نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحفي إيشان ثارور قال فيه إنه مع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، تتعمق أوجه الشبه مع سوريا.
لقد تسبب الغزو الروسي بالفعل في أزمة لاجئين هائلة، وأفرغ العديد من المدن والبلدات الأوكرانية، وأدى إلى معاناة عدد لا يحصى من المدنيين الأوكرانيين.
ويجادل عدد متزايد من المحللين بأن الصراع يجب أن يُنظر إليه في سلسلة متصلة مع تدخل روسيا عام 2015 في الحرب الأهلية السورية، والذي لعب دورا رئيسيا في قلب دفة المعركة لصالح رئيس النظام بشار الأسد.
كانت التكتيكات الوحشية وحملات القصف التي نشرتها روسيا عبر الدولة الشرق أوسطية بمثابة عملية تجريبية للجهود الحربية الروسية في أوكرانيا. وفي أقل من شهرين، أحدثت المعارك آثارا على الأرض مألوفة بشكل مأساوي لأي شخص عانى أو شاهد انفجار سوريا الداخلي الذي دام عقدا من الزمن.
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في منتدى دولي الشهر الماضي: "انظر إلى مدينة ماريوبول، هذا بالضبط ما رأيناه في مدينة حلب".
وقال الكاتب: "تتصاعد أصداء الصراع في سوريا بصوت أعلى في أوكرانيا، كما أوضح زملائي كلير باركر وآدم تايلور في تقريرين منفصلين الشهر الماضي".
وأشار التقريران إلى أن الضربات الروسية قتلت المدنيين بشكل عشوائي، وضربت المستشفيات والمدارس ودمرت البنية التحتية الحيوية - مع ماريوبول الأكثر وضوحا ولكنها لم تكن المكان الوحيد الذي عانى من مثل هذا القصف.
وكما كان الحال في سوريا، قال دانييل بالسون، مدير المناصرة في أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة العفو الدولية، لباركر: "إن الكثير من الخسائر المدنية التي نوثقها في أوكرانيا سببها القنابل الغبية - وليس الأسلحة الموجهة.. من المستحيل استخدام مثل هذه الأسلحة في هذه المناطق المكتظة بالسكان مع ضمان عدم فقدان أي مدنيين لأرواحهم".
ويجادل ناشطو المعارضة السورية بأن الإفلات الظاهر من العقاب الذي تمتعت به روسيا عندما استخدمت العنف لدعم النظام السوري أصبح واضحا مرة أخرى في أنقاض المدن الأوكرانية.
وقال رضوان الحمصي، ناشط سوري في جنوب تركيا، في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز الشهر الماضي إن الروس "مستعدون لالتهام الأخضر واليابس.. إنهم لا يهتمون بالمجتمع الدولي أو بأي شيء آخر. لقد رأينا ذلك في سوريا. المدارس المحترقة ليست جديدة علينا. إنها الأرض التي يريدون أخذها وسيأخذونها".
هذا الأسبوع، بينما أعاد الكرملين تقويم مجهوده الحربي الأوكراني في أعقاب الهزائم اللاذعة في أجزاء مختلفة من البلاد، عيّن الرئيس فلاديمير بوتين قائدا جديدا للجهود الحربية - قائد ذو خبرة في سوريا. فقد كان الجنرال ألكسندر دفورنيكوف أول قائد أشرف على الحرب الجوية الروسية دفاعا عن نظام الأسد.
أشارت صحيفة "فاينانشيال تايمز" إلى أنه "منذ وجوده في سوريا، يُعرف في الغرب بتحقيقه التفوق الجوي الذي سمح للطائرات الروسية والسورية بتنفيذ قصف مدمر فوق إدلب وحلب، مما أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين".
في أوكرانيا، كما هو الحال في سوريا، زادت قتامة ضباب الحرب بسبب حملات التضليل والدعاية. بعد أن أبلغ المسؤولون الأوكرانيون عن هجوم مزعوم بالأسلحة الكيماوية في ماريوبول هذا الأسبوع - وهو هجوم يكتنفه الارتباك حتى الآن ولم يتم التحقق منه من قبل أي وسائل إعلام مستقلة - تحول الانتباه إلى الطرق التي تدخلت فيها روسيا للنظام السوري في استخدامه الموثق للعوامل الكيماوية في مناطق سيطرة الثوار.
يبدو أن دور روسيا في المساعدة على إنشاء "ممرات إنسانية" في سوريا ونقل المدنيين قسرا إلى خارج المدن التي كان النظام يستعيد السيطرة عليها قد تكرر في مناطق شرق أوكرانيا التي اجتاحتها القوات الروسية.
ترى الجماعات الحقوقية الدولية في أوكرانيا استمرارا للتوجهات التي شهدتها سوريا والحروب السابقة في الشرق الأوسط. في الشهر الماضي، قالت أغنيس كالامارد، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، إن فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في التصرف بشكل حاسم بشأن أوكرانيا - بفضل حق روسيا في استخدام حق النقض في مجلس الأمن، يمثل فشلا آخر لهيئة الأمم المتحدة و"تكرارا لما رأيناه في سوريا".
ولم تعفِ الولايات المتحدة من نقدها، فقالت "الأزمة في أوكرانيا الآن، الغزو.. ليس مجرد أي نوع من أنواع انتهاك القانون الدولي، إنه عدوان، إنه انتهاك لميثاق الأمم المتحدة من النوع الذي رأيناه عندما غزت الولايات المتحدة العراق".
اقرأ أيضا: التلغراف: ضعف الناتو يشجع روسيا على هجوم كيماوي بأوكرانيا
أحد الجوانب التي لا يوجد فيها مقارنة مع سوريا في أوكرانيا هو التعاطف والدعم الذي أظهرته أوروبا للاجئين الأوكرانيين. تفتح الحكومات الغربية أبوابها أمام الأوكرانيين، وتسرع في إجراءات اللجوء وتعرب عن تضامنها مع محنة أوكرانيا. كانت الصورة مختلفة إلى حد ما قبل أكثر من نصف عقد عندما سعى مئات الآلاف من السوريين إلى ملاذ آمن في أوروبا، غالبا ليجدوا أنفسهم موصومين على أنهم يشكلون تهديدا غريبا ومشكلة لا تريدها أي حكومة أوروبية.
ومع ذلك، فإن المعارضين السوريين لنظام الأسد يحتشدون الآن خلف أوكرانيا. يفصل مقال نشرته وكالة الأنباء الفرنسية كيف يساعد خبراء التحقيق الشرعي السوريون الأوكرانيين في توثيق جرائم الحرب وتقارير الهجمات بالأسلحة الكيماوية، بينما تنظم مجموعة من الأطباء في محافظة إدلب التي يسيطر عليها المتمردون دروسا عبر الإنترنت للممرضين الأوكرانيين حول كيفية معالجة الضحايا في مواجهة الغارات الجوية والقصف المستمر.
وقال رائد الصالح، قائد قوة الدفاع المدني السورية، وهي مجموعة تطوعية تعرف باسم الخوذ البيضاء لوكالة فرانس برس: "إذا تمت محاسبة بوتين على جرائمه في أوكرانيا، فهذا يعني أنه سيُحاسب على جرائمه في سوريا أيضا.. ولكن إذا أفلت بوتين من العقاب، فإن الجريمة التالية ستكون مسألة وقت فقط".
لماذا تتخذ "إسرائيل" موقفا حذرا إزاء حرب أوكرانيا وروسيا؟
NYT: عناصر من قوات الأسد تصل إلى أوكرانيا لرد جميل روسيا
كم يتقاضى المقاتلون السوريون في روسيا؟