عاصرت رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، نهاية حقبة ملكة وبداية عهد ملك في أقل من أسبوع.
وهي ثالث سيدة تتولى منصب رئيس الوزراء في المملكة المتحدة وتنتقل للإقامة مع عائلتها إلى "10 داونينغ ستريت" بلندن بعد مارغريت تاتشر وتيريزا ماي.
تولت مناصب وزارية مختلفة في عهد 3 رؤساء وزراء محافظين، ديفيد كاميرون، تيريزا ماي، وبوريس جونسون.
ليز تراس المولودة عام 1975 في مدينة أكسفورد بإنجلترا، لأبوين يساريين، كان والدها أستاذا للرياضيات في جامعة ليدز، ووالدتها ممرضة ومعلمة وناشطة سياسية.
التحقت تراس بجامعة أكسفورد لدراسة السياسة والفلسفة والاقتصاد، وانتخبت لرئاسة حزب الديمقراطيين الليبراليين بجامعة أكسفورد التي تخرجت منها عام 1996.
وفي عام 1994 ألقت تراس خطابا، في مؤتمر حزب الديمقراطيين الأحرار، أيدت فيه اقتراحا يدعو إلى إلغاء الملكية البريطانية، وكانت وقتئذ في عمر 19 عاما.
ثم انضمت لاحقا إلى حزب المحافظين، فانتقلت من يسار الوسط إلى أكثر حزب محافظ في بريطانيا، ومن معاداة الملكية إلى أكثر حزب ملكي في المملكة المتحدة.
بدخولها الحزب توسعت أحلام تراس فترشحت لعضوية البرلمان في انتخابات 2001 و2005 عن حزب المحافظين، لكنها لم تنجح، إلى أن تمكنت من دخول البرلمان في الانتخابات العامة عام 2010.
وشغلت تراس منصب وكيل الوزارة البرلماني لرعاية الأطفال والتعليم عام 2012، قبل تعيينها من قبل ديفيد كاميرون وزيرة دولة لشؤون البيئة والغذاء والشؤون الريفية عام 2014، وذلك على الرغم من أنها كانت من المؤيدين البارزين لحملة "بريطانيا أقوى في أوروبا" لبقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي.
لكنها بعد التصويت في الاستفتاء الوطني عام 2016 قالت إنها كانت مخطئة.
وبعد استقالة كاميرون عام 2016 عينت وزيرة دولة للعدل من قبل تيريزا ماي لتصبح أول سيدة تتولى المنصب الذي يمتد لألف عام.
وبعد انتخابات عام 2017 عينت في موقع السكرتير الأول للخزانة، ومع استقالة حكومة ماي عام 2019، دعمت تراس جهود جونسون لمنصب زعيم حزب المحافظين.
واصلت ليز صعودها السياسي مع جونسون الذي كافأها وعينها وزيرة دولة للتجارة الدولية ورئيسة لمجلس التجارة، قبل أن يعينها وزيرة للخارجية عام 2021.
وهي أول وزيرة خارجية من حزب المحافظين وثاني وزيرة خارجية بريطانية. وفي نفس الوقت عينت في منصب كبير مفاوضي حكومة المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي، ورئيسة مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
وانتخبت هذا الشهر لزعامة حزب المحافظين وبالتالي تولي منصب رئيس الوزراء خلفا لبوريس جونسون الذي دعا للتوحد خلف تراس وفريقها الوزاري.
اقرأ أيضا: WP: ليز تراس لا تحظى بشعبية في بريطانيا المضطربة
وينص النظام البرلماني المعتمد في بريطانيا على تولي زعيم أكبر حزب ممثّل في البرلمان رئاسة الحكومة، وعلى إمكان استبداله قبل انتهاء الولاية من دون الدعوة لانتخابات عامة.
وفي أول خطاب لها قالت تراس إن أولويات حكومتها هي دفع عجلة الاقتصاد، والتعامل مع أزمة الطاقة التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا، وتعزيز الخدمات الصحية في البلاد.
وسبق لها أن دعت إلى الحد من استيراد النفط والغاز الطبيعي من روسيا، وقالت إن الحرب الروسية الأوكرانية يمكن أن "تستمر سنوات" ويمكن أن تمثل "بداية النهاية" لبوتين، كما ألقت باللوم على بوتين في أزمة الطاقة والغذاء العالمية.
كما شاركت سابقا في تأليف كتاب بعنوان "بريطانيا متحررة من القيود" الذي دعا إلى إلغاء الدور التنظيمي للدولة لتعزيز مكانة المملكة المتحدة في العالم.
وسائل إعلام بريطانية وصفتها بـ"المرأة الحديدية" وهو اللقب الذي طالما حظيت به تاتشر. وسيكون أمامها قائمة مضنية لأمور ينبغي إنجازها، في وقت تشهد فيه المملكة المتحدة أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.
ولا يبدو أن تراس تملك الكاريزما التي كانت تتصف بها تاتشر، فهي استلمت المسؤولية مع تأييد سياسي أضعف من ذلك الذي تمتع به العديد من رؤساء الوزراء السابقين، وذلك بعد أن هزمت منافسها ريشي سوناك في تصويت لأعضاء الحزب بهامش فوز أقل مما كان متوقعا، كما أنها لم تكن في البداية الخيار الأول للمشرعين في الحزب. وجاءت تراس في المركز الثاني بعد منافسها سوناك عندما وصلا إلى الجولة الأخيرة من التصويت.
وذهب لوك ماكجي محرر الشؤون السياسية في المملكة المتحدة وأوروبا بشبكة "سي إن إن" إلى القول: "يمكن القول إن الخطر الأكبر الذي يواجه تراس يأتي من نواب حزب المحافظين، الذين أصبحوا الآن "ضليعين في إزاحة الزعيم". وبعضهم ربما يكون "قبلة الموت" لهذه الحكومة".
ولم تحدد ليز تراس الكيفية التي تخطط بها لمعالجة أي من القضايا المذكورة أعلاه وزملاؤها البرلمانيون بعيدون عن الثقة في أن لديها الإجابات.
ويقول البعض، في الأحاديث السرية، إنها قد تجبر على ترك منصبها قبل الانتخابات المقبلة، مما يعني أن حزب المحافظين سيكون لديه 5 قادة منذ توليه الحكم في عام 2010.
ويعتقد العديد من أعضاء البرلمان أنها ببساطة ليست على مستوى الوظيفة وأن حملتها العدوانية قد أدت إلى نفور حتى بعض المحافظين الأكثر ولاء.
وإذا فشلت في إقناعهم في الأسابيع القليلة المقبلة، فيمكن أن تجد تراس نفسها أمام خيار الخروج من "10 داونينغ ستريت".