كتب

كيف اكتسبت مصر دورها المحوري والمركزي عربيا؟ كتاب يجيب

مصر.. قلب العرب النابض بنهضتها ينهض العرب..

الكتاب: الأعمدة السبعة للشخصية المصرية
المؤلف: د.ميلاد حنا 
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب
الطبعة الثانية ٢٠١٣


تظل الحضارة المصرية وسبيكتها مثار بحث وإعجاب في آن واحد، ولعل افتتاح متحف الآثار الفرعونية بمصر مؤخرا ونقل المومياوات إليه في حفل أسطوري، يؤكد ذلك بوضوح، لما تمثله من تراث  إنساني على امتداد تاريخي طويل شمل عدة عصور، مما شكل رقائق حضارية ميزت مصر عن غيرها من الدول الأخرى، وجعلها نقطة جاذبة للباحثين والسياح طول الوقت، حيث اكتشاف العديد من مكنونها التاريخي عبر مخزون من الآثار التاريخية الشاهدة على عظمة ومجد هذه الحضارة، ليس فقط الحضارة الفرعونية، ولكن باقي الحضارات والحقب التاريخية المختلفة التي عايشتها مصر وشعبها على مدار تاريخها.

في هذا السياق يأتي كتاب "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" لمؤلفه الدكتور ميلاد حنا، الذي تخصص في مجال الهندسة كأستاذ بجامعة عين شمس، وممارسا لها في المجال العملي.

رقائق حضارية

يتكون الكتاب من مقدمة وخمسة فصول حيث، يتناول الكاتب في المقدمة ما أسماه الرقائق الحضارية لمصر، ويأتي الفصل الأول تحت عنوان "مصر رقائق من الحضارات"، أما الفصل الثاني فجاء تحت عنوان "لن تتلبنن مصر". أما "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" فكان عنوان الفصل الثالث، وجاء الفصل الرابع تحت عنوان "انتماءات بحكم المكان"، والفصل الخامس كان عنوانه "لسنا قوالب متماثلة".

في مقدمة الطبعة الثانية للكتاب، يتناول الكاتب دوافع هذا الكتاب وأسباب الإقدام عليه والمراحل التي مرت بها فكرة الكتاب، على الرغم من أن الكاتب يؤكد عدم علمه على وجه الدقة متى بدأت وانتهت صياغة فكرة "الأعمدة السبعة" وهي عنوان الكتاب، مشيرا إلى الأسئلة التي تلقاها دائما ممن حوله عما إذا كان عنوان الكتاب له علاقة بطبيعة مهمته كونه مهندسا، وكيف أن الفكرة بدأت فكرة مقال إلى أن قابل  المؤلف أحد الخبراء الألمان الذي أوحى إليه بفكرة الرقائق الحضارية لمصر، وهو ما دفعه لتحويل فكرة المقال إلى مشروع كتاب.

ويشير الكاتب إلى وجود تركيبة الأعمدة السبعة برقائقها الحضارية في شخصية كل مصري حسب قوله، وإن كانت أعمدة غير متساوية في الطول والمتانة، مشيرا إلى أن كتابه هذا مزيج من السياسة والتاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها.

ويبدأ الكاتب الفصل الأول تحت عنوان "مصر رقائق من الحضارات"، ويتناول موضوعات هذا الفصل من خلال عدة عنوانين فرعية، يشرح من خلالها كيف توصل إلى فكرة كتابه الأساسية، وهي أن مصر عبارة عن رقائق من الحضارات، وهو ما قاله له أحد أساتذة الآثار السويدي الجنسية، مؤكدا له أن مصر هي متحف العالم كله، وأنها سلسلة من الرقائق الحضارية بعضها فوق بعض، مؤكدا أن هذه الإشارة أكدت له فكرة كتابه وموضوعه.
 
ثم يتنقل الكاتب خلال فصله الأول الذي يعد تمهيدا لفكرته الرئيسية إلى عدة موضوعات وعناوين أخرى، من قبيل حضارة الصين القديمة وتماثلها مع الحضارة المصرية في عمقها وقدمها، مع تميز الصين في وحدة اللغة ووحدة الدين عبر ستة آلاف سنة، مقابل تغير مصر بلغتها وديانتها ثلاث مرات بحسب الكاتب، مشيرا إلى تحول مصر إلى العروبة والإسلام في القرن الرابع، كدلالة على تغير هذه اللغة وهذا الدين بمصر.

ثم يختتم الكاتب هذا الفصل بكلام مثير إلى حد ما، وهو أن السود في أمريكا يزعمون أنهم صناع حضارة الفراعنة، حيث أجمع عدد من الرجال والنساء السود بأمريكا في أثناء معرض الآثار الفرعونية بمدينة دالاس، على أن رمسيس الثاني الذي حكم مصر قرابة سبعين عام من أصول إفريقية، وأن السود هم صناع الحضارة المصرية القديمة.

مصر عصية عن اللبننة

في الفصل الثاني الذي جاء تحت عنوان لافت، هو "لن تتلبنن مصر"؛ أي لم تتعرض لما تعرضت له لبنان من فتنة طائفية، أفضت إلى حرب أهلية استمرت لفترة طويلة، حيث يشير الكاتب هنا إلى أن هذا من الصعب أن يحدث في مصر، نظرا لتاريخها الطويل في المودة والتسامح بين الديانات المختلفة على مدار عقود، رغم ما تعرضت له من حوادث محدودة، خاصة فترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، إلا أنه تمت السيطرة عليها وتلافي تأثيراتها وتمددها، مراهنا على سماحة المصريين بشكل عام وتماسك نسيجهم الاجتماعي.

وفي هذا السياق يشير الكاتب إلى عدد من الأحداث في فترة حكم السادات، منها أحداث الخانكة، والزاوية الحمراء كانت هي البداية ثم تكرار هذه الأحداث عام 1987، ولكنه يرى في نهاية المطاف أن مصر قادرة على عبور مثل هذه الأحداث التي ساهمت فيها وقتها أحداث دولية وإقليمية، منها الثورة الإيرانية والسلفية القادمة من الخليج بحسب الكاتب.

الأعمدة السبعة 

أما الفصل الثالث من الكتاب الذي يحمل العنوان الرئيسي للكتاب "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية"، فيتناول الانتماءات لهذه الأعمدة، وهي الانتماء الفرعوني واليوناني الروماني والقبطي والإسلامي.

ويتناول الكاتب الحقبة الفرعونية مشيرا إلى العقيدة الدينية الفرعونية التي قالت بالحياة بعد الموت، وهو ما جعل المصريين القدماء يستعدون لهذه الحياة بالطعام والمتاع والعمل على حفظ الجسد من العطب بالتحنيط لأنه سيبعث بعد الموت، كما كونوا المؤسسة الدينية من كهنة الإله آمون أو سواه، وتكريس أسطورة أن "فرعون" هو ممثل الإله على الأرض.

ويشير هنا الكاتب إلى طبيعة المجتمع في هذه الفترة، حيث الملك فرعون والأمراء من حوله الذين يحكمون الأقاليم ومعهم الكهنة الذين يمثلون المؤسسة الدينية، ثم الشعب على الجانب الآخر، يزرع ويبني ويعمر ويدفع خطر الفيضانات ويؤمن بالأساطير والآلهة.

وهنا يؤكد الكاتب تكون حضارة هائلة امتدت من الملك مينا حتى دخول الإسكندر الأكبر مصر، وهي حقبة طويلة غنية بالأحداث والآثار والمراحل المختلفة، وكانت لغة المصريين القدماء هي اللغة المصرية القديمة.

وحول اللغة التي استعملها المصريون في هذه الفترة يقول الكاتب: "وكانت لغة المصريين القدماء هي اللغة المصرية القديمة، ولكنها تكتب بأشكال ثلاثة مختلفة ما بين الهيروغليفية والهيراطيقية وهي لغة الكهنة والحكماء، ثم اللغة الديمواطيقية وهي لغة الشعب.

ويتناول الكتاب مراحل عصور الحضارة الفرعونية المختلفة، وهي العصر العتيق الذي يمتد لنحو 320 عاما، والعصر الثاني عصر الدولة القديمة "بناة الأهرام " ويمتد لنحو 500، وعصر الانتقال الأول ويمتد لمائة عام، وعصر الدولة الوسطى واستمر لمدة 375 عاما، وعصر الانتقال الثاني وامتد لحوالي 200 عاما، ثم عصر الدولة الحديثة والمسمى بعهد الإمبراطورية، الذي قاده أحمس الذي طرد الهكسوس وكون
إمبروطورية كبيرة، وأخيرا العصر المتأخر عصر الغزوات، ثم عصر التبعية.
 
وينهي الكاتب هذا العصر بقوله: "وبصرف النظر عن التفاصيل التاريخية التي ذكرناها سابقا، فإن الحقبة الفرعونية الطويلة بحلوها ومرها وانتصاراتها وقهرها، قد تركت بصمتها بوضوح على الشخصية المصرية".

مكتبة الإسكندرية مشعل حضاري

أما العمود الثاني، وهو العصر اليوناني، فقد ربط الكاتب بدايته بدخول الإسكندر الأكبر مصر، حيث ارتبطت باليونان في بداية الأمر، ثم تحول ارتباطها إلى الرومان بعد ذلك، ومن هنا يطلق على هذه المرحلة "المرحلة اليونانية ـ الرومانية"، وقد دخلت اللغة اليونانية مصر لتكون لغة الدولة، وكذلك دخول المسيحية مصر واعتناق المصريين لها للخلاص من ظلم اليونانيين.

ويشير الكاتب في صفحة 83 من كتابه إلى أهم ما يميز هذه الحقبة اليونانية الرومانية، ويبدأ بتعلم المصريين الأبجدية الإغريقية، وتولدت عبر ذلك لغة جديدة وهي اللغة القبطية وهي اللغة المصرية القديمة، ولكنها بحروف يونانية، كذلك دخول مصر في المسيحية وانتشارها بسرعة، وبذلك تكون مصر غيرت لغتها ودياناتها.

 

يؤكد الكاتب أن دخول الفاطميين هو نقطة التحول، خاصة بعد إنشاء الأزهر باعتباره مؤسسة دينية وتحوله إلى أقدم جامعة دينية في وقتها، وهو يعد بمنزلة إحياء لتراث جامعة عين شمس الفرعونية والإسكندرية اليونانية الرومانية والمدرسة اللاهوتية، ليكون الأزهر منارة للعالم الإسلامي.

 



ويشير هنا إلى استمرار مكتبة إسكندرية كمنارة لنحو ثماني قرون وإلحاق متحف بالمكتبة، ثم مكتبة هائلة ضمت حوالي 700 ألف كتاب، وتميزها بأساتذة حفظ اسمهم التاريخ، مثل إقليدس وأرشميدس ولكن تم اختراق المكتبة وتدميرها بعد أن أمر يوليوس قيصر بحرق الأسطول البحري، مما أدى إلى وصول النيران للمكتبة، ولكن المكتبة ظلت حاملة لمشعل الحضارة لعدة قرون.

أما العمود الثالث للشخصية المصرية بحسب الكاتب، فهو العصر القبطي. ويؤرخ له الكاتب بعام 284م، حيث أخذت مصر معلما وشكلا حضاريا جديدا، فاللغة قد تغيرت وسادت اللغة القبطية والديانة المسيحية، وهو ما انعكس على مناحي الحياة، وقدمت مصر بحسب الكاتب للعالم حضارة وفنا وفكرا وآثارا خلال هذه الفترة.
 
ويتناول الكاتب معالم هذه الفترة، وتشمل صياغة قانون الإيمان المسيحي، وإنشاء مدرسة الإسكندرية اللاهوتية وتميزها في علوم الدين المسيحية، فضلا عن الرهبنة وهي ابتكار مصري، نشأ بمصر من خلال الأنبا أنطونيوس، كما يشير الكاتب هنا إلى نقطة أخرى لهذه الفترة تتعلق بنضال الكنيسة، وأنها لم تبلغ الحكم والسلطة وليس لها انتماء إلا للوطن فقط، وهي بذلك تختلف عن الكنيسة الأوروبية التي قامت بدور السلطة في العصور الوسطى، ومع ذلك كانت الكنيسة المصرية تسيطر داخليا وخارجيا، حيث الانتشار في الحبشة وإنشاء كنيسة هناك وغيرها من الدول الأخرى، ولكنه أكد أن هذه الحقبة تميزت بالصراعات الدينية، فضلا عن سخط الشعب بعد دخول هرقل ووضعه مذهبا دينيا جديدا، كل هذا مهد لمرحلة أخرى، هي دخول الإسلام لمصر لتبدأ مرحلة أخرى.

سماحة الإسلام ودورها في دخول مسيحيي مصر فيه 

ويأتي العمود الرابع للشخصية المصرية في العصر الإسلامي ودخول الإسلام مصر، وفي البداية يشير الكاتب إلى المعاملة الحسنة التي عامل بها عمرو بن العاص فاتح مصر الأقباط ومنحهم الأمان وحرية الشعائر، متناولا أكثر من شهادة في هذا السياق سواء لكتاب مسلمين أو مسيحيين، وأشار في المقابل إلى ترحيب أقباط مصر بالفتح الإسلامي؛ نتيجة ما لاقوه من اضطهاد على يد الرومان.

وحول الأسباب التي جعلت المصريين المسيحيين يتحولون إلى الإسلام، أشار الكاتب إلى عدة أسباب منها الخلافات المذهبية المعقدة بين المجامع الدينية المسيحية، وهو ما لم يكن الشعب والعامة يستوعبه، على عكس الإسلام الذي تتميز عقيدته بالوضوح. أما السبب الثاني، فيتعلق بدور الكنيسة كتنظيم سري تحت الأرض وليس وجودها بين الناس، كذلك المعاملة الرائعة من جانب عمرو بن العاص للمصريين، والسبب الأخير هو عدم وجود مؤسسة دينية في الإسلام تنوب عن الإنسان، بل إن العلاقة مباشرة بين الإنسان وربه، مما جعل الإسلام بسيطا وسهلا للإنسان العادي.

يقول الكاتب: "في تقديري، أن البداية الحقيقية لحقبة الحضارة الإسلامية في مصر تبدأ من حكم الفاطميين مصر، فهي التي شهدت التحول الأكبر من المسيحية إلى الإسلام في عهد الحاكم بأمر الله، ثم حدث التحول من اللغة القبطية إلى العربية في فترة بعد نحو قرن".

ويؤكد الكاتب أن دخول الفاطميين هو نقطة التحول، خاصة بعد إنشاء الأزهر باعتباره مؤسسة دينية وتحوله إلى أقدم جامعة دينية في وقتها، وهو يعد بمنزلة إحياء لتراث جامعة عين شمس الفرعونية والإسكندرية اليونانية الرومانية والمدرسة اللاهوتية، ليكون الأزهر منارة للعالم الإسلامي.

ويشير هنا إلى دور صلاح الدين وشجاعته ودوره في توحيد الصف العربي لتحرير القدس، وكان هذا هو الدرس الذي أدركه جيدا صلاح الدين الأيوبي، وبذلك استطاع تحرير القدس وتحقيق انتصار مرموق في موقعة حطين، ثم ينهي هذه الفترة بالإشارة إلى حفلة الكماليات والعثمانيين واصفا إياها بالخبرة الكئيبة، حسب وصفه عمل ما بذله المماليك في الحفاظ على هوية مصر الإسلامية.

ويؤكد الكاتب هنا أن هذه الرقائق في مجموعها من الفرعونية إلى نهاية العهد العثماني، أوجدت تأثيرا حضاريا ممتازا يدل على خامة أصيلة تلمع إذا توفر لها مناخ جيد.

الأعمدة الثلاثة المكملة 

وفي الفصل الرابع من كتابه، يتناول الكاتب الأعمدة الثلاثة الأخرى المكملة للشخصية المصرية، ويبدأ هنا بانتماء مصر العربي وهو العمود الخامس، مشيرا إلى الروابط التاريخية بين مصر والدول العربية قبل دخول الإسلام إليها، لكنه يؤكد في المقابل النقلة النوعية في هذه العلاقة بعد دخول الإسلام إليها، معتبرا موقع مصر أدى دورا مهما في التفاعل مع الدول العربية قبل الإسلامية، كما أدى دورا مهما ومحوريا بعد الإسلام، مشيرا إلى أن مصر بدون العرب تعتبر دولة من الدرجة الثالثة أو الرابعة، وفي المقابل تأكد أن العرب بدون مصر متفرقون وليس لهم أي دور أو تأثير، معتبرا أن انتماء مصر إلى العالم العربي قدر ومصير.

ويتناول الكاتب الهجرات العربية التي وصلت إلى مصر عقب الفتح الإسلامي، سواء تلك التي وصلت من الجزيرة العربية، وهي خمس هجرات، أو التي وصلت مع الفاطميين، أو التي ساعد عليها صلاح الدين الأيوبي، مشيرا إلى أن عدد بطون القبائل العربية التي وصلت إلى مصر في القرون الثلاثة الأولى للفتح الإسلامي 244 قبيلة.

ويقول الكاتب عن هذه العلاقة في صفحة 121 من كتابه: على أن هذه الصلة الحميمة بين المصريين والعرب، التي استمرت من مطلع التاريخ وحتى القرن الخامس عشر، وهذا التفاعل بين الحضارة العربية والحضارة المصرية، وكذلك الترجمة المتبادلة بين اللغة القبطية واللغة العربية، قد انحسر في عهد المماليك والعثمانيين.

 

مصر بدون العرب تعتبر دولة من الدرجة الثالثة أو الرابعة، وفي المقابل تأكد أن العرب بدون مصر متفرقون وليس لهم أي دور أو تأثير، معتبرا أن انتماء مصر إلى العالم العربي قدر ومصير.

 



أما العمود السادس، فيمثله انتماء مصر للبحر المتوسط وحضارته، حيث انتماء مصر الجغرافي إلى مجموعة دول حوض البحر المتوسط ليست مسألة تاريخية فحسب منذ الحقبة اليونانية الرومانية، ولكنها بحسب الكاتب صلة ممتدة ومستمرة إلى الآن، وهو ما أكده عدد من الكتاب المصريين امثال لطفي السيد وطه حسين بحسب الكاتب، من وجهة نظر الكاتب يكمن في أن يوضع هذا الانتماء كبديل في مواجهة الانتماء العربي.

أما العمود السابع، وهو الأخير، فيتمثل في انتماء مصر إلى أفريقيا، الذي يراه الكاتب ليس انتماء جغرافيا، ولكنه بالنسبة لمصر أحد السبل لحل مشاكل مصر في المستقبل، خاصة في الجانب الاقتصادي وزيادة السكان بمصر، حيث تتمتع أفريقيا بمساحات زراعية كبيرة، خاصة السودان وغيرها من الدول الأفريقية، ويمكن أن تسهم في حل مشكلات مصر الغذائية والاقتصادية.

وهنا يؤكد الكاتب أن هذه الانتماءات السبعة داخلة في التركيبة الإنسانية لكل مصري، ولكنها ليست أعمدة متساوية في الطول والقطر والمتانة، وأن إحساس المصري لهذه الانتماءات يختلف من شخص إلى آخر، فهناك من لديه إحساس بأهمية الانتماء الفرعوني، ومن يشعر بأهمية الانتماء العربي والإسلامي، وهكذا، ولكن المؤكد وجود الأعمدة السبعة داخل تركيبة كل مصري.

وفي الفصل الخامس، وهو الأخير من الكتاب، جاء تحت عنوان "لسنا قوالب متماثلة ولكل منا شخصيته"، ليؤكد الكاتب أن لكل شخص تميزه وانتماءه واستقلاليته، بدءا من الأسرة وصولا إلى الحقبة الزمنية التي مرت بها مصر، وخلاصة القول بحسب الكاتب؛ فإن هذه الباقة الفريدة من الانتماءات تعطي فرصة لأي قائد سياسي أن يديرها بمهارة وفن، وفق ظروف مصر والمنطقة والعالم سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وهذه الانتماءات المتعددة، هو ما يجعل مصر أكثر حيوية وفاعلية في المنطقة، ولها قدرة على الاستمرارية في الحياة والوجود والمساهمة في الحضارة الإنسانية على المستويات كافة.