قضايا وآراء

قرار الكنيست بحظر الأونروا: التحديات القانونية والدبلوماسية في الأمم المتحدة

"تواصل الوكالة دورها في تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية، مما يسهم في استقرار المجتمعات اللاجئة"- الأناضول
بعد حظر إسرائيل لعمل الوكالة الدولية (الأونروا) في الأراضي التي تخضع لسيطرتها، ما يعني عدم الوفاء بالتزاماتها الدولية عمدا، هل من الممكن عمليا طرد أو تعليق عضوية إسرائيل من الأمم المتحدة؟ وما التحديات الدبلوماسية حيال ذلك؟ نحاول في هذا المقال الإجابة عن هذه التساؤلات.

تُعدّ وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، ركيزة أساسية للدعم الإنساني الدولي، حيث أُسست من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949. تتمثل مهمتها الأساسية في تقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها، التي تشمل غزة والضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية)، والأردن ولبنان وسوريا.

الإطار القانوني لوكالة الأونروا

تم إنشاء الأونروا بموجب قرار الجمعية العامة رقم 302 (IV) لعام 1949، ويستند تفويضها القانوني إلى قرارات لاحقة تؤكد مسؤوليتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، حتى يتم التوصل إلى حل عادل ودائم. تواصل الوكالة دورها في تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية، مما يسهم في استقرار المجتمعات اللاجئة. تشير التقارير الدولية إلى أن الأونروا تدير أكثر من 700 مدرسة، تقدم التعليم لحوالي 540 ألف طالب، مما يعكس دورها المحوري في التنمية البشرية. وتغطي عمليات الأونروا خمسة أقاليم رئيسية: غزة، والضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية)، والأردن، ولبنان، وسوريا.
التزامات الدول تجاه المنظمات الدولية المنبثقة عن الأمم المتحدة، تستند إلى عدة نصوص قانونية دولية، منها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 (IV) لعام 1949، الذي أنشأ الأونروا وحدد ولايتها لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين، حتى يتم التوصل إلى حل عادل. كما تمنح المادة 105 من ميثاق الأمم المتحدة؛ الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، الامتيازات والحصانات اللازمة لأداء وظائفها. إضافة إلى ذلك، تنص المادة 2 من الميثاق، على أن جميع الأعضاء يجب أن يمتثلوا لقرارات الأمم المتحدة.
وتقدم الوكالة خدمات حيوية تشمل التعليم والرعاية الصحية والمساعدات الاجتماعية وتطوير البنية التحتية. على سبيل المثال، في قطاع غزة وحده، يعتمد نحو 1.4 مليون شخص على الأونروا في تلقي المساعدات الأساسية.

مسؤوليات الدول القانونية تجاه الأونروا:

تقع على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مسؤولية دعم الأونروا ماليا وسياسيا لضمان استمرار خدماتها، وبلغت ميزانية الأونروا لعام 2022 حوالي 1.6 مليار دولار، حيث تُعدّ الدول الأوروبية والولايات المتحدة من أكبر المساهمين في تمويلها. إن استمرار التمويل يعكس التزام المجتمع الدولي بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، وأهمية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي.

وخلال هذا العام، تم اقتراح بيان الالتزامات المشتركة تجاه الأونروا من قبل الأردن والكويت وسلوفينيا، وحظي بدعم 118 دولة عضوا، بما في ذلك جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي. يُبرز هذا البيان التضامن والدعم للأونروا، خاصة في أوقات الهجمات المتزايدة ومحاولات تفكيك الوكالة.

إن التزامات الدول تجاه المنظمات الدولية المنبثقة عن الأمم المتحدة، تستند إلى عدة نصوص قانونية دولية، منها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 (IV) لعام 1949، الذي أنشأ الأونروا وحدد ولايتها لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين، حتى يتم التوصل إلى حل عادل. كما تمنح المادة 105 من ميثاق الأمم المتحدة؛ الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، الامتيازات والحصانات اللازمة لأداء وظائفها. إضافة إلى ذلك، تنص المادة 2 من الميثاق، على أن جميع الأعضاء يجب أن يمتثلوا لقرارات الأمم المتحدة، وأن يتعاونوا مع المنظمات الدولية لتحقيق الأهداف المشتركة. توفر اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946، إطارا قانونيا لحماية المنظمات الدولية وموظفيها، مما يضمن أن تتمتع بالامتيازات اللازمة لأداء مهامها دون تدخل.

تقييم قرار الكنيست بحظر التعامل مع الأونروا:

وفي هذا السياق، جاء قرار الكنيست الإسرائيلي في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 بحظر جميع عمليات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، داخل إسرائيل خلال فترة ثلاثة أشهر، مما شكل تهديدا مباشرا لقدرة الوكالة على تحقيق مسؤولياتها تجاه اللاجئين. ويتضمن القرار أيضا إنهاء أي علاقات رسمية بين موظفي الحكومة الإسرائيلية والأونروا، وتجريد موظفي الوكالة من الحصانات القانونية التي يتمتعون بها. هذا القرار، يُثير قضايا قانونية وسياسية بالغة الأهمية، حيث يمنع التعاون مع الأونروا ويعيق تقديم الخدمات في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، مما يحد بشكل كبير من قدرة الوكالة على تنفيذ أنشطتها وتقديم الدعم الإنساني للاجئين الفلسطينيين. ونظرا لهذه التحديات، فإن الدعم الدولي يصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، لضمان استمرار عمل الأونروا وتلبية احتياجات اللاجئين.

ومن الناحية القانونية، يُعد القرار انتهاكا واضحا لالتزامات إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق باحترام مهام المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة. كما يتعارض هذا القرار مع المادة 105 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تمنح الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، الامتيازات والحصانات اللازمة لأداء وظائفها. مثل هذا الحظر، يتعارض مع القواعد التي تنظم التعاون الدولي، ويثير تساؤلات حول التزام إسرائيل بتعهداتها تجاه القانون الإنساني الدولي.

ومن الناحية القانونية، يُعد القرار انتهاكا واضحا لالتزامات إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق باحترام مهام المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة. كما يتعارض هذا القرار مع المادة 105 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تمنح الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، الامتيازات والحصانات اللازمة لأداء وظائفها. مثل هذا الحظر، يتعارض مع القواعد التي تنظم التعاون الدولي، ويثير تساؤلات حول التزام إسرائيل بتعهداتها تجاه القانون الإنساني الدولي، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

وعلى الصعيد الإنساني، يؤدي هذا القرار إلى تعقيد الأوضاع في المناطق الواقعة تحت سيطرة إسرائيل، مما يعرقل عمليات الأونروا ويقوض قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية للمجتمعات اللاجئة. يؤثر هذا القرار بشكل مباشر على حياة مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، الذين يعتمدون على دعم الأونروا في مجالات حيوية؛ مثل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية. وفي غزة، يعتمد حوالي مليوني فلسطيني على الأونروا للحصول على المساعدات الإنسانية، ويستخدم مليون شخص مراكزها للحصول على الغذاء والرعاية الصحية. إن تعليق عمل الأونروا سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة والضفة الغربية، مما يهدد بتدمير الأنظمة التعليمية والصحية وزيادة خطر المجاعة وانتشار الأوبئة. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن نحو 96 في المئة من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مما يجعل دور الأونروا حيويا ولا غنى عنه. وفي الضفة الغربية والقدس الشرقية، سيؤدي تعليق عمل الوكالة إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية وتدهور الظروف المعيشية.

معطيات رقمية:

تُظهر المعطيات الدور المحوري الذي تؤديه الأونروا في تحسين حياة اللاجئين الفلسطينيين من خلال تقديم الخدمات الأساسية، مما يجعل استمرار عملها ضرورة حتمية للحفاظ على الاستقرار الإقليمي وتلبية الاحتياجات الإنسانية:

التعليم: تقدم الأونروا التعليم لما يقارب 550 ألف طالب في مناطق عملياتها الخمس: غزة، والضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية)، والأردن، ولبنان، وسوريا.

الصحة: يعتمد أكثر من مليوني مريض على خدمات الرعاية الصحية التي تقدمها الأونروا في مناطق عملياتها الخمس.

الحماية الاجتماعية: تدعم الأونروا حوالي 400 ألف من الأفراد الأكثر ضعفا من خلال برنامج شبكة الأمان الاجتماعي، كما توزع الغذاء والمساعدات النقدية على 1.5 مليون شخص يعانون من تأثيرات الأزمات الإنسانية في غزة، وسوريا، والأردن، ولبنان.

المنح الجامعية: تُوفر الأونروا منحا جامعية للشباب الفلسطينيين اللاجئين المتميزين أكاديميا، وللذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التعليم العالي.

الصحة البيئية: تقدم الأونروا خدمات الصحة البيئية في مخيمات اللاجئين، وتشمل إدارة النفايات، ومراقبة جودة المياه، ومكافحة الأمراض المعدية.

المراكز الصحية: تدير الأونروا 65 مركزا صحيا أوليا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، منها 22 مركزا في غزة، و43 في الضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية).

بعد حظر إسرائيل لوكالة الأونروا، هل يمكن طرد إسرائيل من الأمم المتحدة أو تعليق عضويتها؟

يعد تعليق أو إلغاء عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة بسبب قرارها بحظر الأونروا، إجراء معقدا ونادر الحدوث، ويتطلب جهودا قانونية ودبلوماسية مكثفة. نستعرض في هذا السياق النصوص القانونية التي تتيح مثل هذا الإجراء، إلى جانب الخريطة الدبلوماسية اللازمة لتحقيق ذلك.

1- تعليق العضوية: المادة 5 من ميثاق الأمم المتحدة: تنص هذه المادة على إمكانية تعليق حقوق وامتيازات عضوية دولة عضو، إذا اتخذ مجلس الأمن إجراءات وقائية أو تنفيذية ضدها. يتطلب هذا الإجراء توصية من مجلس الأمن، ويعقبها تصويت الجمعية العامة.

2- إلغاء العضوية: المادة 6 من ميثاق الأمم المتحدة: تُشير هذه المادة إلى إمكانية طرد دولة عضو من الأمم المتحدة، إذا انتهكت بشكل مستمر مبادئ الميثاق. ويحتاج هذا الإجراء إلى توصية من مجلس الأمن، وتصويت الجمعية العامة بأغلبية الثلثين.

أي الخيارين يمكن أن يتحقق؟
تعليق أو إلغاء عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، يشكل تحديا قانونيا ودبلوماسيا كبيرا، يتطلب توافقا دوليا واسعا وتنسيقا مكثفا بين الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية، مثل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، فضلا عن دعم المجتمع المدني والمنظمات الدولية من خلال الضغط الشعبي والدولي. يواجه هذا المسعى تحديات؛ منها استخدام حق النقض (الفيتو).

يتطلب تعليق أو طرد دولة عضو من الأمم المتحدة توصية من مجلس الأمن، وهو ما يتطلب موافقة تسعة من أعضائه، بما في ذلك جميع الأعضاء الدائمين؛ الخمسة (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، المملكة المتحدة). يُعدّ حق النقض (الفيتو) من أبرز العقبات في هذا السياق، بمعنى أن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا حاضرة لاستخدام هذا الحق.

بعد الحصول على توصية مجلس الأمن، ينبغي الحصول على تصويت الجمعية العامة بأغلبية الثلثين لتعليق أو طرد الدولة المعنية، وهذا يتطلب بناء دعم واسع بين الدول الأعضاء.

لعل هذا الخيار صعب أيضا، ذلك أن خريطة العالم تغيرت، وعدد الذين يصوتون كل عام لصالح الأونروا أو القضية الفلسطينية، يتراجع بشكل ملحوظ، حيث إن الدبلوماسية الإسرائيلية والمصالح الكبيرة جعلت عددا من الدول الأفريقية، أو دولا في أمريكا اللاتينية، أو دولا فيما كان يعرف بشرق أوروبا، تحجم عن دعم القضية الفلسطينية، أو تدعم إسرائيل في أكثر من موقف، ويتطلب في المقابل جهودا دبلوماسية كبيرة جدا من طرف أصدقاء القضية الفلسطينية.

إن تعليق أو إلغاء عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، يشكل تحديا قانونيا ودبلوماسيا كبيرا، يتطلب توافقا دوليا واسعا وتنسيقا مكثفا بين الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية، مثل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، فضلا عن دعم المجتمع المدني والمنظمات الدولية من خلال الضغط الشعبي والدولي. يواجه هذا المسعى تحديات؛ منها استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، والتباين الكبير في مواقف الدول تجاه القضية الفلسطينية. رغم هذه الصعوبات، يبقى هذا الخيار أداة مهمة للضغط من أجل حقوق الشعب الفلسطيني، وتعزيز العدالة الدولية.