أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، في تقرير لها، بأن روسيا عندما بدأت في بناء ذريعة للحرب مع أوكرانيا في شباط/ فبراير، اتهمت كييف بإطلاق النار على الأراضي الروسية وتفجير نقطة تفتيش حدودية نائية.
وأوضحت الصحيفة في المقال، الذي كتبه ماكس سيدون وإريكا سولومون، وترجمته "عربي21"، أن موسكو الآن، وبينما تفرض قواتها حصارا على المدن الأوكرانية بوحشية متزايدة، فهي تبرر غزوها لأوكرانيا من خلال الاستشهاد بمخاوف من أن كييف كانت تستأنف برنامج أسلحتها النووية.
وأشارت إلى أن الإدارة الروسية تزعم حاليا أنها عثرت على وثائق تظهر أن أوكرانيا طورت أسلحة كيماوية وبيولوجية بأوامر من "أوصياء من البنتاغون".
وأكدت الصحيفة البريطانية، أن حجج روسيا بشأن الحرب على أوكرانيا تتطور باستمرار، منوها إلى أنها باتت الآن تتضمن اتهامات لأوكرانيا بتطوير أسلحة بيولوجية.
وقالت: "لقد ادعت موسكو أيضا أن كييف أجرت أبحاثا حول فيروس الخفافيش التاجي بطرق تشير إلى أن روسيا قد تكون مسؤولة عن جائحة كورونا"، مشيرة إلى أن أوكرانيا وحلفاءها الغربيين يخشون من أن هذه المزاعم قد تمهد الطريق لهجوم روسي جديد مروع.
وبينت أن الخبراء والمحللين باتوا يشعرون بأن بوتين يتبع ذات المخططات الخبيثة التي استخدمها في سوريا، حين دعم نظام الأسد، مضيفة أن "روسيا قامت آنذاك بإلقاء اللوم في هجمات الأسلحة الكيماوية التي ضربت مناطق سيطرة المعارضة على المعارضين أنفسهم".
وأكدت أن المحللين يخشون تكرار روسيا لذات السيناريو الذي حصل في سوريا، مشيرة إلى أن تبريرات موسكو الحالية لحربها ضد أوكرانيا، قد تكون محاولة لتطوير رواية مماثلة عن سوريا، وتبرير المزيد من الهجمات العدوانية ضد كييف.
اقرأ أيضا: FT: أمريكا تزعم طلب روسيا من الصين مساعدتها بغزو أوكرانيا
من جانبها، أفادت الباحثة البارزة في مركز فيينا لنزع السلاح ومنع الانتشار هنا نوتي، بأن روسيا تحاول تبرير عمليتها العسكرية الوحشية في أوكرانيا.
وقالت: "في الأساس، تكمن اللعبة هنا في إنشاء سردية تجادل فيها بأن خصمك على وشك استخدام هذه الأسلحة القذرة لتبرير العمل العسكري الوحشي ضده".
وأضافت: "إذا كنا نتجه نحو هجوم على كييف أو على مدن أوكرانية رئيسية أخرى في الأيام المقبلة، فقد تكون هذه الرواية جزءا من التمهيد لذلك".
وذكرت أن روسيا قامت بنشر شائعات مماثلة في سوريا، قبل تنفيذ قواتها لهجوم وحشي على الضواحي التي كانت تسيطر عليها فصائل المعارضة في دمشق عام 2013.
ونوهت إلى أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، زعم آنذاك بأن فصائل المعارضة في سوريا شنت هجوما واستخدمت الأسلحة الكيماوية، وذلك في محاولة منه لتشجيع التدخل الدولي".
وأكدت أن فلاديمير بوتين تعمد آنذاك إظهار المعارضة السورية بدور المجرم المنفذ للهجمات الكيماوية، عبر وسائل الإعلام والمحللين والخبراء التابعين له.
بدوره، اعتقد الباحث في معهد السياسة العامة العالمي، والذي أجرى أبحاثا حول الأسلحة الكيميائية في سوريا، توبياس شنايدر، أن "المخططات التي استخدمتها روسيا في سوريا قد عادت للظهور مجددا في أوكرانيا".
وقال: "يبدو أن الروس العاملين في موضوع أوكرانيا فتحوا ببساطة كتيب قواعد اللعبة وسحبوا المجازات القديمة التي كانوا يستخدمونها لسنوات وخاصة تلك التي استخدمها الغرب بالفعل ضدهم".
وأضاف: "تغيرت اتهامات روسيا بتبرير الحرب بعد أن فشلت في تحقيق نصر سريع يبدو أنها كانت تتوقعه".
وأشار إلى أن موسكو في البداية زعمت أنها تحمي الأوكرانيين الناطقين بالروسية من نظام "النازيين الجدد" المدعوم من الولايات المتحدة، وبأنها بدأت عمليتها العسكرية بعد أن علمت بوجود خطط لمهاجمة روسيا.
ولفت إلى أن روسيا بدأت في وقت لاحق، بالادعاء أن أوكرانيا عازمة على استئناف برنامجها النووي وأن "قدراتها كانت أكبر بكثير من قدرات إيران أو كوريا الشمالية".
وأكد أن هذه الادعاءات اختفت من وسائل الإعلام الحكومية الروسية في 6 آذار/ مارس، لصالح رواية جديدة.. مضيفا أن رواية روسيا الجديدة تدعي فيها أنها اكتشفت عملا أوكرانيا حول "عناصر بيولوجية قادرة على إصابة مجموعات عرقية معينة"، ودراسات حول طرق هجرة الطيور التي يمكن أن تنقل مسببات الأمراض المميتة إلى الأراضي الروسية.
وقال: "بعد ثلاثة أيام، قالت روسيا إن "القوميين الأوكرانيين" خبأوا 80 طنا من الأمونيا بالقرب من خاركيف، استعدادا للقيام باستفزاز باستخدام مواد سامة لاتهام روسيا باستخدامها أسلحة كيماوية"، مشيرا إلى أن كل ذلك هو محاولات من موسكو لتغطية جرائمها.
ونوه إلى أن روسيا اتهمت الولايات المتحدة وأوكرانيا باستخدام الطيور والخفافيش والحشرات لإرسال "مسببات الأمراض الخطيرة" في جميع أنحاء أوروبا، مشددا على أن الدول كافة رفضت هذا الادعاء، وسط خشية من أن يكون هذا الاتهام مقدمة لـ"هجوم" في أوكرانيا.
وأضاف شنايدر: "إذا واصلت روسيا استخدام هذه السرديات التي تم استخدامها في سوريا، فإنك تترك الناس يعتقدون أن هذه الاتهامات يتم إلقاؤها في كل حرب".
وفي 24 شباط/ فبراير الماضي، بدأ الجيش الروسي عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.
الغارديان: هل تستطيع الصين لعب دور الوسيط بحرب أوكرانيا؟
التايمز: معارضو ومؤيدو الأسد سيقاتلون بعضهم بأوكرانيا
تلغراف: بوتين يسعى إلى تقسيم أوكرانيا وعزلها عن البحر