أثار لقاء الملك الأردني عبد الله الثاني، الثلاثاء، برئيس
حكومة
الاحتلال الإسرائيلي يائير لابيد، على هامش اجتماعات الدورة الـ77 للأمم المتحدة
في نيويورك بالولايات المتحدة، تساؤلات حول أهداف اللقاء، وما الذي يريده كل طرف من
الآخر، في ظل تصاعد التوتر في
الضفة والقدس، وقرب موعد انتخابات الكنيست الإسرائيلي.
ووفق بيان للديوان الملكي الأردني؛ فقد شدد الملك عبد الله
الثاني، خلال لقائه بلابيد، على ضرورة الحفاظ على التهدئة الشاملة في الفترة المقبلة،
مؤكدا أهمية احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس الشريف، ومقدساتها الإسلامية
والمسيحية.
وأشار الملك إلى ضرورة إيجاد أفق سياسي لتحقيق السلام العادل
والشامل على أساس حل الدولتين، وبما يعزز الأمن والاستقرار بالمنطقة، كما أعاد التأكيد
على أهمية أن ينال الفلسطينيون حقوقهم العادلة والمشروعة، وأن يكونوا جزءا من التنمية
الاقتصادية في الإقليم.
وأضاف البيان أن اللقاء تناول عددا من القضايا الثنائية المرتبطة
بالنقل والتجارة والمياه والطاقة.
مكاسب انتخابية
ورأى المحلل السياسي منذر الحوارات، أن "لابيد يريد
من الملك عبد الله أن يتدخل في تهدئة الأوضاع بالضفة الغربية، وإعادة التنسيق الأمني
إلى حالته الطبيعية، وقبول فكرة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى".
وأضاف لـ"عربي21" أن "لابيد يهدف من كل ذلك
لتحقيق مكاسب انتخابية، ليتمكن من القول للجمهور الإسرائيلي بأنه قادر على فرض الأمر
الواقع على دول الجوار"، لافتا إلى أنه لم يتنازل قيد أنملة عن السماح للمستوطنين
باقتحام الأقصى في الأعياد، فهو متمسك بالأعداد والطريقة التي أعلنتها جماعات المستوطنين.
وقال الحوارات إن "الأردن يريد التأكيد على حل الدولتين،
الذي تحاول إسرائيل أن تقبره وتجعله بعيد المنال، والمطالبة بإيقاف الاعتداءات الإسرائيلية
على المسجد الأقصى، ومنع المستوطنين من تدنيسه، والتخلي عن فكرة تقسيمه الزماني والمكاني".
وأوضح أن عمّان "تحاول إيجاد صيغة لبداية نقاش حول المفاوضات
بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وعودة الجميع إلى الطاولة بدل التوتير الحاصل، لكن
يبدو أن ذلك ليس بالمتيسر أو القريب".
وتابع الحوارات: "من هذا المنطلق؛ نجد الأردن أقل حماسا
لفوز رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية القادمة،
وأكثر أملا بانتصار لابيد، ولذلك يحاول أن يوجد السبل لدعم موقف هذا الأخير في السباق
الانتخابي".
واللقاء بين الملك الأردني ولابيد؛ هو الثاني الذي يعقد بينهما
منذ شهر تموز/ يوليو الماضي، حين التقيا في القصر الملكي بعمّان.
ووفق الحساب الرسمي لمكتب لابيد في موقع "تويتر"،
فإن عبد الله ولابيد ناقشا في نيويورك قضايا ثنائية، بما فيها تعزيز التعاون الاقتصادي
والمدني بين البلدين، واصفا اللقاء بأنه "يشكل تعبيرا عن تعزيز العلاقات الإسرائيلية
الأردنية، ومواصلة تعزيز العلاقات الشخصية بين لابيد والملك عبد الله الثاني".
وأضاف مكتب لابيد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي شدد في اللقاء
على أن "بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي، وستحارب أي نوع من الإرهاب الذي يوجه ضدها،
مجددا التأكيد على أن إسرائيل لن تسمح بالمساس بأمن مواطنيها".
وطالب لابيد ملك الأردن بـ"مساعدة السلطة الفلسطينية
على تهدئة الأوضاع في مناطق الضفة الغربية، قبيل حلول الأعياد اليهودية الكبرى".
هواجس أردنية
ورأى المحلل السياسي حازم عياد، أن اللقاء عكس أيضا الهواجس
الأردنية تجاه التدهور الأمني في الضفة الغربية، فالأردن يميل إلى إحداث نوع من التهدئة
التي يعتقد أنها ستسهم في إبعاد نتنياهو عن العودة إلى رئاسة الوزراء.
وأضاف لـ"عربي21" أن الأردن يرى أن "الاستقرار
بالضفة سيُحدث انتقالا هادئا للسلطة الفلسطينية في حال غياب رئيسها الحالي محمود عباس،
وأن استمرار التدهور الأمني قد يؤدي إلى مسار لا ترغب به عمّان، كما لا ترغب به واشنطن
وتل أبيب، وهو مسار المقاومة، الذي سينتج عنه إغلاق تام لأفق السلام والحوار السياسي
الذي يبحث عنه الأردن".
وأوضح عياد أن الملك عبد الله ولابيد ناقشا قضايا حول العلاقة
الثنائية مع الكيان الإسرائيلي فيما يتعلق بالنقل والتجارة والمياه والطاقة، وهي ملفات
شهدت حراكا واسعا ونشاطا كبيرا في عهد حكومة نفتالي بينيت والائتلاف الحاكم الجديد،
وفي عهد لابيد الذي كان شريكا في هذا الائتلاف.
وتابع: "هناك نزعة لاستكمال هذا المسار، خصوصا أن الأردن
يرى في حكومة لابيد الخيار الأفضل بكثير من خيار نتنياهو، رغم مواقفه السلبية جدا من
ملف القدس، والتي قد يؤدي استمرارها إلى انهيار هذا المسار برمته".
وذهب عياد إلى القول بأنه لا يمكن البناء على هذا اللقاء
أو التعويل عليه بشكل كبير، لأن مسألة الفوز بالانتخابات الإسرائيلية المقبلة لم تُحسم
بعد، ولم يتضح إذا ما كانت ستؤدي إلى تشكيل حكومة ائتلاف بعيدا عن تيار نتنياهو، أو
أن حالة عدم الاستقرار داخل المنظومة الحاكمة الإسرائيلية ستبقى قائمة.
وأكد أن خيارات الأردن قائمة على شروط لا تتوافر على أرض
الواقع، لعدم استقرار الساحة السياسية الإسرائيلية من جهة، وعدم قدرة حكومة الاحتلال
على فرض الهدوء في الأراضي الفلسطينية، أو التراجع عن خطواتها الاستفزازية من جهة أخرى.
ورجّح عياد اتجاه الأوضاع نحو التصعيد العسكري والأمني، خصوصا
أن حكومة الاحتلال لا تطرح أي مبادرات تسمح بتحقيق الاستقرار في الأراضي الفلسطينية،
"فلا هي قادرة على الحسم العسكري في الضفة، ولا هي قادرة على كبح جماح المتطرفين
داخل الكيان الإسرائيلي".
وتجدر الإشارة إلى أن الأردن وقع "اتفاقية سلام"
مع الاحتلال الإسرائيلي عام 1994، فيما عرف باتفاقية "وادي عربة" (صحراء
أردنية محاذية لفلسطين)، نصت على إنهاء حالة العداء بين الطرفين، وتطبيق أحكام ميثاق
الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات بين الدول.
ويشرف الأردن على المسجد الأقصى حاليا من خلال دائرة أوقاف
القدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، وذلك بموجب القانون الدولي، حيث يعد الأردن
آخر سلطة محلية مشرفة على مقدسات المدينة قبل الاحتلال الإسرائيلي.