قالت مجلة "ذا ناشونال إنترست"، إن قرار السعودية بـ "دفع" عبد ربه منصور هادي إلى الاستقالة
لم يتخذ بدافع النفعية السياسية، بل بدافع اليأس السياسي.
وأشارت إلى أنه في عام 2019، واجه هادي والتحالف
السعودي تراجعا في الآفاق السياسية في مدينة عدن، والتي كان ينظر إليها على أنها
عاصمة وطنية بديلة لعودة الحكومة اليمنية في المنفى.
وقوبل هادي بعداء مسلح في عدن سواء من اليمنيين
المحليين الذين استاءوا من قراراته السياسية وتحالفه مع السعودية وكذلك من مجموعات
من الانفصاليين الجنوبيين الذين رفضوا، مرة أخرى، الوقوع ضحايا للسياسات الشمالية
المهيمنة.
وبرز المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو مجموعة
سياسية وعسكرية تدعمها الإمارات العربية المتحدة، كمنافس جدي على الدعم السياسي
للسكان الجنوبيين في اليمن.
وفي حين نجح اتفاق الرياض في تخفيف حدة
التوترات المسلحة بين مؤيدي هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي، إلا أنه فشل في تشكيل
حكومة قابلة للحياة في جنوب اليمن.
وأضافت: مع غرق شرعية هادي في معركة سياسية متوترة
في عدن، اضطرت السعودية والإمارات إلى التعامل مع قوة أكثر زعزعة للاستقرار،
وازداد الدعم الإيراني للحوثيين، ووصل إلى آفاق جديدة مع ضربات الطائرات بدون طيار
والصواريخ على المنشآت النفطية في كلا البلدين الخليجيين.
وعلى الرغم من أن المجلس يقوده، رشاد محمد
العليمي، أحد أنصار حكومة هادي، إلا أن هناك أربعة أعضاء في المجلس المؤلف من
ثمانية أشخاص يمثلون نقطة تحول محتملة للتمثيل السياسي اليمني.
أولهم سلطان علي العرادة، محافظ مأرب، الذي
اكتسب مؤخرا قدرا كبيرا من الاعتراف العام لقيادته في الدفاع عن مدينة مأرب
الاستراتيجية الغنية بالنفط في مواجهة هجوم الحوثيين المستمر.
والثاني هو عيدروس الزبيدي، زعيم المجلس
الانتقالي الجنوبي والمنافس الرئيسي لهادي على السلطة السياسية في جنوب اليمن، حيث
تم الدمج فعليا بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وأضيف طارق صالح، ابن شقيق الرئيس اليمني
السابق علي عبد الله صالح الذي يقود واحدة من أكثر القوات المقاتلة فعالية في
اليمن، والتي تتكون من بقايا جيش عمه الجمهوري.
اقرأ أيضا: ما هي فرص نجاح مجلس الرئاسة اليمني المشكل حديثا؟
وأخيرا، وكدليل على الشمولية الجغرافية للمجلس،
تمت إضافة فرج سالمين البحسني، حاكم منطقة حضرموت الشرقية في اليمن، لضمان ألا
تؤدي ميول الاستقلال إلى مزيد من التقسيم للبلاد.
وهذا يعني أن 50 في المئة من أعضاء المجلس
الرئاسي الذين انضموا إلى الحكومة في المنفى لا يجلبون قدرا كبيرا من الدعم الشعبي
بين اليمنيين فحسب، بل أيضا يضيفون شرعية أساسية على الأرض كانت تفتقر إليها تحت
قيادة هادي.
ويمثل الإعلان عن إنشاء مجلس رئاسي، مكون في الأساس
من تكتل من القيادات المناهضة للحوثيين من جميع قطاعات البلاد، قد يكون استمرارا
لنجاح مثل هذه المجالس بقيادة البلاد عبر تاريخها، خصوصا في أعقاب الحروب الأهلية
التي مرت بها.
في عام 1967، بعد خمس سنوات من الحرب الأهلية
المكلفة في شمال اليمن، أطيح برئيس البلاد، عبد الله سلال، وحل محله مجلس رئاسي
كان يمثل الأصوات المتضاربة داخل الجمهورية وبقيادة القاضي عبد الرحمن الإرياني،
وهو قاض ديني يحظى باحترام كبير.
بدأت الحرب الأهلية عام 1960، ودارت رحاها بين
أنصار القبائل الشمالية للإمام المخلوع وأنصار الجمهورية الجديدة في صنعاء.
وكان آخر مجلس رئاسي قبل التكرار الأخير هو
مجلس الوحدة الرئاسي الذي تشكل في عام 1990، والذي كان يتألف من تمثيل متساو لشمال
اليمن وجنوبه.
وعلى الرغم من أن مجلس عام 1990 لعب دورا
أساسيا في توحيد اليمنيين سياسيا، إلا أنه انهار في عام 1993 في أعقاب التوترات
التي أعقبت الانتخابات.
وكانت المجالس الرئاسية اليمنية هيئات سياسية
مهمة خلال الفترات الانتقالية، إما بعد انقلاب أو بعد إنشاء أو توحيد دولة جديدة.
ومن المؤكد، بحسب المجلة، أن الوضع الحالي في
الحكومة اليمنية يشبه الأوضاع في السابق، ويستدعي إما توحيد الفصائل المتباينة في
البلاد أو إنشاء هيئة حاكمة جديدة يمكن أن تدعي تمثيل المصالح الوطنية اليمنية في
المفاوضات المستقبلية مع قيادة الحوثيين.
وتقول المجلة إن نجاح أو فشل الكيان السياسي في
مرحلة ما بعد هادي سيعتمد في نهاية المطاف على قدرة المجلس على إيجاد رئيس للمجلس
يتمتع باحترام جميع الفصائل السياسية، بما في ذلك حركة الحوثيين.
بلومبيرغ: دول خليجية تسعى لاتفاق أمني مع الولايات المتحدة