لماذا هذا المقال؟ إن هدف هذا المقال هو تقييم الأداء الاسرائيلي في
المحافل الدولية بشكل موضوعي، كما أنه، في المقابل، نقد موضوعي بناء للأداء
الفلسطيني والعربي. إن عرض نقاط القوة أو الضعف في هذا المقال هو البحث عن فرص
للاستفادة والتحضير بشكل أفضل للمعارك الدبلوماسية والقانونية والحقوقية، بعيداً
عن العواطف والمجاملات. ولأن المعركة مع الاحتلال شاملة وواسعة بما فيها المعركة الحقوقية
والقانونية والدبلوماسية، فإن التعاطي مع هذه المفردات يجب أن يكون جادا ومهنيا
ومتواصلا.
الحق الفلسطيني في القانون الدولي:
لا شك أن الحق الفلسطيني في
القانون الدولي راسخ وواضح
وضوح الشمس في ضحاها. هذا الحق أكدته أحكام القانون الدولي وقواعده العرفية والمكتوبة،
ولا جدال من حيث المبدأ في هذه المسألة؛ حقه في العودة إلى دياره وممتلكاته، وحقه
ف
ي تقرير مصيره بكل الوسائل الممكنة، وحقه في مقاومة الاحتلال، وحقه في الحرية
والكرامة والتحرر..
كما أن سلوك الاحتلال مدان ومرفوض، ولا داعي هنا لذكر
القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة أو المواقف السياسية الكثيرة، بل تكفي
الإشارة إلى أهم الموضوعات بهذا الخصوص: الاحتلال مرفوض، وحصار قطاع غزة غير
قانوني ويعتبر أحد أشكال العقاب الجماعي، والقتل المنهجي خارج إطار القضاء مدان، والتعسف
في استخدام الحق في الدفاع عن النفس مرفوض، وجدار الفصل العنصري جريمة حرب، واعتقال
الأطفال جريمة، وتمييع المركز القانوني للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين مرفوض.
الموقف القانوني تجاه القضية الفلسطينية محسوم، والأصل أن يتصرف المجتمع الدولي انطلاقا من حرصه على مقاصد الأمم المتحدة. لكن السلوك الدولي، السياسي على الأقل، تجاه الاحتلال الإسرائيلي يتسم بكثير من الازدواجية واللا مبالاة من جهة، أو تغليب المصالح على القيم والمبادئ من جهة أخرى
إن الموقف القانوني تجاه القضية الفلسطينية محسوم،
والأصل أن يتصرف المجتمع الدولي انطلاقا من حرصه على مقاصد الأمم المتحدة. لكن
السلوك الدولي، السياسي على الأقل، تجاه الاحتلال
الإسرائيلي يتسم بكثير من
الازدواجية واللا مبالاة من جهة، أو تغليب المصالح على القيم والمبادئ من جهة
أخرى.
إذا كان القانون الدولي يقف إلى جانب الحق الفلسطيني،
فما الذي يجعل إسرائيل تتفوق علينا في المنابر الدولية أو يجعل الرأي العام الغربي
عموما يقف لجانب دولة الاحتلال؟
قبل أن نجيب عن هذه السؤال الكبير، دعونا نذكر حقيقتين:
الحقيقة الأولى: صحيح أن ثمة إنجازات هامة حصلت خلال العقود الثلاثة الماضية، منها إنجازات
حركة المقاطعة الدولية، ومنها الاحتجاجات الشعبية والجماهيرية، ومنها الحركة
الحقوقية المتنامية في مواجهة إسرائيل، ومنها الجهد القانوني لملاحقة عدد من قادة
الاحتلال في أكثر من مكان، لكن هذه الإنجازات، على أهميتها، لم تستطع أن تعدل في
السلوك الدولي العام أو تخرق جدار الحماية الصلب الذي صنتعه الدول الغربية عموما
لحماية ورعاية الاحتلال.
الحقيقة الثانية: أن الدول الغربية هي من ساهمت في إنشاء دولة إسرائيل كقاعدة استعمارية
متقدمة في منطقتنا وهي من تعهدت بحماتها بكل المستويات، وهي لا تسمح بأي حال من
الأحوال بإدانتها أو مساءلتها على سلوكها المشين تجاه أهلنا في الأراضي الفسلطينية
المحتلة. وهي من توفر لها الرعاية العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية،
سواء في الظروف الطبيعة أم أثناء الأزمات والحروب. هذه الحقيقة تجعل مهمتنا صعبة.
فما هي الأسباب التي تجعل إسرئيل تتفوق علينا في معظم الميادين
الدولية؟
1- إسرائيل
تتعامل مع القانون الدولي على بناء قاعدة الإلزام وليس الالتزام:
تتعامل إسرائيل مع القانون الدولي فيما يخص القضية
الفسطينية والشعب الفلسطيني وفق فلسفة غير متكافئة، وهي إلزام الطرف الآخر
بالقانون وأحكامه وليس الالتزام به. بمعنى هي تعرف حق الدفاع عن النفس، وهي أسمت
جيشها بجيش الدفاع وذلك انطلاقا من المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تجيز
للدول الدفاع عن نفسها، طبعا وفق قواعد وشروط حددها الميثاق. وهي تخاطب العالم
انطلاقا من أنها في حالة دفاع عن نفسها ضد الإرهاب الفلسطيني أو اللبناني أو
العربي، وتعتمد على طريقة الدفاع المتحرك وليس المستكن.
تؤمن إسرائيل بأهمية الرأي العام الدولي وهي تعتبر المعركة القانونية والدبلوماسية لا تقل أهمية عن معارك الميدان. إن صورة دولة إسرائيل بنظر وزارة الخارجية الإسرائيلية يجب أن تبقى ناصعة وجميلة؛ دولة ديمقراطية دولة رفاهية دولة قانون، دولة أقلية محاطة بأكثرية كارهة
وتحت مسمى حق الدفاع عن النفس ترتكب كل الجرائم
والموبقات، وتساعدها في ذلك منظومة دبلوماسية وإعلامية ضخمة، تسوق لها هذا
التدليس، كما تصورها على أنها ضحية في وجه الجلاد الفلسطيني الذي لا رحمة في قلبه.
الصواريخ الفلسطينية مدانة وهي صواريخ عمياء تستهدف المدنيين وهي إرهاب، حصار قطاع
غزة هو دفاع عن النفس وهو عملية استباقية خوفا من وصول الإهاب إلى مواطنينا، وكل
عملية قتل ميداني هي رد فعل على محاولة اعتداء فلسطينية، وهي حق مشروع في الدفاع
عن النفس، ونأسف عن أي خطأ بهذا الخصوص، حتى جدار الفصل العنصري هو إجراء اضطراري،
طبعا يأتي في إطار حق الدفاع عن النفس لمنع الإرهاب الفلسطيني، وهي تسميه بالسياج
الأمني. باختصار، هي تنتهك أحكام القانون الدولي بشكل فظ، وتريد من الفلسطينيين
الالتزام به!!
2- إسرائيل تؤمن
بالرأي العام الدولي:
تؤمن إسرائيل بأهمية الرأي العام الدولي وهي تعتبر
المعركة القانونية والدبلوماسية لا تقل أهمية عن معارك الميدان. إن صورة دولة
إسرائيل بنظر وزارة الخارجية الإسرائيلية يجب أن تبقى ناصعة وجميلة؛ دولة
ديمقراطية دولة رفاهية دولة قانون، دولة أقلية محاطة بأكثرية كارهة. وتسخّر
إسرائيل في سبيل ذلك إمكانات مالية هائلة، فهي لا تتوانى لحظة في الدفاع عن سمعتها
أمام الرأي العام الدولي، وهي تسير حتى آخر نقطة في هذا المضمار.
3- إسرائيل تؤمن
بأن القوة الاقتصادية والصناعية سلاح استثماري فعال:
تدرك إسرائيل أن العالم يغلّب لغة المصالح على لغة القيم
والمبادئ، لذا فهي تعتبر أن قوتها الاقتصادية والصناعية تلقى احتراما وتقديرا من
الدول الأخرى، سواء كانت دول غربية متطورة أم دول نامية تبحث عن مكان لها تحت الشمس،
كالهند مثلا. إن الدول التي تريد الدخول إلى المنافسة العالمية تنظر إلى إسرائيل
على أنها تمتلك تقنيات صناعية نوعية هائلة ومن الجيد بناء علاقات معها، ويستغل
العقل الإسرائيلي هذه العلاقة سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا بطريقة ذكية وملفتة. ولا
شك أن هذه العلاقة تحمل منفعة للطرفين، فحاجة إسرائيل لمثل هذه العلاقات لا تقل
أهمية عن حاجة الدول الأخرى سواء النامية منها أو غيرها.
وهذا يطرح سؤالا كبيرا: هل أن الدول العربية والإسلامية
اللاعبة في منطقة الشرق الأوسط تمتلك منظمومة صناعية واقتصادية مؤثرة في العالم
تدفع الدول لاحترام رأيها السياسي؟ والسؤال نفسه يطرح أمام السلطة الفلسطينية: هل
هي تمتلك أدوات تأثير اقتصادي فعال، أو هي تشكل بالمعنى الاستراتيجي مصدر خطر على
البنية الاقتصادية والصناعية لدولة الاحتلال؟ أو أن المناطق التي تخضع لإدارة
السلطة الفلسطينية المباشرة تعتبر مكلفة اقتصاديا للاحتلال بحيث يؤخذ ذلك بعين
الاعتبار في شبكة العلاقات التي تنسجها الدول مع الاحتلال؟
4- إسرائيل تنخرط
بشكل فعال في المنتديات والمؤتمرات الدولية:
في العموم لا تغيب إسرائيل عن أي مؤتمر دولي، بل وتشارك
بفعالية فيه، وترصد كل المشاركين وما يصدر عنهم خصوصا ما يرتبط بالقضية الفلسطينية،
كما تُشرك مع ممثليها الرسميين متدربين من الخارجية الاسرائيلية (من فئة الشباب).
ومن الملفت للانتباه أن إسرائيل تشارك حتى في المنتديات التي يتوقع صدور إدانة لها
فيها، كما هو الحال في مجلس حقوق الإنسان أو الجمعية العامة للأمم المتحدة. يعني
باختصار هي حاضرة في كل الميادين الدولية، حتى في اللجان الفرعية (لجنة المنظمات
غير الحكومية التابعة لــ"ECOSC") وهي لا تترك الأمر للصدف بل تتابعه عن كثب.
5- إسرائيل تنتقد
تقارير المقررين الأمميين والمنظمات الدولية أولا بأول:
تقوم المنهجية الليزرية -هكذا أسميها أنا- على مبدأ التتالي والتركيز تجاه هدف محدد. تقوم المنظمات المساندة لإسرائيل في العالم بتشكيل لوبيات ضخمة تتحد فيما بينها، من خلال حملات منظمة، وتشن هجوما موحدا
لا يصدر تقرير من مقرر أممي فيه إدانة لإسرائيل إلا
ويلقى رد فعل مباشر من الخارجية الاسرائيلية أو من رئاسة الوزارء إن تطلب الأمر. وبغض
النظر عن موضوعية الرد الاسرائيلي إلا أنها لا تتوانى عن تسجيل موقف، وحين لا يكون
هناك حجة ومنطق، وهذا غالبا، فهي تشكك في موضوعية المقرر، أو تتهمه بأنه يكن
الكراهية لإسرائيل، وقد يصل الأمر باتهامه بمعاداة السامية. والأمر يكاد يكون نفسه
مع تقارير المنظمات الدولية مثل "Human rights watch" أو "Amnesty"، كأن
تتهمها بدعم الإرهاب. المتابعة الحثيثة للتقارير الدولية والانتقاد المنتظم لها
يعكس سياسة إسرائيلية منهجية تتجلى في عدم ترك المواقف الدولية دون ردود.
6- المنهجية
الليزرية:
تقوم المنهجية الليزرية -هكذا أسميها أنا- على مبدأ
التتالي والتركيز تجاه هدف محدد. تقوم المنظمات المساندة لإسرائيل في العالم
بتشكيل لوبيات ضخمة تتحد فيما بينها، من خلال حملات منظمة، وتشن هجوما موحدا. قد
يكون الهدف رئيس تحرير جريدة عالمية، أو كاتبا صحفيا عالميا، أو رياضيا عالميا أو
شخصية فنية مشهورة، أو وزير خارجية أو وزيراً أو حتى رئيس دولة.. عندما تصل آلاف
الرسائل للهدف المحدد يشعر المعني بأن تصريحه أو موقفه كان سيئا لدرجة أدت لهذا
الزخم من ردود الفعل، مما يجعله يتراجع عن موقفه أو بالحد الأدنى لا يكرره مرة
ثانية. هذه المنهجية الليزرية معتمدة بشكل واسع في
السياسة الخارجية الإسرائيلية،
وهي ليست جهد منظمات وجمعيات فحسب، بل إن المنظومة الدبلوماسية شريك أساسي في
توجيه هذه السياسة. من هنا ندرك أن دور السفير الاسرائيلي في بلد من البلدان ليس
دورا فخريا بل هو دور حقيقي وفعال، بنفس الفعالية التي تتمتع بها المنظمات
والمؤسسات المساندة لإسرائيل.
انظر مثلا حين التقى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو
غوتيرييش في آب/ أغسطس عام 2019 مع عائلة الجندي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية
هدار غولدن، وطالب حماس بإطلاق سراح الجنود الأسرى الإسرائلييين لديها أيضا. لم
يسبق أن فعل السيد غوتيريش مع عائلات ذوي الأسرى الفلسطينيين وهم بالآلاف، كما فعل
مع عائلة الجندي الإسرائيلي، كما أنه لم يسبق أن تعهد لذوي الأسرى الفلسطينيين بأن
تكون لقضيتهم أولوية بالنسبة إليه كما تعهد لعائلة غولدن. هذا اللقاء هو نتاج
اعتماد المنهجية الليزرية والتنسيق التام والمتابعة الحثيثة بين وزارة الخارجية
والمنظمات المؤيدة لإسرائيل.
المعركة القانونية، بنظر الاحتلال، تتطلب التسلح بشكل جيد بكل مفردات ومفاهيم القانون الدولي وفروعه. هذا الفهم لا يقتصر على شقه النظري، بل إن ممثليها يشاركون بفعالية في المنتديات المتصلة به
7- فهم عميق
للقانون الدولي:
إن دولة الاحتلال، بكل مؤسساتها، مدركة جيدا أهمية
القانون الدولي وفروعه، بما فيها القانون الدولي الإنساني (قانون الاحتلال). هذا
الفهم والإدراك ليس نابعا من حرصها على احترام القانون الدولي بل بهدف تصيد أخطاء
الطرف الآخر، أو "قوننة" سلوك إجرامي أو تبرير انتهاك مشين أو مواجهة
الانتقادات الدولية. وليس من الغرابة أن وزارة الخارجية ووزارة الدفاع لديهما قسم متخصص
في القانون الدولي. وأكثر من ذلك، إن دولة الاحتلال حين تناقش اتفاقا فإنها تصطحب
معها أو تتشاور بشكل دقيق مع خبراء في القانون الدولي.
إن المعركة القانونية، بنظر الاحتلال، تتطلب التسلح بشكل
جيد بكل مفردات ومفاهيم القانون الدولي وفروعه. هذا الفهم لا يقتصر على شقه النظري،
بل إن ممثليها يشاركون بفعالية في المنتديات المتصلة به. ولعل المقارنة تعتبر
مدخلا مهما للفهم بهذا الخصوص، انظر مثلا للتحصيل العلمي للدبلوماسيين الإسرائيليين،
فضلا عن جيش من الأكاديميين والقانونيين المسخّرين لخدمة السياسة الداخلية
والخارجية للاحتلال ولتبرير سياسة الاحتلال في الأراضي المحتلة.
8- قرار رسمي
بالدفاع القانوني عن جيش الاحتلال:
ليس خافيا أن إسرائيل هي "دولة لجيش" وليست "جيشا
لدولة"، انطلاقا من هذه الجدلية فإن الدولة كلها مسخرة للدفاع عن جيشها
وتبرير سلوكه الإجرامي. إن عملية الدفاع هذه مرتبطة بمنظومة الدولة كلها، ولم يحدث
قط أن تخلت دولة الاحتلال عن جيشها. هو في نظرها جيش يحترم القوانين الدولية، هو
جيش يقوم بالدفاع عن مواطني دولة إسرئيل ضد الإرهاب الفلسطيني، هو جيش حضاري يدافع
عن ديمومة الدولة وعزتها وكرامتها.
ولم يسبق أن تمت محاكمة أي عسكري إسرائيلي محاكمة حقيقية،
كلها كانت محاكمات صورية شكلية ومضيعة للوقت. وحين يكون الضغط الدولي كبيرا، نظرا
لفظاعة الجرم، فإن الاحتلال يقوم بمحاكمة صورية لسببين: الأول هو امتصاص الغضب
العالمي والثاني هو قطع الطريق عن أي تحقيق دولي (مبدأ التكامل القضائي).
تمتلك إسرائيل لوبيات إعلامية ضخمة تسخرها بقوة لصالح السلوك الإسرائيلي، وهذا الاستحواذ الإسرائيلي مصدره إدراك أهمية الإعلام من جهة وإنفاق ملايين الدولارات للسيطرة عليه من جهة أخرى
في المقابل، لا تتوفر هذه الرعاية للمقاومة الفلسطينية من
طرف السلطة الفلسطينية، فالمقاومة الفلسطينية بنظر السلطة الفلسطينية هي عنف في
بعض الأحيان وإرهاب في أحيان أخرى. إن غياب المظلة الرسمية لمقاومة الشعب الفلسطيني
يجعل إسرائيل تتفوق علينا في المحافل الدولية، صحيح أن ثمة تحول واضح في طريقة
تعامل المجتمع الدولي مع المقاومة في غزة بعد أن تمكنت من خلق معادلة جديدة وتحصيل
قوة واضحة وفارقة، وصحيح أن الدول الفاعلة باتت مضطرة لسماعهم والجلوس معهم، لكن الصحيح
أيضا أن السلطة الفلسطينية لو وفرت الغطاء الرسمي لهذه المقاومة لكان التأثير أكبر
بكثير.
9- الإعلام سلاح
إسرائيلي فتاك:
تتعاطف وسائل
الإعلام العالمية مع الرواية الاسرائيلية
وتتفهم السلوك الإسرائيلي. هذا التعاطف والتفهم ليس نابعا من نقص في المعلومات
لديها، بل علاقة استراتيجية عميقة ممتدة أفقيا وعاموديا. تمتلك إسرائيل لوبيات
إعلامية ضخمة تسخرها بقوة لصالح السلوك الإسرائيلي، وهذا الاستحواذ الإسرائيلي
مصدره إدراك أهمية الإعلام من جهة وإنفاق ملايين الدولارات للسيطرة عليه من جهة
أخرى. صحيح أن الإعلام الجديد قد قلل نسبيا من تأثير وسائل الإعلام التقليدية على
صناعة الرأي العام الدولي، لكن الصحيح أيضا أن مالكي الوسائل الجديدة (فيسبوك،
توتير، يوتيوب..) هم أيضا ممن تربطهم علاقة قوية مع الاحتلال. ولعل الهامش الذي
يعمل فيه العاملون للقضية الفلسطينية لا يسمح بالتأثير أكثر مما هو حاصل.