حذر مختصون في القانون والشأن الانتخابي بتونس من التداعيات والانزلاقات الخطيرة التي يمثلها قانون الانتخابات الجديد الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد، لتنظيم الانتخابات التشريعية الجديدة في 17 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
جاء ذلك خلال ندوة لمرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، حيث أجمع خبراء على أن النص القانوني للانتخابات جاء بصفة فردية تسلطية سيؤدي حتما إلى مربع غير ديمقراطي.
وقال أستاذ القانون العام عبد الرزاق المختار في تصريح لـ"عربي21" إن "المرسوم عدد 55 للانتخابات يتضمن مخاطر عديدة، أولها انزلاق القانون من حيث كتابته ووضع قواعده إلى مربع غير ديمقراطي فهو لم يكن نتاج عملية تشاركية ديمقراطية".
ونبه الأستاذ المختار من أن "القانون جاء في الدقيقة 90 أي قبل الانتخابات بأشهر قليلة وليس في الزمن الانتخابي المعقول، ونظام الاقتراع الجديد قائم أيضا على الأفراد وهو ينطوي على انزلاقات خطيرة وبالتالي مربعات غير ديمقراطية".
وأوضح أن الهوية السياسية للفرد المترشح ستكون هشة وغير معلومة وبالتالي لها مخاطر كبرى، وأيضا هناك تمييزات غير دستورية للحاملين للجنسية التونسية أو جنسية أخرى وهذا يمس من مبدأ المساواة الدستوري".
بدورها، أفادت رئيسة مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات علا بن نجمة في تصريح لـ"عربي21" بأنه "كنا قد طالبنا بإلغاء الانتخابات وجلوس الجميع على طاولة الحوار حتى تعود البلاد إلى المسار الديمقراطي".
وطالبت بن نجمة بتأجيل الانتخابات لإدخال مراجعات وتنقيحات على القانون الجديد للانتخابات نظرا للنقائص الكبيرة التي يتضمنها، مستنكرة غياب ضمان حقوق المرأة والشباب، ومنبهة من التشتت والضبابية في البرلمان القادم خاصة مع مقاطعة الأحزاب للانتخابات وعودة القبلية.
من جهته، اعتبر منير بالعربي، مندوب دولة عام بالمحكمة الإدارية، في تصريح لـ"عربي21" أن مرسوم الانتخابات الجديد يضع صعوبة كبيرة جدا لتحقيق سلامة النظام الإجرائي للطعن الانتخابي.
كما أشار القاضي إلى أن مدة الطعون في الانتخابات القادمة قصيرة ولا تتجاوز 19 يوما والحال أنها كانت شهرا في المجالس البلدية وهو ما يحد من حقوق من سيتقدم بالطعن في الحقيقة إجراءات قصيرة جدا لا تخدم عدالة الأحكام التي ستصدر.
واعتبر المندوب أن قضايا الطعون دون محام ستجعل نسبة الرفض شكلا مرتفعة جدا فيما تضع نظرة القاضي الانتخابي في الأصل ضعيفة وصعبة وبالتالي تكون مهمته مستحيلة في إصدار أحكام عادلة وهو ما لا يحقق العدالة الانتخابية.
من جهته، قال المختص في القانون العام شكري عزوز في تصريح لـ"عربي21" إن "الحديث عن انتخابات ديمقراطية يعني جملة الإجراءات التي ترمي إلى ضمان أكثر طيف للمشاركة في تسيير الشأن العام للدولة".
ولفت المختص إلى أن المعايير الدولية لا تقتصر على القانون الانتخابي بل أيضا بترسانة كاملة من النصوص ذات العلاقة المباشرة بالعملية الانتخابية وهي المتعلقة بالأحزاب السياسية والجمعيات وسبر الآراء وحرية الإعلام.
واعتبر أستاذ القانون العام عبد الرزاق المختار أنه مرسوم "غير صديق لحرية التعبير والتفكير وهو ما جعله غير مقبول ولاقى رفضا واسعا من جهات حقوقية داخلية وخارجية".
اقرأ أيضا: مختصون: قانون انتخابات تونس إقصاء للأحزاب و"إخضاع" للنواب
وشدد المختار على أنه أبدا لن تكون انتخابات حرة في ظل مرسوم يكمم الأفواه ويمثل السيف المعلق على التعبير الحر.
وحذر المختار من "وجود نزعة مبالغ فيها لتجريم كل شيء عبر العقاب القوي، وهي فكرة خاطئة وستولد نفورا وتكلسا للعملية الانتخابية والسياسية والبقاء في دائرة الموالين للسلطة".
تحذيرات من مشاريع خارجية لاختراق الأمن والجيش في تونس
"النهضة" بتونس تحمّل سلطة سعيّد مسؤولية أزمة الاقتصاد
ما مستقبل اتحاد المغرب العربي بعد أزمة تونس والرباط؟