نشر
موقع "المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات" تقريرًا سلط خلاله الضوء على
الصراع الذي يدور بين أذربيجان وأرمينيا، ويحركه طرف ثالث من أجل إضعاف نفوذ روسيا
في المنطقة.
وقال
الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن النزاع تفاقم على مستوى الحدود
الأرمنية الأذربيجانية ليلة الـ12 والـ13 من الشهر الجاري، وقد تعرضت مدينة غوريس ومنتجع
جيرموك لقصف مدفعي باستخدام قذائف الهاون.
وأضاف
الموقع أن الهجوم يبدو محاولة لاختبار القوة الدفاعية الأرمينية في عدد من المناطق
الضعيفة على خلفية مطالب باكو بفتح خطوط السكك الحديدية والطرق بين أذربيجان وجمهورية
ناخيتشيفان المتمتعة بالحكم الذاتي عبر أراضي أرمينيا.
ومع
إعطاء الأولوية للحفاظ على سلطتها، لا تخفي حكومة باشينيان تركيزها على توقيع معاهدة
سلام مع أذربيجان شريطة الحصول على بعض التنازلات في ما يتعلق بقضية كاراباخ وغيرها
من القضايا. وبينما يؤكد حزب العقد المدني الحاكم في أرمينيا أن الصراع مجرد نزاع حدودي،
فإن ماهية المواقع المدمرة في أرمينيا وإرسال طلب للمساعدة إلى منظمة معاهدة الأمن
الجماعي تدحض هذا الإصدار.
وقد
أثار إرسال بعثة مراقبة إلى أرمينيا استياء شركاء باشينيان، بما في ذلك ألين سيمونيان
وأمين مجلس الأمن في جمهورية أرمينيا أرمين غريغوريان الذي اجتمع مع مساعد الرئيس الأذربيجاني
حكمت حاجييف في آب/ أغسطس الماضي في بروكسل. وتحت إشراف رئيس المجلس الأوروبي، نظم
اجتماع جمع بين علييف ونيكول باشينيان في بروكسل بغاية مناقشة معاهدة سلام محتملة بين
أرمينيا وأذربيجان.
بخصوص
هذا، صرح سيمونيان للتلفزيون الأرميني بأن المفاوضات بشأن اتفاقية سلام جارية، معبرًا
عن أمله في إمضائها في المستقبل القريب.
في المنتدى
الاقتصادي الشرقي الذي احتضنته مدينة فلاديفوستوك كشف باشينيان عن تورط قوى معينة في
زعزعة استقرار منطقة القوقاز منتهزة انغماس موسكو في الصراع الأوكراني. وعليه؛ فإن
تزامن الاشتباكات على الحدود الأرمينية الأذربيجانية وهجوم القوات المسلحة الأوكرانية
على منطقة خاركيف واختراقها الحدود الروسية ليس محض صدفة.
من جانبه،
يرى الباحث البارز في مركز كارنيغي في أوروبا، توم دي وال، أن أذربيجان تحاول استغلال
هذا الظرف الجيوسياسي والهجوم الأوكراني المضاد من أجل معرفة مدى التزام روسيا بالدفاع
عن أرمينيا.
وتعليقا
على هذا تقول صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية إن الاشتباكات على الحدود الأذربيجانية
الأرمينية مصدر قلق لبوتين، معتبرة أن جهود حفظ السلام التي يبذلها الكرملين موضع تساؤل
لدى كلا الجانبين، لذلك فإنه يسعى الاتحاد الأوروبي جاهدًا لسد هذا الفراغ.
وأوضح
الموقع أن الإستراتيجيين الغربيين كشفوا عن رغبة في تحويل منطقة القوقاز إلى
"جبهة ثانية"، لإثقال كاهل روسيا. إن الزيارة التي أداها مدير وكالة المخابرات
المركزية وليام بيرنز إلى منطقة القوقاز في تموز/ يوليو الماضي، والرحلة الأخيرة التي
أداها المستشار الأمريكي الرفيع لشؤون القوقاز السفير فيليب ريكر وزيارة نانسي بيلوسي
إلى يريفان مدفوعة بمنطق تضارب المصالح بين الغرب وروسيا.
إن التدخل
العسكري المباشر، الذي لمح إليه أرمين غريغوريان يعني دخول روسيا في مواجهة مع أذربيجان
وتركيا، اللذين لا تمتلك روسيا أدوات ضغط حقيقية ضدهما. كما أن نمو المشاعر المعادية
لروسيا التي يتم تأجيجها في يريفان باستمرار يهدد بتقليل فرص الحوار البناء مع موسكو.
اقرأ أيضا: ارتفاع قتلى الاشتباكات الأخيرة بين أرمينيا وأذربيجان إلى 200
لا يخدم
لعب روسيا دور ضامن الأمن الإقليمي في القوقاز مصالح بعض الدول، وقد ورد في البيان
الثلاثي الصادر في العاشر من تشرين ثاني/ نوفمبر من عام 2020 أنه تم إلغاء حظر جميع
الروابط الاقتصادية والنقل في المنطقة، وبموجبه تكفلت أرمينيا بضمان أمن اتصالات النقل
بين المناطق الغربية لأذربيجان وناختيشيفان المتمتعة بالحكم الذاتي من أجل تنظيم حركة
المواطنين والمركبات والبضائع دون عوائق في كلا الاتجاهين ويتم التحكم في روابط النقل
من قبل خدمة حرس الحدود التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي لروسيا.
والجدير
بالذكر؛ أنه عقب انتهاء "حرب الـ 44 يومًا"، التي غيرت ميزان القوى بشكل
جذري في المنطقة، فقد انتشرت مراكز القوات الحدودية التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي
على طول الخط التقريبي للحدود الإدارية بين أرمينيا وأذربيجان، وقد قصف أحدها في
13 أيلول/ سبتمبر الجاري.
في هذا
الشأن، قال لورانس برويرز مدير برنامج القوقاز بمعهد تشاتام هاوس الملكي: "تراجع
النفوذ الروسي بشكل كبير هناك، ويبدو أنه تم اختراق النظام الأمني في الفضاء ما بعد
السوفييتي. نلاحظ انهيار سمعة روسيا كضامن للأمن. بالإضافة لذلك، فإن نجاح هذا التكتيك
الاستعماري يؤثر سلبًا على العلاقات الثنائية بين روسيا ودول القوقاز ويحول دون إقامة
تعاون متبادل بين موسكو وأنقرة وطهران.
خلال
حوار جمعه مع وكالة "ريا نوفستي" قال دينيس غونشار وهو مدير الدائرة الرابعة
لبلدان رابطة الدول المستقلة بالخارجية الروسية، إن بروكسل لم تعد تخفي نيتها في طرد
روسيا من منطقة القوقاز، وعلى خلفية حملة العقوبات الجماعية المناهضة لروسيا، تكثفت
محاولات الأوروبيين التدخل في صياغة المفاوضات الثلاثية الروسية الأذربيجانية الأرمينية.
وفي
نهاية التقرير أشار الموقع إلى أن موسكو تدعي عدم رغبتها في خوض ألعاب جيوسياسية لا
طائل منها، غير أن الديناميكيات الإقليمية الخطيرة تتطلب الحذر ومنحها اهتماما أكبر
لا سيما في ظل إمكانية تحقق سيناريو فتح جبهة ثانية ضد روسيا في القوقاز.
FT: على الاتحاد الأوروبي أن يتّحد في حرب الطاقة ضد روسيا
مركز روسي: هكذا تم التخطيط للمجاعة العالمية
التليغراف: أوروبا بأسوأ وضع.. وبوتين قد يدمر "العالم الحر"