تحدثت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن مدى تأثير اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان على الاحتلال الإسرائيلي، نافية أن يكون محور اللقاء بحث علاقة الرياض مع تل أبيب.
وأوضحت الصحيفة في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل، أن "ابن سلمان، الذي اهتم بتقصير حياة الكاتب جمال خاشقجي، اعتبر قراره استثمار جزء من أمواله (عبر جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب) في إسرائيل، علامة فارقة مهمة في رحلة التطبيع التي تتقدم بين الرياض وتل أبيب".
وأشارت "هآرتس" إلى أن لجنة الرقابة والإصلاح في مجلس النواب الأمريكي، بدأت الجمعة الماضي، بـ"التحقيق في نشاطات شركة "أفينتي" (تابعة لكوشنر)، على خلفية الشك بأن الاستثمار السعودي فيها جاء مقابل تنازلات سياسية قدمها ترامب للسعودية، حيث أن الأموال السعودية تم تحويلها بعد نصف سنة فقط على إنهاء ترامب لولايته"، منوهة أن هناك العديد من الإشارات الدالة على "التقارب بين السعودية وإسرائيل".
ومن بين تلك الإشارات، ما نشر مؤخرا وهو "أن السعودية وإسرائيل أقامتا في تركيا غرفة عمليات مشتركة لمناقشة إقامة علاقات دبلوماسية بينهما".
وذكرت "هآرتس"، أن "شبكة العلاقات الآخذة في التعزز بين إسرائيل والسعودية، تقتضي ثمنا أمريكيا، وبصورة صريحة، هي تنتظر زيارة الرئيس الأمريكي للرياض والمصافحة التاريخية بينه وبين ابن سلمان، وهذا اللقاء تم التخطيط له في هذا الشهر، لكنه تأجل بدون تحديد تاريخ له، وفي هذه الأثناء يزداد الانتقاد داخل أمريكا للزيارة المخطط لها، ويشمل تعبيرات مثل "خيانة بايدن" أو "ابن سلمان سيحصل على كل ما أراده"".
ونوهت أن الحاجة العالمية للنفط السعودي مقابل إيقاف شراء النفط الروسي، "تضع في الاختبار سؤال؛ هل مبادئ بايدن السياسية التي تشمل الحفاظ على مسافة عن المسؤول عن قتل خاشقجي والدفع قدما بحقوق الإنسان، تساوي ثمن النفط والضرر الكبير للغرب الذي تجبيه العقوبات المفروضة على روسيا؟"، موضحة أن "البيت الأبيض حسم الموضوع، وخرج عن أطواره لتبرير الزيارة".
وقالت: "تبين لبايدن بأن الاستقلال في الطاقة للولايات المتحدة، لا يمكن أن يحررها من الاعتماد على النفط العربي، في الوقت الذي توجد فيه أزمة طاقة دولية، وإذا كانت البشرى قبل ثلاث سنوات، أن ترامب يمكنه أن يركل حلفاءه العرب، لأن الدول العربية لم تعد تستطيع أن تفرض على الولايات المتحدة سياسة خارجية تعتمد على النفط، فإن ضغط الحرب الروسية في أوكرانيا وتطبيق نظام العقوبات على روسيا، يجبرها على الذهاب لتلقي الغرامة، الأمر الذي يعني السير برأس مطأطأ".
اقرأ أيضا: لجنة الأمن القومي تقدم 6 طلبات لبايدن قبل زيارة السعودية
إعادة فحص الخيارات
وأشارت الصحيفة، لحديث ابن سلمان مع المستشار الأمريكي للأمن القومي، جايك ساليبان أثناء زيارته للرياض، والذي طرح قضية قتل خاشقجي، وهو ما رفضه ولي العهد السعودي وقال: "الولايات المتحدة يمكنها نسيان زيادة إنتاج النفط السعودي".
وبينت أن "بايدن قرر أن يلقي الجوكر على الطاولة ويطرح نفسه لفظيا كثمن للنفط، وأن يحصل بعد ذلك على دفعة سعودية مسبقة، والسعودية حثت منظمة "أوبيك +" على تبكير زيادة حصة إنتاج الدول الأعضاء بـ 600 ألف برميل يوميا، التي تقرر أن تكون في شهر أيلول/سبتمبر".
ورأت "هآرتس"، أنه: "هذه بالنسبة للسعودية كانت انعطافة في سياستها وبادرة حسن نية تصالحية وتضحية كانت تتوقع مقابلها الحصول على جائزة، وفعليا، زيادة حصة إنتاج النفط من قبل "أوبيك +" ليس فقط كانت مخططة، بل هذه زيادة سبق وأخذت في الحسبان في تسعير النفط في الأشهر القادمة، وهكذا فإن تبكير تسويقها لم يؤثر تقريبا على أسعار النفط في السوق العالمية".
ونبهت أن السعودية معنية بإنهاء الحرب في اليمن، لأنها "تجني ثمنا باهظا من المملكة، وسجلت كأحد الإخفاقات المدوية لابن سلمان الذي لم ينجح فيها في الوصول لحسم عسكري رغم السلاح المتقدم الذي يستخدمه"، موضحة أن "الرياض أدركت أنه يجب التوصل لتفاهمات مع طهران، وهي تدير مباحثات مع إيران في العراق، ونجاح المباحثات بين الدولتين، يمكن أن يساهم في تخطيط توزيع سوق النفط بينهما شريطة التوقيع على الاتفاق النووي، بحيث تستطيع إيران العودة إلى السوق العالمية التي تنتظر إنتاجها".
ولفتت الصحيفة، إلى أنه "في حال كانت إسرائيل تتوقع أن التحالف العربي المناهض لإيران سيبعث من جديد، فمن الأفضل لها ألا تقف مع ساعة توقيت، وبعد أن استأنفت الإمارات علاقاتها مع إيران وقطر، شريكة إيران في حقل الغاز الأكبر في الخليج، فإن من شأن السعودية أن تكون الحليفة الجديدة لإيران".
وزعمت أن "هذه العلاقات لن تأتي على حساب علاقاتها مع إسرائيل، ولن تقف في طريق التطبيع، لكنها تلزم إسرائيل بإعادة فحص خياراتها العسكرية أمام إيران".
اختلاف أولويات
أفينوعام بار يوسف، رئيس معهد سياسات الشعب اليهودي، أكد في مقال بصحيفة معاريف، ترجمته "عربي21" أن "إسرائيل، التي اعتادت على رؤية نفسها في قلب السياسة الأمريكية، تحتاج للتعود على حقيقة أنه في الوضع الناشئ حديثاً، لم تعد تحتل اليوم وزناً في الأجندة الأمريكية، حيث تتجه الأنظار لاحتياطيات النفط السعودية، وبدونها سيتعين على أوروبا الاستمرار في استيراد الوقود الروسي، وبالتالي تمويل استمرار الحرب ضد أوكرانيا بشكل غير مباشر".
وأضاف أن "الاتجاه الطبيعي في واشنطن هو دعم الائتلاف الإسرائيلي الحالي، بافتراض أنه أكثر ملاءمة للإدارة، في حين أن بايدن لا يحتاج لمعرفة نتنياهو، الذي شكل وجوده في رئاسة الحكومة مصدر قلق حقيقي لرئيسه السابق باراك أوباما".
وتابع "ربما تفسر زيارته اليوم بأنها تدخل أمريكي في السياسة الإسرائيلية الداخلية لتعزيز طرف على حساب آخر، ورغم ذلك فإن سبب الزيارة الرئيسي هو حاجة واشنطن لزيادة إنتاج آبار النفط في السعودية للسماح بتقليل الاعتماد الغربي على الوقود الروسي، مما يجعل وصول بايدن الى تل أبيب محطة مهمة في زيارته، لكنها ليست الأكثر أهمية".
كما تتزامن هذه الانطباعات الإسرائيلية السلبية من تراجع العلاقة مع واشنطن مع ما كشفت عنه استطلاعات الرأي الأمريكية الأخيرة عن زيادة ملحوظة في تعاطف الأمريكيين مع الفلسطينيين، وتناقصه إزاء الإسرائيليين، مما زاد من مستويات القلق الإسرائيلية، خاصة وان نسباً لا بأس بها من هؤلاء هم بالأساس من يهود أمريكا، الذين تشهد علاقتهم بدولة الاحتلال في السنوات الأخيرة تراجعات متسارعة.
بينيت يسعى لإنقاذ ائتلاف حكومة الاحتلال الهش من السقوط
هجرة اليهود من إثيوبيا لفلسطين المحتلة مستمرة.. دفعة جديدة
"هندسة الوعي" لدى الفلسطينيين تثير قلقا إسرائيليا