في الوقت
الذي تزيد فيه الجماعات اليهودية الموالية لدولة الاحتلال من تدخلها في السياسة البريطانية
لمحو أي آثار متعلقة بالزعيم السابق لحزب العمال جيريمي
كوربين، الذي اتهم بمعاداة
الاحتلال، تتحدث الأوساط الإسرائيلية أن زعيم الحزب الجديد كير ستارمر يبذل قصارى جهده
لإقناع الجالية اليهودية أنه يعمل ضد معاداة السامية بسلسلة من الإجراءات المختلفة.
يذكر
أن كوربين تعرض قبل ثلاث سنوات لهزيمة قاسية في الانتخابات العامة، وشكل احتمال انتخابه
رئيساً للوزراء سبباً في قلق الجاليات اليهودية، التي تبدي الآن ارتياحها من سياسة
ستارمر "المعتدلة"، الذي أعاد الحزب إلى وسط الخارطة السياسية البريطانية،
ويبذل جهودا كثيرة لاستعادة العلاقات بالجالية اليهودية، رغم خشيتها من بقاء الروح
"الكوربينية" التي لم تهدأ تمامًا بعد.
روبرت
فيلبوت كتب في موقع "
زمن إسرائيل"، أن "الجالية اليهودية في
بريطانيا
تعتبر أن
حزب العمال بقيادة ستارمر مختلف عن كوربين، كما تقول كلوديا ميندوزا المديرة
المشاركة لمجلس القيادة اليهودية، لأنه منذ اللحظة الأولى يتصرف بحسن نية، ولا لبس
في موقفه ضد معاداة السامية، لكن مهمته لم تكتمل بعد، لا سيما فيما يتعلق بإعادة العلاقات
مع المجتمع اليهودي في الوقت الحالي، لا سيما فيما يتعلق بمعاداة الصهيونية".
المحرر
السياسي لـصحيفة الجالية اليهودية "جويش كرونيكل" استذكر للموقع الإسرائيلي
في التقرير الذي ترجمته "عربي21" أن "هناك تناقضا صارخا مع ما يدعو إليه ستارمر وأجواء الحزب، حين خطب في مؤتمره السنوي 2019، فيما هتف أعضاؤه "الحرية
لفلسطين"، ولوحوا بأعلامها، وأصدروا بالإجماع قرارًا سياسيًا ضد إسرائيل، مع أن
زوجة ستارمر يهودية، وتعيش أسرتهما الممتدة في تل أبيب، ولذلك بدأ جهوده لـ"تطهير"
الحزب من إرث كوربين "السام".
وأشار
إلى أن "أول شيء فعله هو تقديم اعتذار لليهود البريطانيين، وخلال ثلاثة أيام عقد
اجتماعًا مع ممثلي الجالية اليهودية، وبعد شهرين طرد عضو البرلمان البارز من حزبه ريبيكا
لونج بيلي التي شاركت على "تويتر" مقالا معاديا للسامية، كما كشف ديف ريتش
مدير السياسات في صندوق أمن المجتمع الذي يراقب معاداة السامية، لذلك لا يزال هناك
قدر كبير من عدم الثقة تجاه حزب العمل من الجالية اليهودية، وهو بحاجة لإيجاد المزيد
من الطرق لإقناعها بأنه لن يعود لأيام كوربين، رغم أنه تم طرد العديد من قادته، وقدم
تدريبات حول معاداة السامية لأعضاء البرلمان والحزب والمستشارين المحليين والمسؤولين
المحليين الآخرين".
لوك
إيكهورست عضو اللجنة التنفيذية الوطنية لحزب العمال، ومدير منظمة الدعوة الموالية لإسرائيل،
كشف أن "ستارمر أزاح سبع مجموعات يسارية متشددة من صفوف الحزب؛ ادعت خمس منها
أن معاداة السامية تم عرضها بطريقة مبالغ فيها، أو تم إنشاؤها كجزء من حملة تشويه نظمتها
إسرائيل بعد طرد عدة مئات من أعضاء الحزب، إما مباشرة بسبب اتهامات بمعاداة السامية،
أو لأنهم ينتمون لإحدى المجموعات السبع، ولذلك شهد الحزب هروبًا كبيرًا من أعضائه،
وغادر عشرات الآلاف ممن انضموا إليه سابقا لدعم كوربين، حتى أن أكثر من 40٪ من أعضائه
قبل 2020 تركوه الآن".
ستيفن
بولارد المحرر بصحيفة "جويش كرونيكل" أكد أنه "بسبب تغييرات ستارمر
بدأ الأصدقاء اليهود ومؤيدو الحزب في العودة إليه، بعد أن تقاعدت اليهودية لويز ألمان
العضو المخضرمة السابقة في البرلمان، ورئيسة أصدقاء إسرائيل في الحزب بسبب كرهها لقيادة
كوربين، لكنها الآن أعلنت عودتها، وكان لقرارها أهمية سياسية لستارمر، بدليل أن الحزب
حقق انتصارًا ساحقًا بمنطقة برنت في لندن، موطن أكبر عدد من اليهود في بريطانيا، وقد
سبق لمارغريت تاتشر أن قالت ذات مرة إن نتائج الانتخابات في برنت دليل على حقيقة أن
الجالية اليهودية مستعدة للاستماع".
سارة
ساكمان نائبة رئيس حركة العمل اليهودي، أكدت أن "الحزب بحاجة لتغيير ثقافي في
الخطاب حول اليهود ومعاداة السامية والطريقة التي يناقش بها قضايا الشرق الأوسط، وهذه
لا يمكن تغييرها بين عشية وضحاها، من الصواب أن تطالب الجالية والمؤسسات اليهودية بالمساءلة
من داخل الحزب، من خلال بدء ستارمر بإبعاد حالة العداء الضاري لإسرائيل التي ميزت سنوات
كوربين، مع العلم أن أعضاء معتدلين في الحزب جادلوا منذ فترة طويلة بأن نهجه تجاه إسرائيل
والصراع مع الفلسطينيين اختبار حاسم لمصداقيته".
مايكل
روبين، رئيس "أصدقاء إسرائيل" في الحزب يقول إن "ستارمر بدأ في استعادة
التقليد الطويل الذي يفتخر به الحزب فيما يتعلق بدعم الدولة اليهودية، ولكن لا يزال
هناك عمل يتعين القيام به لإصلاح الضرر الكامل الذي حدث في عهد كوربين، لكن من الواضح
أن ستارمر ملتزم ببناء علاقات ثنائية قوية بين بريطانيا وإسرائيل، لمحاربة معاداة السامية،
ومعارضة حركة المقاطعة بشدة، كما ظهر في تبني مواقف بارزة مؤيدة لإسرائيل في ظل رؤساء
الحكومات توني بلير وغوردين براون، وإن الحزب سيكون لديه رؤية واضحة لطبيعة العلاقة
مع حماس وحزب الله، ومعارضة مقاطعة إسرائيل".
راشيل
ريفز وزيرة المالية في حكومة الظل زعمت أن "الحزب لا يزال بحاجة للعمل على تحسين
موقفه من إسرائيل، فقد تركت سنوات كوربين العديد من أعضاء الحزب مهووسين ومعادين لها،
فيما أشار جيمس فوغان خبير العلاقات البريطانية الإسرائيلية من قسم السياسة الدولية
بجامعة أبيريستويث في ويلز، أن الجالية اليهودية لا تزال تتذكر جيدًا القرارات القوية
التي اتخذت ضد إسرائيل في مؤتمر الحزب 1982 في ذروة حرب لبنان".