كغيره من شعوب الأرض فإن للشعب الفلسطيني علمه ونشيده الوطني الخاص الذي يعتبر أحد رموز هويته الوطنية الراسخة، وقد سبق النشيد الوطني الفلسطيني الأول إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية بعقود، إذ كان أول نشيد وطني هو النشيد (موطني) للشاعر الفلسطيني الراحل إبراهيم طوقان وهو النشيد نفسه الذي استخدم أيام الجمهورية العربية المتحدة وهو أيضاً نفس النشيد الوطني العراقي وكان من ألحان الموسيقار اللبناني محمد فليفل.
أما النشيد الحديث (فدائي) فقد أصبح متداولاً عام (1972م)، واعتمد
نشيداً وطنياً للفلسطينيين بقرار من
اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في ذلك العام، وعرف آنذاك
بنشيد الثورة الفلسطينية، وقد ارتبط النشيد الوطني الفلسطيني رغم تحوله من "موطني" إلى فدائي باسمي شاعرين هما الشاعر الراحل إبراهيم طوقان والشاعر الراحل سعيد
المزين .
الثورة وتبديل النشيد
"موطني" قصيدة قومية عربية للشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان
ولحّنها الموسيقار اللبناني محمد فليفل في العام 1934، ولها مكانة عند الشعب
العربي، وهي اليوم النشيد الوطني في العراق، ونشيد وطني غير رسمي في فلسطين وقد
حظي النشيد بشعبية واسعة وكان بمثابة النشيد الوطني غير الرسمي لدى الفلسطينيين،
حتى اعتُمد نشيد "فدائي" رسميا في بداية الثورة الفلسطينية. كما اعتُمد
نشيدا وطنيا في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين في العام 2003، واستُخدم بدلاً من
نشيد أرض الفراتين لشفيق الكمالي.
إبراهيم طوقان
وقد ظهرت حديثا عدة تسجيلات لهذا النشيد، حيث غناه الكثير من النجوم
بتوزيعات جديدة، من بينهم متسابق سوبر ستار الموسم الخامس مراد السويطي وأطلقه في
قناته الرسمية في يوتيوب في 18 سبتمبر 2013، كما غنته إليسا في فيديو كليب أطلقته
في قناتها في يوتيوب في 29 أبريل 2015، وحذف لاحقا لخلاف على حقوق التوزيع.
كما أصدرت المغنية والممثلة اللبنانية كريستينا صوايا النشيد في 20
مايو 2015 في قناتها على يوتيوب بتوزيع مختلف لهيثم زيّاد وإحسان المنذر. بغض
النظر عن سياق تبديل النشيد الوطني الفلسطيني والتحولات التي شهدها الشعب
الفلسطيني وخاصة بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية في الأول من كانون ثاني / يناير
1965.
شاعران لقضية عادلة
ارتبطت كلمات نشيدي "موطني" ومن ثم "فدائي"
باسمي شاعرين هما الشاعر الراحل إبراهيم طوقان والشاعر سعيد المزين؛ أما كلمات "موطني" للشاعر الراحل إبراهيم طوقان فهي:
موطني.. موطني.. الجلالُ والجمالُ والسناءُ والبهاءُ.. في رُباكْ..
في رُباكْ.. والحياةُ والنجاةُ والهناءُ والرجاءُ.. في هواك.. في هواك.. هل
أراكْ.. هل أراكْ.. سالماً منعَّماً وغانماً مكرَّماً؟.. هل أراكْ.. في علاكْ.. تبلغ
السِّماكْ؟.. تبلغ السِّماكْ؟.. موطني... موطني.. موطني.. موطني.. الشبابُ لن
يكلَّ همُّه أن تستقـلَّ أو يبيدْ.. نستقي من الـردى ولن نكون للعدى.. كالعبيد..
كالعبيد.. لا نريدْ.. لا نريدْ.. ذلَّنا المؤبَّدا.. وعيشَنا المنكَّدا لا نريدْ..
بل نُعيدْ.. مجدَنا التليدْ.. مجدَنا التليدْ..
موطني.. موطني.. موطني.. موطني.. الحسامُ واليَراعُ لا الكلامُ
والنزاعُ.. رمزُنا... رمزُنا.. مجدُنا وعهدُنا وواجبٌ من الوَفا.. يهزّنا...
يهزّنا.. عزُّنا.. عزُّنا.. غايةٌ تُشرِّفُ ورايةٌ تُرفرفُ.. يا هَناكْ في عُلاكْ..
قاهراً عِداكْ.. قاهراً عِداكْ.. موطني.. موطني.
أما مؤلف نشيد "فدائي" فهو الشاعر الراحل (سعيد المزين)
المعروف بفتى الثورة، مؤسس أولى المجلات الفلسطينية المعاصرة التي كانت تصدر باسم
(الثورة الفلسطينية)، بينما مُلحنها هو الموسيقار المصري الكبير (علي إسماعيل)،
وقد قام الموسيقار اليوناني (الكبير ميكيس ثيوذوراكيس) بإعادة التوزيع الموسيقي
للنشيد عام 1981 في خطوة رمزية عبر من خلالها عن تضامنه مع الفلسطينيين وقضيتهم
العادلة، فيما قام الملحن الفلسطيني (حسين نازك) بوضع التوزيع الموسيقي النهائي
للنشيد عام (2005م). ويعتبر النشيد الوطني الفلسطيني رمزا من أهم رموز الهوية الوطنية فقد أولاه مجلس
الوزراء الفلسطيني أهمية كبرى، وأمر بتوحيده وإعادة تسجيله، وتعميمه على المؤسسات
الحكومية والسفارات، وأصدر قراراً بالمصادقة عليه يحمل رقم (181) لسنة (2005م).
سعيد المزين
وكلمات النشيد الوطني الفلسطيني المعتمد من قبل منظمة التحرير
الفلسطينية هي:
فدائي فدائي فدائي يا
أرضي يا أرض الجدود
فدائي فدائي فدائي يا
شعبي يا شعب الخلـــود
بعزمي وناري وبركان ثاري
وأشواق دمي لأرضي وداري
صعدت الجبال وخضت النضال
قهرت المحال حطمت القيود
فدائي فدائي فدائي يا
أرضي يا أرض الجدود
فدائي فدائي فدائي يا
شعبي يا شعب الخلـــود
بعصف الرياح ونار السلاح
وإصرار شعبي لخوض الكفاح
فلسطين داري ودرب انتصاري
فلسطين ثاري وأرض الصمود
فدائي فدائي فدائي يا
أرضي يا أرض الجدود
فدائي فدائي فدائي يا
شعبي يا شعب الخلـــود
بحق القسم تحت ظل العلم
بأرضي وشعبي ونار الألم
سأحيا فدائي وأمضي فدائي
وأقضي فدائي إلى أن أعود
فدائي فدائي فدائي
يا أرضي يا أرض الجدود
فدائي فدائي فدائي
يا شعبي يا شعب الخلـــود
وعلى الرغم من تبديل النشيد الوطني الفلسطيني من موطني إلى فدائي إلا
أن هناك إجماعا فلسطينيا عليه، لأنه دلالة على استمرار الثورة وأن الشعب الفلسطيني
في مرحلة تحرر وطني لا بد أن يتم الوصول إليها رغم استمرار المجازر الصهيونية على
امتداد فلسطين التاريخية، ووحدة الشعب الفلسطيني واستمراره في الكفاح كفيل بتحقيق
النصر وطرد المحتل الصهيوني من جنبات الوطن وعودة اللاجئين إلى قراهم ومدنهم التي
طردوا منها .
*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
ميرون قرية مدمرة ترفض مغادرة الذاكرة
نموذجان في الأدب الفلسطيني رسخا الهوية الوطنية
مخيم المغازي شهد أول هزيمة للرومان في معركة داثن