رغم
الزيارة "التاريخية" التي قام بها وزير حرب الاحتلال بيني غانتس إلى
تركيا، لكن الإسرائيليين في قرارة أنفسهم يعتقدون أن الرئيس رجب طيب أردوغان لم
يصبح مؤيدًا لهم، لكن أهدافه من التقارب معهم مفهومة بالنسبة لهم، فهو يحتاج إلى
لوبي إسرائيلي في واشنطن للتقليل قدر الإمكان من الأضرار الناجمة عن شرائه
للمنظومات العسكرية الروسية، إضافة لرغبته بجعل تركيا مفترق غاز جديدا لأوروبا.
أمير
بار شالوم الخبير العسكري في موقع "زمن إسرائيل"، زعم أنه "بالنسبة
لأردوغان، فإن إسرائيل هي الجواب عن هذه التساؤلات، وهي بالنسبة له فرصة لفتح
الأبواب التي أغلقت في وجهه سابقا بكل من أوروبا والولايات المتحدة، لأن الغاز
الفلسطيني المسروق، الذي تصدره دولة الاحتلال سيمر عبر تركيا، ومن هناك لأوروبا، مما
يعني اعتمادها على تركيا لعقود قادمة، وهي خطوة ستؤتي ثمارها أكثر من أي خطوة
عسكرية أو سياسية أخرى".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أنه "يمكن لهذا التغيير أن يعمل على
استقرار تركيا اقتصاديًا وسياسيًا، مما يجعل إسرائيل، بنظرها، جزءا من الحل، وليست
المشكلة".
واعتبر
أن أردوغان في السياق الأمريكي يحاول الحد من أضرار شراء الأنظمة الروسية المضادة
للطائرات إس400، وهو أمر مشكوك فيه إذا كان سيتخذ نفس القرار اليوم في ضوء ما يراه
في أوكرانيا، والعقوبات الغربية المفروضة على روسيا، مقابل تنشيط صفقة طائرة الشبح
إف35 الأمريكية، بالتزامن مع شراء اليونان سربا من طائرات الشبح الأمريكية، مما
يجعل تركيا تجد نفسها في خضم سباق تسلح، وتحتاج خدمات الضغط الإسرائيلية على
واشنطن.
اقرأ أيضا: خبراء إسرائيليون يقرأون زيارة غانتس لتركيا ولقاءه أردوغان
وأشار
إلى أنه "بالتزامن مع زيارة غانتس لأنقرة، هاجمت تل أبيب مرة أخرى دمشق، وهو
ثالث هجوم خلال 5 أيام، بعد أن حددت طرق تهريب إيرانية جديدة إلى داخل سوريا،
وتحاول قطعها، صحيح أنه لم يتم التطرق للموضوع السوري صراحة في تصريحات الضيف
والمضيف، لسبب وجيه، فلديهما مصالح في سوريا، وأي بيان قد يضر بها، وطالما أن
مصالحهما لا تتعارض، فالأفضل الحفاظ على الوضع الراهن، خاصة وأن تركيا لا تأسف
لاستهداف القدرات الإيرانية في سوريا".
وأوضح
أنه عند الحديث عن حماس، فإن "إسرائيل تعترف أن أردوغان ليس من مؤيديها، وعدم
نسيانه ارتباطه بالجماعات الإسلامية، وتقاربهم المباشر مع حماس، وهذا سبب عدم
قيامه حتى يومنا هذا بالتضييق عليها في بلاده، مما يجعل حاشية غانتس تفضل الاكتفاء
بإجابة قصيرة مفادها أن هناك تفاهما تركيا لمطالب إسرائيل بهذا الشأن، مما يطرح
السؤال حول مدى حرصها على التقارب التركي".
في
الخلاصة، يتحدث الإسرائيليون عما يعتبرونها "حقيقة واحدة لا جدال فيها"،
وهي أن تركيا السائرة في خطها الجديد لتجديد علاقاتها مع إسرائيل بسرعة، لديها ما
يكفي من الأسباب الرئيسية للتغيير في مواقفها منها، لا سيما باتجاه استكمال خريطة
مصالحها المباشرة، خاصة بعد أن قرأ أردوغان جيدًا الوضع المتدهور في أوروبا،
والذعر الذي يكشف عنه في عصر نقص الغاز، والمنافسة داخل الاتحاد الأوروبي للحصول
عليه بأي ثمن تقريبًا، والاحتجاجات الاجتماعية في القارة عقب ارتفاع الأسعار.