طرح سياسيون أردنيون أسئلة حول مستقبل العلاقة بين المملكة وحركة حماس، في صالون سياسي عقده مركز دراسات الشرق الأوسط مساء الأربعاء.
الندوة السياسية التي حملت عنوان "العلاقة بين الأردن وحركة حماس.. الأسس والتحولات واتجاهات المستقبل"، شارك فيها نواب وضباط متقاعدون وأكاديميون وسياسيون.
ويأتي الصالون السياسي عقب أيام من زيارة قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة "حماس" في الخارج، خالد مشعل، للعاصمة عمان، وصفت بأنها "زيارة اجتماعية ذات بعد سياسي".
وحسب مصادر لـ"عربي21"، التقى مشعل خلال زيارته قيادات أمينة أردنية وشخصيات رسمية وسياسيين أردنيين، قبل أن يغادر عائدا إلى الدوحة.
"جوانب خفية من العلاقة"
النائب في البرلمان الأردني، صالح العرموطي، كشف خلال الصالون السياسي أن "العلاقة بين الأردن وحماس لم تنقطع أبدا، وكان هناك تنسيق مستمر من خلال خالد مشعل وعزت الرشق، مبينا أن "رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية كان يتبرع ويقوم بالاتصال ويبلغ مدير المخابرات الأردني بتفاصيل المفاوضات التي كانت ترعاها مصر لوقف إطلاق النار، بالإضافة إلى أن خالد مشعل التقى الملك عبد الله الثاني قبيل زيارة للولايات المتحدة في عام 2016، وأبلغه حرفيا أن يقول لأمريكا إن حماس عندنا".
واعتبر العرموطي إبعاد حركة حماس من الأردن في تسعينات القرن الماضي "خطأ كبيرا"، إذ كان الأردن يستخدم ورقة حماس في أكثر من صعيد، قائلا: "إبعاد حماس يفقدنا دورنا الدولي، مصلحة الأردن إعادة العلاقات مع حماس، لماذا التخوف من ذلك؟ حماس هي الأقرب للموقف الأردني، هي ضد التوطين والتهجير، بينما رأينا موقف السلطة الفلسطينية على سبيل المثال من مطار رامون".
وتطرق مشاركون خلال الصالون السياسي إلى العلاقة التاريخية بين الأردن وحماس في الثمانينات وحتى عام 1999، عندما أبعدت السلطات قادة حماس من الأردن.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية د.حسن المومني: "كانت هذه العلاقة تخدم مصالح كلا الطرفين، حماس كانت لاعبا مهما في مواجهة منظمة التحرير، إلا أن سياقات أثرت على هذه العلاقة، مثل العملية السلمية، وسياقات فلسطينية داخلية، يجب على الأردن التعامل مع حماس ببراجماتية، ورأينا أن الحركة كانت براجماتية في موقفها الأخير من العدوان على غزة، يجب على الأردن عدم النظر إلى حماس كنوع من المفاضلة بينها وبين فتح، يجب النظر لها بما يخدم الطرفين".
ورأى المومني في "زيارة مشعل الأخيرة للأردن، وبعيدا عن البعد الاجتماعي، أنه يجب أن يكون هنالك علاقة تدعم الموقف الأردني، وتسقط الكثير من الهواجس لدى الأردن ومنها الوطن البديل".
بينما اعتبر رئيس تحرير صحيفة السبيل، عاطف الجولاني، أن "الزيارة الأخيرة لقادة حماس للأردن اجتماعية بنكهة سياسية، حملت مؤشرات إيجابية محدودة".
ويقول: "الجميع يدرك التعقيدات الرسمية للعلاقة مع حماس، الأمر يتعلق بالأردن وعلاقاته فلسطينيا وأمريكيا، المطلوب في هذا الملف الواقعية السياسية بعيدا عن العواطف يتشكل لدى النخب الأردنية أن هناك مصلحة من إعادة العلاقة مع حماس، بما يعزز المصالح الأردنية، خصوصا أن هناك محاولات للقفز عن الدور الأردني في الملف الفلسطيني".
اقرأ أيضا: هل فرّط الأردن بـ"ورقة حماس" لصالح مصر؟
"شكل العلاقة المطلوب"
بدوره، يرى الخبير العسكري اللواء المتقاعد د. قاصد محمود، أن "القائد الخفي في العلاقة مع حركة حماس هو البعد الأمني، إلى جانب البعد الإقليمي وعلاقات حماس مع إيران".
وتابع بأن "الأردن واقعيا ينصاع للضغوطات الدولية ومنها ضغوط إسرائيلية، يجب أن تكون علاقة حماس في الأردن إيجابية وبعيدا عن الإعلام وافتتاح المكاتب، كون المصلحة بين الطرفين مشتركة في مواجهة العدو الصهيوني".
وشهدت العلاقة بين الأردن وحماس توترا عام 1999، عندما قامت السلطات الأردنية باعتقال مشعل وعدد من القيادات في الحركة، ثم إبعادهم إلى الدوحة، وإغلاق مكتب حماس، واستمر تدهور العلاقات بين الجانبين، حيث اتهمت عمان الحركة في 2006 بتهريب أسلحة من سوريا إلى أراضيها، وفي العام 2015 أصدر القضاء الأردني حكما بإدانة عدد من المتورطين في ما يعرف بخلية حماس.
ورأى النقيب السابق للمهندسين الأردنيين، وائل السقا، أن "الأردن ضيع فرصة كبيرة بإدارة الظهر لحماس وعدم التجسير معها، كون الحركة بعد معركة سيف القدس ليست حماس عام 1999، فهي لاعب أساسي في عملية تحرير فلسطين، وما جد بعد سيف القدس أنها تجاوزت حدود المقاومة لتصبح كل فلسطين التاريخية تحت صواريخها، الأردن ضيع فرص كثيرة الأردن ليست كقطر أو تركيا، في المملكة عدد كبير من المواطنين من أصول فلسطينية".
واعتبر أن "زيارة قادة حماس للأردن لمدة أسبوعين مقصودة، وتدخل في جس النبض، بعد أن تم تجاوز الأردن في القضية الفلسطينية إبان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لصالح دول الخليج التي حاولت بعض دولها التعدي على الوصاية الهاشمية، العلاقة مع حماس مصلحة أردنية فلسطينية".
إضاعة الفرص
أما رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، جواد الحمد، فاعتبر أن التحولات السياسية في المنطقة ترسم جزءا من السياسة الداخلية والخارجية في الأردن، قائلا إن "حماس تعدّ من أكثر الأطراف الفاعلة في رسم مستقبل المنطقة".
متسائلا: "هل من المعقول أن يحافظ الأردن على قوته الداخلية الشعبية المؤيدة لحركة حماس ودوره الإقليمي في ظل ضعفه مع دور فاعل في مواجهة إسرائيل؟ الأردن تمت دعوته مرتين في عهد ترامب أن يطور علاقاته مع حماس، واستخدامها في التهدئة، لكن الأردن لم يبادر، هنالك تردد وضغوطات أمنية داخلية وحسابات داخل محيط القرار تتعلق بقضايا داخلية معقدة، معظمها أوهام، لا يمكن وضعها على الطاولة علميا".
ويضيف: "هذا التردد أعطى فرصا لأطراف صغيرة وذات إمكانية محدود جيوسياسية واستراتيجية لتلعب هذا الدور".
وأوصى المشاركون في الصالون السياسي أن تعيد السلطات الأردنية حسابتها وفقا لمصالحها، وبناء علاقات أردنية أكثر شمولية مع كافة الأطراف الفلسطينية، واتفق الحضور على الخروج بجملة توصيات رفعها إلى مؤسسات صنع القرار في الأردن.
مصدر رسمي أردني يوضح لـ"عربي21" الموقف من مطار رامون
السفر عبر رامون.. مكاسب للاحتلال واستغلال لمعاناة الفلسطيني
اللاجئون في الأردن.. البحث عن سبل تجنب أزمة إنسانية مرتقبة