك، وهل يكتب لهذه المساعي النجاح في ظل تشبث حكومتان بالسلطة حاليا؟
عموما، الليبيون دائما يختلفون على كل شيء، لكن في تشكيل الحكومة يتصارعون، وفي نهاية المطاف يتفقون على حكومة جديدة.
لأن الحكومة هي التي توزع الغنائم على الأقطاب والأطراف والقوى الموجودة على الأرض.
ما دامت حكومة طرابلس لا تمثل كل ليبيا، فالطبيعي هنا، يجب أن نبحث عن حكومة بديلة، بغض النظر عن الأسماء والمسميات ومن يقودها وغيرها، أي حكومة لا تمثل ليبيا جميعا، يجب البحث عن بديل لها، هذا هو المنطق، وهذا ما سعى له مجلسا الدولة النواب. لكن الخطورة في ماذا؟ الخطورة أن المجلسين والبعثة الدولية يستخدمون الآليات نفسها التي أنتجت هذه الحكومة، والحكومة التي قبلها، وهي حكومات فاشلة، ولم تنجز المطلوب منها.
المطلوب الآن البحث عن حكومة لكن بآليات جديدة، تكون فيها ضمانات أعلى لتمثيل هذه الحكومة للجميع، على أن يكون لها القدرة على الاستمرار.
بالنسبة للمبعوث الأممي الجديد.. ما فرص نجاح مهمته في ظل تجذر الأزمة الراهنة؟
ليس لدي انطباعات عن المبعوث الدولي الجديد، أنا لم أقابله، لكن نستطيع أن نقول بأن كل المبعوثين السابقين فشلوا، ونجاح المبعوث أو فشله له علاقة بالظرف الدولي الذي يمر به، وله علاقة أيضا بحجم الدعم الذي يتلقاه من الدول الكبرى المهمة.
في تقديري، ربما تكون له فرصة للنجاح النسبي، لكن النجاحات المطلقة والفتوحات السياسية أمر بعيد الاحتمال وغير منتظر.
فيما يتعلق بتسليم أبو عجيلة مسعود، ما المصلحة في فتح ملف مغلق.. ومن يتحمل المسؤولية وتأثير ذلك على ليبيا؟
في الحقيقة، تسليم بوعجيلة بهذا الشكل مربك ومخيف، لا توجد اتفاقية بين ليبيا وأمريكا على حد علمي لتبادل المتهمين. ثانيا لم تتم العملية وفق السلطات القضائية كما صرح النائب العام. ثالثا القضية هذه عانينا منها نحن في ليبيا سنوات طويلة، سبع سنوات من الحصار والتضخم وقفل الأجواء على ليبيا، ومن ثم هذه القضية بالنسبة لنا هي بعبع مخيف.
ونعتقد أن الولايات المتحدة دولة كبرى تستطيع تأويل الموضوع بالطريقة التي تراها مناسبة، هذا فضلا على أن جزءا كبيرا من الأموال الليبية المجمدة موجودة في الولايات المتحدة. ويستطيع أي قاضي فيدرالي أن يحجز على الأموال الليبية، ومن ثم أنا أعتقد أن الحكومة من أجل البقاء قامرت بمستقبل البلد.
أنا لا أفهم هذا الموضوع إلا في إطار محاولة استرضاء الولايات المتحدة، وبالتأكيد نحن لا نبحث عن عداوات، لكن الموضوع يجب يتم في سياقه القانوني والقضائي والمنطقي، وليس بهذه الطريقة، فالعملية تمت بطريقة الخطف وليست بشكل قانوني وقضائي يليق بالبلد. نحن لا نقول بأن هذا الرجل هو مجرم أو بريء، لكن طريقة التسليم هي معيبة ومشينة.
هناك حديث عن مطالبة واشنطن بتسليم عبدالله السنوسي.. هل تتوقع أن يتم تسليمه بالطريقة نفسها للولايات المتحدة؟
أعتقد أن تسليم السيد بوعجيلة قبل عبدالله السنوسي هو محاولة لسبر عمق القضية، أو لتوقع ردود الأفعال، و في تقديري تسليم عبدالله السنوسي لو حصل ستكون له ارتدادات كبيرة، فالسنوسي من الناحية القبلية ينتمي إلى قبيلة مدعومة، وهو فيها يعدّ رمزا كبيرا.
الشيء الآخر أن عبدالله السنوسي كان تقريبا في فترة ما، الرجل الثاني في البلد، ومن ثم هناك تداعيات كبيرة لتسليم شخصية كبيرة بهذا الحجم، خاصة إذا تمت بالطريقة السابقة نفسها، المريبة والمعيبة.
فيما يتعلق بمطالب إقالة النائب العام.. ما مدى صحة قرار تعيينه.. وما أسباب الهجوم الأخير عليه؟
تعيين النائب العام كان سليما تماما وقانونيا تماما، وكان يمثل جسرا ما بين الجسمين. والحقيقة، الرجل يحظى بقبول ويبذل جهدا واضحا بالتأكيد. هناك تقصير في بعض الجوانب فوضع البلد صعب، هو يبذل جهدا كبيرا وهذا الجهد واضح.
لا أعتقد أن له علاقة بالفساد والفاسدين، ولكن الهجوم له خلفه أسباب سياسية في المقام الأول، وتعيين الرجل صحيح، وفي تقديري لا تشوبه شائبة.