نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا للصحفي بينوا فوكون، قال فيه إن العمال في ميناء الشارقة قاموا برصف عشرات الصناديق على مركب خشبي، قبل أن يبحر من رصيف في الشارقة عبر الخليج العربي متجها إلى إيران. الحمولة: مجموعة من المنتجات الغربية من العطور إلى مجففات الشعر وأجهزة الكمبيوتر المحمولة.
قال قبطان المركب: "نحن [ما يعادل] متجر أمازون الإيراني.. العمل مزدهر".
ومنعت العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران معظم العلامات التجارية الأمريكية والأوروبية من بيع سلعها في إيران. أدى ذلك إلى نمو السوق الرمادية التي يطلب فيها المستهلكون الإيرانيون البضائع عبر الإنترنت ويشحنونها عن طريق وسطاء في الإمارات.
وفي 31 آذار/ مارس، تُظهر بيانات الجمارك الإيرانية أن الإمارات، أحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، تفوقت على الصين كأكبر مصدّر للجمهورية الإسلامية، حيث قامت بشحن بضائع بقيمة 16.5 مليار دولار، أو 68% من واردات إيران غير النفطية.
وظهرت بنية تحتية لوجستية جديدة بالكامل -من التخزين والشحن إلى التوزيع والمدفوعات- على كلا الجانبين لتسهيل التجارة. تقوم العشرات من المراكب الصغيرة -السفن التقليدية التي تحمل البضائع الخليجية- برحلات منتظمة بين دول الخليج المجاورة، محملة بالثلاجات والمكانس الكهربائية وطابعات الليزر والمزيد.
دولة الإمارات وإيران خصمان إقليميان على جبهات متعددة، بما في ذلك الحرب في اليمن، حيث يدعمان أطرافا متعارضة. في وقت سابق من هذا العام، استخدم المتمردون المتحالفون مع إيران في اليمن صواريخ وطائرات مسيرة مسلحة لمهاجمة العاصمة الإماراتية أبو ظبي.
لكن الجارتين الخليجيتين تشتركان أيضا في العلاقات التجارية والثقافية التاريخية، والتي ساعدت في منع التوترات من التوسع إلى صراع كامل. تدير الخطوط الجوية رحلات منتظمة بين البلدين، ويعيش آلاف الإيرانيين في الإمارات، ويستخدمونها كقاعدة للتعامل مع العالم الخارجي.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإماراتية: "السياسة الخارجية لدولة الإمارات تقوم على المشاركة البناءة وخفض التصعيد". رفضت الدولة مؤخرا طلبات الولايات المتحدة للمساعدة في فرض العقوبات على روسيا بعد غزو موسكو لأوكرانيا.
تقول وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تحذر الدول التي تتعامل مع إيران من مخاطر العقوبات. سافر وفد أمريكي إلى الإمارات، في كانون الأول/ ديسمبر؛ لمناقشة الامتثال للعقوبات. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية: "نعتقد أننا على اتفاق مع الإمارات".
تقدم العديد من مواقع التجارة الإلكترونية الإيرانية منتجات من شركات غربية، إلى جانب سلع يابانية وكورية جنوبية. تتلقى هذه المواقع الإلكترونية الطلبات في إيران، وتحولها إلى شركاء في الإمارات، العديد منهم في إمارتي الشارقة ودبي.
ثم تقوم الشركات الإماراتية بشراء هذه البضائع محليا أو حتى طلبها من متجر أمازون على الإنترنت، وشحنها عبر المراكب الشراعية إلى إيران. عادة ما تقوم شركات التجارة الإلكترونية الإيرانية بتحويل الأموال إلى الإمارات. عبر ما يسمى نظام الحوالة، وهو عمل غير رسمي لتحويل الأموال.
تقول الشركات الغربية وموزعوها في المنطقة إن منتجاتهم تُباع إلى شركات مشروعة في الإمارات. يقولون إنه يكاد يكون من المستحيل عليهم معرفة ما إذا كانت بعض هذه البضائع قد تم إرسالها بعد ذلك إلى إيران.
غالبا ما تأخذ المنتجات مسارا غير مباشر. كان أحد أفراد طاقم مركب صغير في الشارقة مشغولا بتحميل طابعات ليزر من صناعة شركة HP التي تم شحنها من هولندا. حملت شحنة أخرى من الطابعات ملصقات توضح أنها أتت من مركز التوزيع الأوروبي التابع لشركة HP في بوبلينغن بألمانيا.
وقالت متحدثة باسم HP إن الشركة لا تتعامل مع إيران، وتطلب تعاقديا من موزعيها الالتزام بالسياسة نفسها.
في مكان قريب، تم أيضا تحميل المكانس الكهربائية من شركة فيليبس للأدوات المنزلية الهولندية وعصارات من شركة باناسونك اليابانية لإيران.
قالت متحدثة باسم شركة فيليبس للأجهزة المنزلية إنها لا تبيع للعملاء أو الموزعين في إيران. وكتبت: "نطالب موزعينا (بمن في ذلك الموزعون في الإمارات) بالالتزام بالقوانين المعمول بها أيضا، ونوفر لهم تعليمات واضحة بشأن سياسات مراقبة الصادرات لدينا".
ولم ترد باناسونك على طلب للتعليق.
تحتل إيران المرتبة الـ12 من بين الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، وفقا للبنك الدولي. يقول رجال الأعمال الإماراتيون والشاحنون الإيرانيون إن صادراتهم إلى إيران لا يتم الإعلان عنها في كثير من الأحيان لسلطات دولة الإمارات.
اقرأ أيضا: "بلومبيرغ": إيران تسعى لمنافسة روسيا في الصين
يقول قباطنة إيرانيون عند رصيف الميناء في الشارقة إنهم يرفعون الأعلام الإماراتية -على الرغم من تسجيلهم كسفن إيرانية- ويغادرون مياه البلاد دون الكشف عن حمولاتهم. عند وصولهم إلى المياه الإيرانية، يتحولون إلى العلم الإيراني، ويعلنون عن البضائع عند وصولهم.
وقال عادل حميزية، الزميل الزائر في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد: "إن الإماراتيين يلعبون توازنا ذكيا بين الولايات المتحدة وإيران.. عليهم إدارة الحقائق الاقتصادية والجغرافية جنبا إلى جنب مع مخاوفهم الأمنية".
هكذا تستخدم إيران الهكرز "حزاما أمنيا" إقليميا وضد المعارضين
تليغراف: إيران "تطهر" الحرس الثوري خشية اختراق إسرائيلي
الغارديان: مراهنة بايدن على خفض أسعار النفط محفوفة بالمخاطر