رغم
الحملات الدعائية التي تنفذها دولة
الاحتلال لتسويق صورتها لدى الرأي العام العربي
والدولي، لكن الشعور بالفشل يطاردها، بسبب عدم القدرة على ترويج روايتها للدول العربية،
ورغم المطالبة بتعيين وزير إعلام متفرغ في الحكومة القادمة، لكن هناك قناعة متزايدة
أنه لن يملك حلاً سحريًا على الأرجح.
مناسبة
هذه الصورة المتشائمة مرتبطة بما يسميه الإسرائيليون الموقف العدائي تجاه صحفييهم الذين
يغطون مونديال قطر، مما ذكرهم بصورة الاحتلال القاتلة بين شعوب المنطقة، ثمرة ما يعتبرونه
التحريض الهائل وغسيل المخ ونزع الشرعية بشكل منتظم ومنهجي عن الاحتلال، المستمرة منذ
سنوات عديدة في كل وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، في حين أن وسائل الإعلام
الإسرائيلية مشغولة بشكل حصري بالقضايا المحلية، والجمهور الإسرائيلي أسير "وهم"
الحياة الطبيعية.
موشيه
كوهين المتحدث السابق باسم وزارة القضاء، اتهم بصحيفة "
يديعوت أحرونوت" المجتمع
الإسرائيلي "بالجهل بالأخبار والأحداث والتصورات والحالات المزاجية في البلدان
المجاورة، ويتفاقم ذلك بفعل الفجوات اللغوية والثقافية، واللامبالاة، وقلة الاهتمام،
أما على مستوى الدولة والحكومة فإن المسؤولين عن تسويق صورة إسرائيل يواجهون تحديات
كبيرة، ويدفعون ثمناً باهظاً، لأنهم خسروا معركة المناصرة الوطنية، والحرب على الوعي،
وشرعية وجودنا، وهي أحجار الزاوية في الأمن القومي الإسرائيلي".
وأضاف
في مقال ترجمته "
عربي21": "نحن أمام مسألة إستراتيجية ليس فقط في أوقات
الحرب، ولكن أيضًا في الحياة اليومية، لكن الحكومات الإسرائيلية المختلفة أهملتها منذ
سنوات عبر المتحدثين الرسميين والهيئات الإعلامية، وفشلت مرارًا وتكرارًا في تسويق
الرواية الصهيونية للفضاء الشعبي من حولنا، والأسباب كثيرة ومتنوعة أهمها قلة الميزانيات،
والسلطات اللامركزية، وضعف التنسيق، والاهتمام بالداخل فقط لاعتبارات حزبية، وبشكل
عام عدم وجود إدارة فعالة على المستوى الإستراتيجي".
وأكد
أنه "في أوقات الأزمات والعمليات العسكرية، يعرف المتحدثون باسم الوزارات والجيش
وقوات الأمن أن يتعاونوا لإيجاد حلول دعائية محددة، لكن بمجرد أن تنتهي الحرب تتجاهل
ذات الجهات المواجهة الدعائية التي تعقب الحرب، ولا تقل عن خطورتها، مما حدا بمراقب
الدولة ومركز المعلومات بالكنيست لكشف أوجه القصور الدعائية والثغرات الإعلامية، رغم
امتلاك الدولة لإمكانات بشرية كبيرة، ولديها وفرة كبيرة من المتحدثين باللغات الأجنبية،
خاصة العربية والفارسية".
واعترف
بأن "إسرائيل بكل أدواتها الدعائية فشلت في "غسل" استوديوهات المحطات
الإذاعية الأجنبية، واستخدام الشبكات الاجتماعية للوصول إلى الجيران العرب مباشرة بلغتهم
ودون وساطة من وسائل الإعلام المعادية، بما في ذلك الاحتضان الدافئ للمراسلين الأجانب،
وتفعيل المتحدث باسم الجيش في غير السياقات العسكرية، وعدم مخاطبة الجمهور العربي حولنا
من خلال ضباط يرتدون الزي العسكري، مما يستدعي تعيين وزير إعلام متفرغ، وهذه حقيبة
رفيعة المستوى ومؤثرة".
يشكل
الإقرار الإسرائيلي بالفشل الدعائي دافعا لإعادة النظر بوسائلها الإعلامية التي أخفقت
بتسويق صورتها الإقليمية والدولية، بتحويل وزارة الإعلام لتصبح المصدر الأصلي للمتحدثين
الرسميين للوزارات، والمكتب الصحفي الحكومي، ومركز المعلومات، والمقر الوطني للمعلومات،
ومكتب
الدعاية الحكومية، وتنفيذ أدوات الدعاية والتأثير على الرأي العام في بلدان المنطقة،
واختيار المنصات المناسبة للعمل، وتحديد الرسائل الدقيقة.
مع العلم
أن هناك قناعة إسرائيلية متزايدة بأن هذه الوزارة المقترحة ليست الحل السحري لجميع
مشاكل الاحتلال الإعلامية، في ظل تدهور صورته الدعائية، والتشكيك بشرعية وجوده، وتراجع
التأثير على الوعي الشعبي من حوله، لأن المشكلة الأساسية هي الاحتلال.