نشرت مجلة "فانيتي فير" تحقيقا مطولا عن محاولات استعادة أموال معمر القذافي، والتي تقدر بمليارات الدولارات، وتتوزع في عدد من الدول على شكل استثمارات وودائع وآثار.
وتقول المجلة في التحقيق الذي ترجمت "عربي21" مقتطفات منه، إن "النظام الذي أقامه القذافي وجماعته لتجنب العقوبات ونقل الأرصدة من ليبيا حول العالم كان بارعا جدا". مشددة على أن القذافي لم يكن الزعيم الوحيد الذي نهب بلده، فـ"هناك قائمة طويلة من فرديناند ماركوس وموبوتو سيسكو وأخيرا فلاديمير بوتين والأوليغارش التابعين له، إلا أن الزعيم الليبي السابق كان الأكثر جشعا".
ولفتت المجلة إلى أن هناك محاولة لاستعادة بعض المال المسروق، وبناء على طلب من الأمم المتحدة تم تجميد الأصول التابعة لعائلة القذافي والحلقة القريبة منها والمؤسسات التابعة للدولة، لكن هناك كميات كبيرة من المال مخبأة بطرق سرية وبإدارة موالين للقذافي وقبيلته بطريقة تسمح لهم بإنكار هوية المالك الحقيقي.
ويتوزع الملاك لهذه الأموال المخفية بين رجال المخابرات والمقربين من القذافي إلى أفراد لا يتوقع أنهم يملكون ثروة مثل نادل في مطعم على البحر كان أبناء القذافي يرتادونه، وانهارت شبكة القذافي التي أقامها بدقة لتجنب العقوبات عند وفاته عام 2011.
ومع تراجع الخوف من عائلة الزعيم السابق، قام الأفراد الذين وضعت الأرصدة بأسمائهم بتحويلها لأغراضهم الخاصة بمن فيهم شخصيات وقفت مع المعارضة. وفق المجلة.
وبحلول عام 2012، بدأ الصائدون للثروات يعرضون خدماتهم على الحكومة الانتقالية، ومنهم متعهد أمريكي عرض البحث عن المال المخفي مقابل حصة له من المال المسترد. كما بدأ خبراء سرقة اللوحات الفنية بالبحث عن التحف التي لا تقدر بثمن وتم نقلها من ليبيا على مدى السنين وظهرت في المتاحف والمجموعات الخاصة.
وقالت المجلة، إن كادرا من الجواسيس والمحتالين وصل إلى ليبيا حيث بات يطلق عليهم "جماعة 10%" بناء على الأموال التي سيحصلون عليها مقابل الكشف عنها في الخزانات السرية.
اقرأ أيضا: ليبيا تتعقب 100 مليار دولار من أموال القذافي في 6 بنوك كبرى
وطالب محتالون ومتعاملون في الظل بعمولاتهم مقدما، حيث قال مسؤول مخابرات ليبي سابق: "كان هناك رجال من خلفيات استخباراتية وعسكرية وسياسية، وكانوا يأتون لنا ويقولون: هناك مليار دولار نقدا موجودة في بينين، 10 مليارات في جنوب أفريقيا، وهي أخبار غير منطقية، لكنهم كانوا يطلبون دائما مئات الآلاف لكي يكشفوا عنها، وهي أموال الشعب الليبي".
وتم إنشاء مكتب استرداد الأصول الليبية عام 2017 في وقت بات فيه السباق على المال المنهوب يشبه العرض الساخر.
وقال مسؤول أمني أمريكي متخصص بالمال: "لدينا تفويض من وزارة العدل، وعندما كنا نهبط في سويسرا، قيل لنا من أنتم؟ قبل أسبوعين جاء أشخاص يسألون عن نفس الشيء. وقمنا بإخبار طرابلس ووجدنا أن هؤلاء الأشخاص هم دجالون. وفي الأيام الأولى استطاع بعضهم وضع أيديهم على مال كثير".
وتم إجراء مقابلة مع تيم لورنس، 52 عاما بنوتردام والذي عمل سابقا كملحق عسكري في سفارة واشنطن بإسرائيل، وبعد تركه العسكرية انتقل إلى تونس لتقديم النصح لحكومات شمال أفريقيا حول مكافحة الإرهاب، وبات يساعد مكتب استعادة المال المسروق.
وأشار لاتصال كندي يعرفه به للمساعدة في عملية بغانا لاسترداد 60 بالة محفوظة في مخازن بمدينة أكرا العاصمة الغانية والتي يقول إن شخصا من الطوارق أمين عليها ومعلمة بـ"أشياء ثمينة لعائلة القذافي"، وبعد حسابات حول كيفية نقل كل بالة ووصول فريق أمريكي إلى هناك لم يستطيعوا تحديد مكانها. مع أن الطوارقي دخل المخزن واستخرج مالا للتأكيد أن المال المحفوظ حقيقي.
وعند اندلاع الربيع العربي ركزت إدارة أوباما على إخراج القذافي من ليبيا حسب بن فيشمان، الذي خدم بمجلس الأمن القومي بإدارة أوباما. وعندما اتضح أنه لا يريد ورفض الاستماع ومقابلة المبعوثين الأمريكيين جمدت الإدارة الاتصالات معه.
والتقت المجلة خلال التحقيق مع الكاتب أورين ورشافسكي، الشريك في مكتب المحاماة المعروف "بيكر هوستيتلر" والذي يعمل فيه آلاف المحامين وأسهم في استعادة ربع مبلغ 19.2 مليار دولار.
وفجر ورشافسكي بمحكمة منطقة جنوب نيويورك قنبلة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي حين طالب ثمانية بنوك بالكشف عن بيانات حول حركة أموال القذافي. وقال: "التفويض من مكتب استرداد الأصول الليبية هو استعادة أي شيء سرق أو اختلس من ليبيا".
وتبلغ أموال القذافي المنهوبة حوالي 300 مليار دولار، وفق تقديرات المجلة، مشيرة إلى أن عائلة القذافي تملك ما بين 40- 200 مليار دولار.