غموض كبير يضرب سوق بيع الذهب والمشغولات من المعدن الأصفر في مصر، وذلك بعد ارتفاع الأسعار لأرقام قياسية تاريخية، وبما يفوق السعر العالمي الذي يتراجع للأسبوع الثالث مباشرة، وذلك في الوقت الذي لا يدرك فيه التجار إلى أي اتجاه يتحرك سعر الذهب.
ووسط غياب البيانات الحكومية المطمئنة للمصريين أو الحاكمة للسوق؛ ومع امتداد إجازة عيد الفطر لـ9 أيام، فقد تفاقمت أسعار الذهب بشكل كبير لتصل إلى قرابة الـ1300 جنيه للغرام عيار 21 (سعر الدولار 18.5 تقريبا) ما دفع بعض السلاسل المتخصصة في بيع الذهب الجمعة، لإعلان توقفها عن العمل حتى ضبط السوق.
وأوقفت السبت، منصة "آي صاغة دوت كوم" (isagha) الرقمية لتداول الذهب والمجوهرات عبر صفحتها بالإنترنت وقف نشر أسعار الذهب اليومية، والبيع والشراء حتى يتم ضبط أسعار السوق.
اقرأ أيضا: بنك فرنسي يتوقع قرارات مؤلمة بمصر خلال أيام.. هذه أبرزها
وفي المقابل، نفت شعبة الذهب بالغرفة التجارية، ما أثير عن وقف التعامل أو التداول بمحال الذهب لحين معرفة سعر الدولار من البنك المركزي المصري، قائلة في بيان السبت، إن ما يثار عن عدم الشفافية في التسعير لا أساس له من الصحة، مؤكدة أن التسعير يخضع لآليات العرض والطلب ووفقا لأسعار الأوقية في البورصات العالمية.
ويخضع تسعير الذهب في مصر لآلية العرض والطلب، بجانب رقابة الدمغة والموازين بوزارة التموين على دمغ القطع والمشغولات الذهبية في السوق المحلية.
"مشهد السوق"
وخلال الأيام الثلاثة الماضية، ارتفع سعر الغرام (عيار 21) الأكثر مبيعا في السوق نظرا لارتفاع قيمته والمفضل لدى المصريين من 1150 جنيها إلى 1250 جنيها مضافا إليها قيمة المصنعية ليحلق السعر في فلك الـ1300 جنيه للغرام من نفس العيار.
ذلك الاضطراب يأتي بفعل ما يروج في السوق المصرية حول تخفيض محتمل لسعر الجنيه، ورفع لسعر الفائدة على الجنيه المصري، إثر قرار الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة الخميس الماضي، بمقدار نصف نقطة مئوية.
وكان سعر الذهب من عيار 21، قد سجل نحو 700 جنيه، قبل 21 آذار/ مارس الماضي، وقرار المركزي المصري رفع سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس وخفض سعر الجنيه بنحو 14 بالمئة، ليصل قبيل عيد الفطر (الاثنين الماضي) إلى نحو 1140 جنيها.
والجمعة، سجلت أسعار الذهب عالميا تراجعا للأسبوع الثالث على التوالي في ظل ارتفاع الدولار الأمريكي وارتفاع عوائد الدولار والخزانة الأمريكية على خلفية سياسة الفيدرالي الأمريكي الجارية القابلة لرفع سعر الفائدة مجددا.
الخبير الاقتصادي محمود وهبه، تحدث عن حجم التناقض في سعر الذهب المحلي في مصر عنه في السوق العالمية، وقال عبر "فيسبوك": "أسعار الذهب تنخفض في العالم، وترتفع بمصر"، مؤكدا أن "الارتفاع بمصر مؤشر على اختلال السياسة النقدية".
وفي رؤيته، أوضح أن "الودائع بالبنوك تهرب وتحتمي بالذهب، فتقوم الحكومة بغلق البنوك، والآن تحاصر الذهب، والنتيجة أن الجنيه سيواجه مصيرا غير معلوم عندما تفتح البنوك، والذهب سيختفي من السوق"، متوقعا أن تكون الأسابيع المقبلة "غامضة وغامقة".
"أيادي الحكومة"
أحد تجار الذهب في مصر، ربط بين ارتفاع سعر الذهب في البلاد عن السوق العالمية وبين شراء الحكومة المصرية 44 طنا من الذهب.
التاجر الذي رفض ذكر اسمه، قال لـ"عربي21"، إن "الحكومة تريد سعر الذهب مرتفعا لتجني المكاسب وتغطي تكلفة ما اشترته بعد شرائها هذه الكمية الكبيرة".
وأكد أن "سعر المشغولات الذهبية في مصر أعلى من سعره المنطقي بنحو ما بين 100 جنيه و150 جنيها في الغرام الواحد".
وعن توقعاته، أكد أنه "لا أحد في سوق الذهب يستطيع توقع شيء"، موضحا أن "معظم التجار يترقبون ولا يبيعون أو يشترون إلا في حدود".
ومطلع أيار/ مايو، أعلن مجلس الذهب العالمي أن البنك المركزي المصري الذي وصفه بأنه أكبر مشتر للذهب خلال الربع الأول من 2022، اشترى 44 طنا من الذهب خلال شباط/ فبراير الماضي، ليصل احتياطي البنك من الذهب إلى 125 طنا.
من جانبه، أكد عضو شعبة تجار الذهب أمير رزق، أن تجار الذهب توقفوا عن عمليات البيع والشراء للذهب خاصة يوم الجمعة، موضحا أن هذه الأسعار تم تحديدها بناء على سعر دولار يساوي 22 جنيها، مشيرا إلى وجود حالة ترقب تسيطر على سوق الذهب انتظارا لفتح البنوك أبوابها الأحد، وفق حديثه لموقع "المصري اليوم" المحلي.
اقرأ أيضا: لماذا هوى الجنيه المصري أكثر من التوقعات؟
"شراء الخوف"
وقال الباحث الاقتصادي محمد نصر الحويطي، إن أطرافا متعددة بينها تجار سوق سوداء قامت بتغذية ما يتردد من شائعات عن تحريك سعر الجنيه مجددا مقابل الدولار خاصة بعد رفع الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة".
وأوضح الحويطي لـ"عربي21"، أن هذه الشائعات أوجدت مخاوف عند المواطنين فأقبلوا بكثافة على شراء الذهب خاصة السبائك حفظا لقيمة أموالهم، أو سرعة شراء مصوغاتهم خوفا من ارتفاع الأسعار".
ولفت إلى أن الإقبال المتزايد على شراء دفع سوق الذهب بتسعير مغاير تماما للسعر العالمي، بزيادة بلغت نحو 300 جنيها للجرام الواحد (عيار 21)، وذلك بتقييم لسعر الجنيه أمام الدولار بلغ نحو 22 جنيها، علما بأن آخر إغلاق رسمي للدولار 18.49 جنيها مقابل الدولار".
وأضاف: "بعض تجار الذهب تعاملوا مع أسعاره حسب سعر الدولار بالسوق السوداء"، موضحا أنه "لا يوجد مبرر لارتفاع سعر الذهب في أجازة عيد الفطر سوى ذلك، علما بأن سعر الذهب غير خاضع للطلب والعرض محليا، إنما خاضع لبورصة الذهب عالميا".
وتمنى الحويطي، بأن "تقوم الحكومة والأجهزة المعنية الرسمية بمراقبة السوق، وعدم السماح باستخدام أسعار الذهب كبوابة خلفية لتسعير الدولار بالسوق السوداء"، موضحا أن "ما حدث ويحدث يضر بالاقتصاد الوطني".
وعن توقف بعض الشركات والمنصات، أكد أن "هناك شركة سبائك ومصوغات تسمى (الإيمان)، وهي شركة ليست صغيرة، أوقفت التعامل وأبلغت عملاءها بذلك"، مبينا أن "منصة التداول (isagha) الأشهر بين التطبيقات والمنصات المحلية أوقفت التطبيق، والتسعير، والبيع والشراء، بالفعل".
ولفت إلى أن "هناك بالفعل تطبيقات وشركات أخرى توقفت عن البيع والشراء نظرا لاضطراب حركة السوق، إلى جانب مخاوفهم من مساءلات ومشاكل محتملة".
لكنه أكد أنه في المقابل، أن "الكثير من المحال ظلت تعمل وتقدم خدماتها بيعا وشراءا ووساطة بين العملاء، وأن شعبتي الذهب والمصوغات بغرفة التجارة، واتحاد الصناعات قالتا ذلك؛ لكنهما لم يقفا على بقية تفاصيل الموضوع كاملا".
من جانبها، أكدت أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة الدكتورة علياء المهدي، أن أسعار الذهب حاليا في مصر أعلى من الأسعار العالمية بنسبة تتراوح ما بين (25- 35 بالمئة)، واصفة الأمر بأنه "غريب لأن سعر الذهب عالميا يجب ألا يختلف عن سعره محليا".
وفي تدوينة لها عبر "فيسبوك"، نصحت المصريين بالتريث في شراء الذهب كملاذ آمن لأصولهم الآن.
وفي رصده لما يجري في سوق الذهب المصرية قال الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي أحمد يعقوب، إن "تسعير الذهب وفقا للعرض والطلب جعل بعض الشركات ترفع السعر بشكل كبير وصل بعيار (21) إلى 1250 جنيها للجرام، وهذا أعلى من السعر المنطقي، وفقا لسعر البورصات العالمية".
وأكد عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن "سعر الدولار بالبنوك 18.52 جنيها، وبالتالي المنطقى أن يكون عيار (21) بنحو 1000 جنيه للجرام"، مشيرا إلى أن هناك "تجار رفعوا السعر وفقا لتسعير غير منطقى للدولار".
"غياب حكومي"
وفي تقديره لما يحدث بسوق الذهب المصرية، يعتقد الخبير الاقتصادي والأكاديمي المصري، علي عبدالعزيز، أن "سوق الذهب المصري تأثير برفع فائدة الفيدرالي الأمريكي 0.5 بالمئة، وتوقع الجميع أن يرتفع سعر الدولار والفائدة بمصر".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار عبد العزيز إلى "ضبابية المشهد الاقتصادي نتيجة أزمة النظام المالية والاقتصادية منذ تخفيض فائدة الفيدرالي آذار/ مارس الماضي 0.25 بالمئة".
وأكد أنه "وبالتالى قام تجار الذهب بتسعير جرام (21) مثلا بنحو 1220 جنيها في حين أن السعر الأساسى 979.9 جنيها، ما يعنى أن تجار الذهب سعروا جرام (21) على سعر صرف 23 جنيها، في حين أن سعر 979.9 على أساس سعر صرف 18.4 جنيها مقابل الدولار".
ويعتقد عبد العزيز أن "أجازة عيد الفطر كانت سببا إضافيا لحالة اضطراب السوق وغياب الرقابة الحكومية"، ومضيفا: "وأعتقد أن حالة الاضطراب هذه حتى وإن لم تكن معلنة ستستمر مالم يقرر البنك المركزي المصري كيف سيكون رده على قرار الفيدرالي برفع الفائدة".
ولفت إلى أن ذلك الوضع هو المحتمل "خصوصا وأن فجوة الدولار بسبب تخارج الأجانب من أدوات الدين والبورصة تجاوزت 20 مليار دولار، ولازال صندوق النقد يتفاوض مع مصر على شروط الحصول على قرض جديد بنحو 10 مليارات دولار".
وأشار إلى أن "ما نعلمه حتى الآن من التفاوض هو شرط الصندوق بشأن المرونة السعرية الكاملة لسعر الصرف، ودعم القطاع الخاص، وبيع بعض الأصول الحكومية".
ويعتقد الخبير المصري، أن "أزمة الحكومة بعد فشلها في توفير الدولار اللازم للاستيراد وتغطية الاعتمادات المستندية هي غياب المعلومات أو تأخر القرارات".
وبين أن "بنوك الخليج المركزية قررت فورا بعد اجتماع الفيدرالي رفع الفائدة لديها بنسب مختلفة، في حين المركزي المصري لم يصدر منه أي تطمينات للأسواق بشكل عام وسوق الذهب بشكل خاص".
"غياب حكومي"
وفي تقديره لما يحدث بسوق الذهب المصرية، يعتقد الخبير الاقتصادي والأكاديمي المصري الدكتور علي عبدالعزيز، أن "سوق الذهب المصري تأثير برفع فائدة الفيدرالي الأمريكي 0.5 بالمئة، وتوقع الجميع أن يرتفع سعر الدولار والفائدة بمصر".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار إلى "ضبابية المشهد الاقتصادي نتيجة أزمة النظام المالية والاقتصادية منذ تخفيض فائدة الفيدرالي آذار/ مارس الماضي 0.25 بالمئة".
وأكد أنه "وبالتالى قام تجار الذهب بتسعير جرام (21) مثلا بنحو 1220 جنيها في حين أن السعر الأساسى 979.9 جنيها، ما يعنى أن تجار الذهب سعروا جرام (21) على سعر صرف 23 جنيها، في حين أن سعر 979.9 على أساس سعر صرف 18.4 جنيها مقابل الدولار".
أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، يعتقد أن "أجازة عيد الفطر كانت سببا إضافيا لحالة اضطراب السوق وغياب الرقابة الحكومية"، ومضيفا: "وأعتقد أن حالة الاضطراب هذه حتى وإن لم تكن معلنة ستستمر مالم يقرر البنك المركزي المصري كيف سيكون رده على قرار الفيدرالي برفع الفائدة".
ولفت إلى أن ذلك الوضع هو المحتمل "خصوصا وأن فجوة الدولار بسبب تخارج الأجانب من أدوات الدين والبورصة تجاوزت 20 مليار دولار، ولازال صندوق النقد يتفاوض مع مصر على شروط الحصول على قرض جديد بنحو 10 مليارات دولار".
وأشار إلى أن "ما نعلمه حتى الآن من التفاوض هو شرط الصندوق بشأن المرونة السعرية الكاملة لسعر الصرف، ودعم القطاع الخاص، وبيع بعض الأصول الحكومية".
ويعتقد الخبير المصري، أن "أزمة الحكومة بعد فشلها في توفير الدولار اللازم للاستيراد وتغطية الاعتمادات المستندية هي غياب المعلومات أو تأخر القرارات".
وبين أن "بنوك الخليج المركزية قررت فورا بعد اجتماع الفيدرالي رفع الفائدة لديها بنسب مختلفة، في حين المركزي المصري لم يصدر منه أي تطمينات للأسواق بشكل عام وسوق الذهب بشكل خاص" .
لماذا هوى الجنيه المصري أكثر من التوقعات؟
بنك فرنسي يتوقع قرارات مؤلمة بمصر خلال أيام.. هذه أبرزها
كيف يؤثر رفع أسعار الفائدة بأمريكا على الاقتصاد المصري؟