اكتنف بيانات المصرف المركزي الليبي للربع الأول من العام 2022م حول الإيرادات والنفقات العامة، غموض لم يتم تفسيره بشكل مباشر ضمن تقرير بيانات المصرف المركزي المشار إليه والصادر في الخامس من الشهر الجاري، والمنشور على صفحة المصرف المركزي الرسمية على الشبكة العنكبوتية.
وبحسب بيانات المصرف المركزي فقد بلغ إجمالي الإيرادات 3.4 مليار دينار ليبي، أي ما يعادل 726 مليون دولار أمريكي، بينما وبحساب بسيط لإيرادات النفط عن نفس الفترة، فإن المتوقع أن لا تقل عن 9 مليارات دولار أمريكي، أي ما يعادل نحو 42 مليار دينار، مع التاكيد على أن الإيرادات الواردة ببيانات المصرف المركزي عن الأشهر الثلاث الأولى للعام 2022م هي بالعملة المحلية، كما أنها لم تتضمن إشارة واضحة عن الإيرادات النفطية المباشرة، ودون أن يقدم تقرير المركزي توضيحا بالخصوص.
وبالنظر إلى النفقات العامة الواردة ببيانات المصرف المركزي محل النقاش، فقد بلغ إجماليها 14.7 مليار دينار ليبي، وهو ما يرتب عجزا بلغ 11.3 مليار دينار ليبي مقارنة بحجم الإيرادات الواردة في تقرير المصرف المركزي. وبرغم ضخامة العجز للربع الأول للسنة الجارية، إلا أن بيانات المركزي لم تشر إليه، ولم توضح كيف تم تغطيته، مع تأكيدنا بأن الوضع المالي للدولة خلال هذه الفترة لا يمكن أن يرتب عجزا في الميزانية العامة وذلك بسبب الارتفاع الكبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية واستمرار إنتاج وتصدير النفط الليبي بكميات وافرة برغم توقف بعض حقول النفط عن الإنتاج خلال فترات متقطعة.
وبالعودة إلى تقديرات عوائد النفط خلال الأشهر الثلاثة الماضية، والتي من المفترض أن تقترب من 9 مليارات دولار، أي ما يعادل نحو 42 مليار دينار ليبي، كما سبقت الإشارة، إذ يمكن الوصول إلى التقديرات المشار إليها من خلال احتساب متوسط سعر برميل النفط خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري عند سعر 90 دولارا، ومتوسط إنتاج يقدر بـ 1.1 مليون برميل يوميا (تنتج ليبيا 1.3 مليون برميل وما قدرناه يأخذ في الاعتبار توقف إنتاج وتصدير النفط في بعض الحقول خلال الأشهر الماضية)، مضروبة في 90 يوما هي الفترة محل البحث.
يبدو أن المؤسسة الوطنية للنفط امتثلت لطلب من البرلمان بالتحفظ على عوائد النفط وعدم توريدها إلى المصرف المركزي وذلك في ظل النزاع السياسي والخلاف الشديد بين الحكومة الليبية المكلفة من قبل البرلمان وحكومة الوحدة الوطنية التي أفرزها ملتقى الحوار السياسي، إلا أن تقرير المصرف المركزي لم يشر إلى ذلك لا من قريب ولا من بعيد.
وبالتالي فنحن أمام فائض يزيد عن 27 مليار دينار ليبي، فلماذا بدت الصورة مختلفة تماما بحسب بيانات المصرف المركزي، ولماذا لم يقدم المركزي توضيحا بهذا الخصوص، فما وقع يحتاج إلى تفسير إعمالا لمبدأ الشفافية الذي يفتخر المصرف المركزي بأنه يلتزم به.
يبدو أن المؤسسة الوطنية للنفط امتثلت لطلب من البرلمان بالتحفظ على عوائد النفط وعدم توريدها إلى المصرف المركزي وذلك في ظل النزاع السياسي والخلاف الشديد بين الحكومة الليبية المكلفة من قبل البرلمان وحكومة الوحدة الوطنية التي أفرزها ملتقى الحوار السياسي، إلا أن تقرير المصرف المركزي لم يشر إلى ذلك لا من قريب ولا من بعيد.
ورد أيضا في بيانات المصرف المركزي عبارة إتاوات مستحقة على الشركات النفطية، وهي عبارة لم ترد في بيانات المصرف المركزي بشكل واضح سابقا، وتم إدراجها في بيانات المركزي مؤخرا، دون أن يشرح المركزي للمواطنين وحتى الباحثين كنهها وما تمثله بالنسبة للإيرادات النفطية والإيرادات العامة، والفترة التي تغطيها تلك الإتاوات.
بيانات المصرف المركزي لم تكشف أسباب تدني رسوم الجمارك والتي بلغت 25 مليون دينار، فيما بلغ إجمالي الاعتمادات المنفذة 25 مليار دينار نهاية العام الماضي وبداية العام الجاري، مما يعني أن الرسوم عن الاعتمادات لم تتعد 0.001% (واحد من الألف)، وهذه النسبة متدنية جدا وهي بالقطع ليست من ضمن ما يفرض على البضائع الموردة من الخارج.
عوَّدنا المصرف المركزي على درجة من المهنية في إدارته للبيانات والمعلومات التي تصدر عنه، وبدا لي أن تقريره الأخير غامض ويفرض تساؤلات عدة ضمَّنّا بعضها في هذه السانحة رجاء أن تلقى توضيحا وأن تكون التقارير اللاحقة أكثر وضوحا للمواطن المعني الأول بهذه البيانات.
السيسي وقيس سعيّد.. ساعة الذروة
آفاق الهدنة الأمريكية الأطول في تاريخ الحرب اليمنية
4.5 مليون دولار صادرات مصر لقطر بعام المصالحة!