في ظل غياب التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، عُقدت الجلسة الثانية للحوار الوطني، التي يرعاها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الأمر الذي أثار تساؤلات عن جدوى عقد مثل هذه الجلسات دون حضور طرف أساسي في الأزمة السياسية الحالية.
وخرجت الجلسة، الاثنين، التي حضرتها الرئاسات الثلاث، وجميع قادة الكتل السياسية، ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جنين بلاسخارت، بالتأكيد على حفظ الاستقرار، وحماية البلد من الأزمات، ودعم جهود التهدئة، ومنع التصعيد والعنف، وتبني الحوار الوطني؛ للتوصل إلى حلول.
وقرر المجتمعون تشكيل فريق فني من مختلف القوى السياسية؛ لتنضيج الرؤى والأفكار المشتركة حول خارطة الطريق للحل الوطني، وتقريب وجهات النظر؛ بغية الوصول إلى انتخابات مبكرة، وتحقيق متطلباتها بمراجعة قانون الانتخابات، وإعادة النظر في المفوضية.
وأكدوا أهمية تفعيل المؤسسات، والاستحقاقات الدستورية، مجددين دعوتهم التيار الصدري للمشاركة في الاجتماعات الفنية والسياسية، ومناقشة كل القضايا الخلافية، والتوصل إلى حلول لها، بحسب بيان صدر عن المكتب الإعلامي للكاظمي.
جلسات خاوية
من جهته، رأى رئيس مركز بغداد للدراسات الإستراتيجية، الدكتور مناف الموسوي، أن "الحوار الذي يجري هو من طرف واحد، وأن الإطار التنسيقي يريد أن تكون هذه الجلسات هي عبارة عن ضاغط حقيقي على التيار الصدري بدون أن تكون هناك مقدمات للحوار وضمانات".
وأوضح الموسوي في حديث لـ"عربي21" أن "هذا النوع من الحوارات لا فائدة منه، وأن التيار الصدري يبقى يختار خيار المواجهة الشعبية ويستمر بالمطالب الشعبية التي أكد عليها في أكثر من مرة، وهي الاستمرار في الإصلاح".
اقرأ أيضا: الكاظمي يحدد الاثنين موعدا لجولة حوار ثانية بين "الفرقاء"
وعلى الصعيد ذاته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي عائد الهلالي لـ"عربي21" إن "أي جلسة للحوار الوطني يغيب عنها ركن أساسي في الأزمة الحالية، لن تفضي إلى نتائج ويكون شأنها شأن الجلسات الأخرى".
ورأى الهلالي أن "المبادرات التي تخرج عن جلسات الحوار، تولد ميتة لأن هناك رغبة في الرفض من التيار الصدري، وإصرار على إقصاء الآخر والتفرد في صناعة القرار، ونحن الآن نحتاج إلى وعي غير المعمول به من الشركاء السياسيين".
وفي السياق ذاته، قال السياسي العراقي القريب من قوى الإطار التنسيقي الشيعي، عزت الشابندر في حسابه على موقع "تويتر" إن "غياب التيار الصدري عن جلسة الحوار الوطني يفرغها من محتواها. وحضور المستفيدين من الازمة يُطيل أمَد الأزمة".
ورقة الحلبوسي
وقبل يوم من انعقاد الجلسة الحوارية، طرح رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورقة سياسية تضمنت عشرة نقاط، دعا إلى تضمينها في جدول أعمال جلسة الحوار، من أجل إيجاد حل الأزمة السياسية الراهنة في البلاد.
ومن أبرز ما تضمنته الورقة، ضرورة تحديد موعد للانتخابات أقصاه عام واحد، وتشكيل حكومة بكامل الصلاحيات. وكذلك "إعادة تفسير المادة 76 من الدستور، وإلغاء الالتفاف المخجل للتلاعب بحكم هذه المادة الذي حصل بضغوط سياسية بعد انتخابات 2010".
وتتعلق هذه المادة الدستورية بالجهة المعنية في تشكيل الحكومة بعد إجراء الانتخابات البرلمانية، في ما إذا كانت هي الكتلة الفائزة بأكثر عدد من المقاعد أم التحالف الذي يشكل بعد ذلك داخل قبة البرلمان.
وعن مدى تطبيق ورقة الحلبوسي كخارطة طريق للخروج من الأزمة، رأى الموسوي أن "الورقة جيدة نوعا ما، لكن بالنتيجة لم تعترف حتى الكتل السياسية بها ولم تبد تأييدها لها، وبالتالي فإن حالها يبقى كحال باقي المقترحات التي طرحت ولم يكن هناك حل حقيقي للأزمة".
اقرأ أيضا: توافق على انتخابات مبكرة في العراق.. ولا موقف من الصدر
من جانبه، قال الهلالي إن "مبادرة الحلبوسي لاقت الكثير من الانتقادات لأنها ليست متوازنة وتتحدث عن أمور ليس لها علاقة بالأزمة الحالية، لأننا نريد الخروج من الوضع الراهن وبعد ذلك نؤسس لمشروع إدارة الدولة".
وأوضح أن "الحلبوسي يتحدث عن إخراج مختلف القوات الأمنية من المدن واستبدال الشرطة المحلية بها، وهذه مغازلة للشارع، ولا علاقة لها بالمشكلة القائمة حاليا بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، وإنما يفترض أن تقدم حلولا لهذه الأزمة".
وأضاف الهلالي أن "هناك أمورا عدة تلوح في الأفق، فربما بعد أربعينية الإمام الحسين (مناسبة شيعية) تتجدد الأزمة ويكون هناك نزول للشارع وقد ينزلق الوضع الأمني، والأمر الآخر هو استعداد ناشطي تشرين للنزول إلى الشارع بأعداد كبيرة في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل".
وتابع: "لذلك فإن كل السيناريوهات تتحدث عن أزمة خانقة واستعداد الجميع للدفع باتجاه الانزلاق الأمني ولا أحد يتحدث عن الحلول للخروج من الأزمة"، لافتا إلى أن "الذهاب إلى عقد جلسة برلمانية بإصرار من قوى الإطار التنسيقي فستكون بمثابة الكارثة، لأن هناك تحريضا صارخا جدا ضدها".
وأعرب عن اعتقاده بأن "هناك طريقين بخصوص الأزمة الحالية، فإما أن تكون هناك جلسة حوار يلتقي فيها الشركاء السياسيون المتخاصمون على طاولة واحدة، والبدء بتفكيك الأزمة والذهاب إلى حلول ربما لا تكون جذرية وإنما تساهم في وأد الفتنة... أو الذهاب إلى انزلاق أمني كما حصل في أحداث المنطقة الخضراء والتي راح ضحيتها المئات من المتظاهرين والقوات الأمنية، لا ذنب لهم سوى أن هناك قيادات لا تعي ولا تحترم رغبة الجمهور العراقي".
وفي 17 آب/ أغسطس الماضي، خرجت الجلسة الأولى للحوار الوطني، في غياب "التيار الصدري"، بخمس نقاط، من بينها دعوة الصدريين إلى الانخراط في الحوار الوطني لوضع آليات للحل الشامل بما يخدم تطلعات الشعب العراقي وتحقيق أهدافه.
ورغم دعوة المجتمعين آنذاك إلى وقف كل أشكال التصعيد الميداني أو الإعلامي أو السياسي، فإن ذلك لم يمنع وقوع صدامات مسلحة بعد 12 يوما فقط، بين التيار الصدري والفصائل الموالية لإيران في المنطقة الخضراء، نتج عنها عشرات القتلى ومئات المصابين من الطرفين.
توافق على انتخابات مبكرة في العراق.. ولا موقف من الصدر
الكاظمي يحدد الاثنين موعدا لجولة حوار ثانية بين "الفرقاء"
رئيس العراق يدعو لانتخابات مبكرة والكاظمي يلمح لإخلاء منصبه