نشر
موقع "
ذي أثليتيك" الأمريكي تقريرًا تحدث فيه عن النزاع الذي دخل فيه اللاعب
المصري عبدالله السعيد مع ناديه السابق "
الأهلي" منذ أربع سنوات والذي أدى
إلى تجميد حساباته المصرفية وأصوله بسبب بند مثير للجدل في عقده جعل سعيد مدينا للنادي
بمليوني دولار ( 1.7 مليون جنيه إسترليني).
وقال
الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن هذه القضية المعقّدة تتضمن إحدى
أكثر الخلافات احتدامًا في كرة القدم.
بدأ
عبد الله السعيد مسيرته في فريق مسقط رأسه النادي الإسماعيلي، وفي سنة 2011 انضم إلى
الأهلي وسرعان ما أثبت نفسه كأحد لاعبيه الرئيسيين في خط الوسط الهجومي.
حصد
عبد الله مع النادي الألقاب واحدا تلو الآخر -أربع بطولات في الدوري المصري في خمس
سنوات، ولقبين في دوري أبطال أفريقيا- ولكن مع مرور الوقت تضاءلت شعبيته. وفي كل مرة
ينتهي عقده، كان يطلب رفع أجره كما هو متعارف عليه بين اللاعبين، لكن بعد فترة من الزمن
أزعج هذا الأمر قسم الدعم والنادي.
وذكر
الموقع أنه بحلول سنة 2018، بات الأهلي غير قادر على مجاراة توقعاته المالية، لذلك
بحث السعيد عن إمكانية الانتقال إلى الخارج. ثم طُرح حل على المستوى المحلي بحسب ما
كشفه اللاعب في تصريح له: "لم نتوصل إلى اتفاق مع الأهلي. لذا تحدث الزمالك معي
واتفقنا... ووقعت عقدًا مسبقًا معهم".
بعد
أن وافق السعيد على الصفقة، طلب من الزمالك التزام الصمت موضحًا أنه "إذا تم الإعلان
رسميًا عن توقيعي مع الزمالك، فمن المحتمل أن الأهلي سيجمّد عقدي معه، وقد يؤثر ذلك
على فرصي في اللعب في كأس العالم". في ذلك الوقت، كان اللعب في مونديال روسيا
صفقة كبيرة له مع بلوغه الـ34 عامًا وربما كانت هذه فرصته الأخيرة.
أشار
الموقع إلى أن عبد الله راهن على غياب مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك "غريب الأطوار"
الذي حُكم عليه مؤخرًا بالسجن لمدة شهر بتهمة التشهير برئيس النادي الأهلي محمود الخطيب.
وبعد فترة وجيزة من الاتفاق على الصفقة، استضاف منصور بثًا مباشرًا على "فيسبوك"
أشار فيه بشكل غامض إلى صفقة جديدة مفاجئة وصفها بـ"صفقة انتقال القرن"،
ثم شارك صورة السعيد وهو يصافحه وبعض كبار المسؤولين الآخرين في الزمالك.
أقنع
الأهلي السعيد بالتخلي عن عقده مع الزمالك والتوقيع على عقد جديد معهم، وعلق على ذلك
قائلا: "أدرك المسؤولون في الأهلي أنهم في ورطة، لذلك ضغطوا عليّ للاستمرار معهم
و[قالوا] إنني إذا تعاقدت معهم فسيفعلون ما أريد".
ذكر
الموقع أن هذا الاتفاق تمّ جزئيًا بفضل تركي آل الشيخ، رئيس "الهيئة العامة للترفيه"
في السعودية والمسؤول عن العديد من الأندية في العالم. وفي ذلك الوقت، كان آل الشيخ
منخرطًا في مجلس إدارة الأهلي لتوفير التمويل الذي من شأنه من الناحية النظرية المساعدة
في تمويل عقد عبد الله السعيد.
وبالفعل
أعاد السعيد التعاقد مع نادي الأهلي، لكن في اليوم التالي لإعلان الصفقة صرح النادي
بأنه لا يريد من السعيد أن يلعب لصالحهم مرة أخرى. وعلق السعيد على ذلك بقوله:
"لقد فوجئت، لماذا لم يسمحوا لي بالانتقال عندما كنت قد وقّعت بالفعل (عقدا مسبقا)
مع نادٍ آخر؟ لماذا يريدون إيقاعي في ورطة؟".
وأشار
الموقع إلى أن ما حدث مع السعيد تركه في موقف محرج لأنه كان بحاجة إلى اللعب لضمان
اختياره لكأس العالم لأنه إذا لم يستطع اللعب مع الأهلي فسيتعين عليه العثور على نادٍ
آخر للانضمام إليه على سبيل الإعارة.
وكانت
المشكلة أنه لم يتم فتح نوافذ تسجيل اللاعبين في العديد من البلدان، وكانت فنلندا الخيار
الوحيد المتاح، ما خلق مفارقة في السيرة الذاتية لسعيد: سبع مباريات في الدوري الفنلندي
الممتاز مع فريق كووبيون بالوسيورا.
بعد
نهائيات كأس العالم، وخروج مصر المخيب للآمال من الدور الأول، واجه عبد الله السعيد
مشكلة كبيرة: أكد الأهلي أنه لا يريد أن يلعب السعيد لصالحهم، وأنهم لن يبيعوه إلى
فريق مصري آخر. لم يتخيل العودة إلى فنلندا بينما كانت الخيارات محدودة، لذلك فعندما
اقترح تركي آل الشيخ أن السعيد يمكن أن ينتقل إلى الأهلي السعودي، فقد بدا الأمر وكأنه
الخيار الوحيد الممكن.
وافق
الأهلي على الصفقة، لكن بشرط إدراج بند في اتفاق ثلاثي -بينهم وبين السعيد والأهلي-
يمنعه من الانتقال إلى نادٍ مصري آخر لمدة ثلاث سنوات. وإذا أعيد بيعه لنادٍ مصري آخر،
فإن الأهلي يستحق تعويضا جزائيا بقيمة مليوني دولار.
وأضاف
الموقع أن السعيد انتقل إلى جدة أملا في كتابة فصل جديد في مسيرته لكن سرعان ما تلاشت
آماله بحلول كانون الثاني/ يناير، إذ وصف اللاعب وضعه بأنه "لم يكن مريحًا"،
مضيفًا أنه "لم يكن هذا أفضل شيء بالنسبة لي ولعائلتي، تحدث معي الأهلي السعودي وأخبرني
أنهم يريدون ضم لاعبين جددا من الخارج، ولذلك فقد توصلنا إلى اتفاق وأنهينا العقد".
ولكن
الأمور لم تسر على ما يرام، فبينما أرجع السعيد هذه الخطوة إلى أنها كانت حالة بسيطة
من الحنين إلى الوطن، فإن هذه الحجة لم تكن مقنعة لنادي الأهلي المصري لاعتقاده بأنه
قد تم التلاعب به، وأن خطة اللاعب كانت طوال الوقت الانتقال إلى ناد مصري آخر من الباب
الخلفي، بعد اتخاذ السعودية محطة لمدة ستة أشهر، وهو الأمر الذي ينفيه السعيد.
تدخل
تركي آل الشيخ مرة أخرى، بعد خلافه مع الأهلي، ثم شرائه فريقًا صغيرًا يدعى "الأسيوطي
سبورت" الذي فاز للتو بالترقية إلى دوري الدرجة الممتازة ونقله إلى القاهرة، ثم
تغيير اسمه إلى نادي "بيراميدز"، وأنفق الملايين على اللاعبين، وأتى بمدرب
بوتافوجو السابق ألبرتو فالنتيم مدربًا للفريق الجديد، وعين أسطورة المنتخب المصري
(والأهلي) حسام البدري رئيسًا له. وأطلق آل الشيخ قناة خاصة بـ"بيراميدز"،
حيث ظهر أمثال رونالدينيو وجون تيري ومايكل أوين وجيرمين جيناس بشكل مثير لتقديم تحليلاتهم
لمباريات النادي.
وأوضح
الموقع أن آل الشيخ انتهز فرصة أن السعيد أصبح متاحًا، حيث إنه كان لاعبًا حرًا من الناحية
الفنية، بعد التحرر من البند الرئيسي في عقده الذي ينص على منعه من إعادة بيعه إلى
ناد مصري آخر لثلاث سنوات. تم تعجيل التوقيع في الأيام القليلة الأولى من سنة 2019،
وهو الوقت المناسب تمامًا لظهور السعيد لأول مرة في نادي بيراميدز في 4 كانون الثاني/
يناير ضد الأهلي، والذي استطاع فيه السعيد إحراز هدف التعادل ثم الهدف الذي حقق به
الفوز لناديه الجديد، ليهزم الأثرياء الجدد القوة القديمة 2-1، الأمر الذي وصفه السعيد
قائلا: "كان الموقف غريبا بالنسبة لي، لكنني تصرفت بشكل احترافي".
لكن
لم تدم فرحة هذا الانتصار طويلًا، حيث نقل الأهلي المصري قضيته -ضد كل من السعيد والأهلي
السعودي- إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) الذي حكم بأن له الاختصاص القضائي
فقط في أي نزاع بين ناد وآخر؛ ثم أعاد الأهلي تقديم الشكوى، فقط ضد نظيره السعودي،
لكن الفيفا حكم بأن النادي السعودي لم يكن مسؤولا عن أي شيء. وبعد ذلك حوّل الأهلي
قضيته ضد السعيد إلى المركز المصري للتسوية والتحكيم الرياضي، وهي هيئة مصممة لحل مثل
هذه النزاعات، والتي حكمت لصالح الأهلي مبينة أن شروط العقد تعني أن سعيد مدين لناديه
السابق بمبلغ مليوني دولار.
وأضاف
الموقع أن الخطوة التالية كانت من خلال محكمة التحكيم الرياضية، التي تحل معظم النزاعات
والتي حكمت لصالح السعيد في أيار/ مايو 2022، حيث قالت إن البند المعني يرقى إلى تقييد
الانتقال وغير قابل للتنفيذ وعلقت العقوبة، وهو الأمر الذي اتفق معه اتحاد اللاعبين
العالميين "فيفبرو" الذي أوضح أن "مثل هذه البنود غير المنافسة ليست
غير قانونية فحسب، بل تنتهك أيضا المادة 18 مكرر من لوائح الانتقالات في الفيفا".
في حزيران/
يونيو، رفع الأهلي المصري القضية إلى محكمة مدنية محلية حيث عرضها كما لو أنه نزاع
تعاقدي دون الرجوع إلى قرار محكمة التحكيم الرياضية، وحسمت المحكمة القضية لصالح النادي
بتغريم عبد الله السعيد مليوني دولار وتجميد حساباته المصرفية وغيرها من الأصول حتى
الدفع. وقال فريقه القانوني بأنه لم يكن على علم بهذا الإجراء، وأنه لم يتمكن من تقديم
حججه إلى المحكمة.
أصدر
اتحاد اللاعبين العالميين بيانًا في أيلول/ سبتمبر صرح فيه بأن الأهلي يجعل حياة السعيد
"كابوسًا حيًا"، داعيًا إياه إلى وقف ملاحقته "غير العادلة" و"المروعة"
له.
من جانبه،
قدم السعيد مجموعة من الطعون ضد هذه الأحكام مع تحديد موعد جلسة استماع في تشرين الثاني/
نوفمبر، وحتى ذلك الوقت فإنه كان من الصعب عليه التخطيط للمستقبل وهو ما أثر على حياته المهنية.
وصف
الموقع ملاحقة اللاعب، الذي يبلغ من العمر 38 عامًا ويشيد الكثيرون بأدائه في الدوريات
المصرية، بـ"الانتقامية للغاية"، مرجعًا ذلك إلى تعرض الأهلي لضغوط متزايدة
من جماهيره على إدارة النادي. في المقابل، يحظى السعيد بدعم كبير، على الرغم من إلقاء
اللوم عليه، وذلك بسبب محاولاته الأولية طلب المزيد من الأموال من الأهلي في مفاوضات
العقود التي اعتبرها البعض جشعة.