مع تواصل الاحتجاجات التي يقوم بها أهالي النقب ضد المخططات الإسرائيلية الخاصة بتهويد الصحراء، وإقامة المزيد من التجمعات الاستيطانية فيها على حسابهم، يعتبر الإسرائيليون أن الوضع الميداني يأخذ في التعقيد مع مرور الوقت، بزعم أن فلسطينيي48 لديهم نوعان من المطالبات في نفس الوقت: مطالبات مدنية مشروعة، وتوجهات قومية تطرح علامات استفهام حول مستقبل "الدولة اليهودية".
في الوقت ذاته، فإن استمرار
التظاهرات السلمية التي ينفذها البدو في صحراء النقب دفعت أوساطا إسرائيلية للزعم
بأنها قد تكون أمام "نكبة" فلسطينية جديدة، أو حرب "استقلال"
ثانية، كالتي شهدتها فلسطين عام 1948.
يائير شيلغ، الكاتب في صحيفة "مكور ريشون"، ذكر في مقاله الذي ترجمته "عربي21" أنه "كما في أيام
حرب غزة الأخيرة قبل ثمانية أشهر في مايو الماضي، فإن التصعيد الأمني الخطير هذه الأيام يقع داخل الخط الأخضر، وبينما قام فلسطينيو48 داخل المدن
المختلطة، خاصة في اللد وعكا، بإشعال النار، فقد تكرر الأمر هذا الأسبوع مع البدو
في صحراء النقب، وفي كلتا الحالتين وقعت مواجهات مفاجئة".
وأضاف أن "نظرة فاحصة
إلى مستقبل أحداث النقب بعد فترة زمنية وجيزة، سنجد أن اليهود يتحدثون بالفعل عن
حرب الاستقلال الثانية، أما الفلسطينيون فيحذرون من وقوع "نكبة" أخرى
بطبيعتها الجديدة، في ظل إعلانهم المشروع بأنهم محرومون من نواح كثيرة على مدى 74
عاما".
وتابع: "سواء بمصادرة
أصولهم منهم في قانون أملاك الغائبين، حتى عندما كان هؤلاء في أماكن أخرى من
إسرائيل، ورغم أن حجمهم تضاعف 12 مرة خلال هذه السنوات الطويلة، لكن الدولة لم
تبن لهم أي تجمع سكاني جديد، ولا حتى قرية صغيرة، فقط هناك عدد قليل من
تصاريح البناء داخل التجمعات السكانية القائمة بالفعل".
اقرأ أيضا: هبّات سبقت "النقب" في أراضي الـ48.. تعرّف عليها (إنفوغراف)
من الطبيعي أن تسفر هذه
الإجراءات الإسرائيلية التعسفية ضد بدو النقب عن مبادرتهم لتنفيذ الكثير من
مبادرات البناء، الذي تصفه سلطات الاحتلال بأنه غير قانوني، لكن تخوف الإسرائيليين
أن المطالبات الخاصة ببدو النقب ليست مدنية معيشية فحسب، وهي مشروعة، ولها ما
يبررها، لكنهم يعلنون مواجهة وطنية مع ادعاءات الدولة اليهودية، وفي هذه الحالة
تبرر سلطات الاحتلال لنفسها عدم الاستجابة لمطالب بدو النقب المعيشية الحياتية،
خشية أن تعبد الطريق لمطالبهم السياسية القومية.
مع العلم أن التقارير
الأمنية الإسرائيلية تزعم أن هناك العديد من بدو النقب يستخدمون المطالب المدنية
المبررة كغطاء لخوضهم الصراع الوطني الشامل، وهي محاولة لتحدي إسرائيل ذاتها، ما
قد يتطلب منها، وفق تقدير أمني إسرائيلي، الاضطرار لاستخدام "الجزرة بجانب
العصا"، فالجزر وحده سيجعل الطرف الآخر يعتقد أنه ليس لديه ما يخسره؛ أما
العصي وحدها فستجعله يعتقد أنه ليس لديه ما يكسبه.
ويخشى الإسرائيليون أن
قناعة بدو النقب بالعودة لصورة نكبة 48 ستخلق إحساسا لديهم بخوض "اللعبة
الصفرية"، لأنه في هذه الحالة سيكون الصراع هو الشكل الوحيد المناسب، وقد
يؤدي لتفاقمه، في غير مصلحة إسرائيل، المطالبة بتقديم حلول لمشاكل بدو النقب
الحقيقية، خشية أن يكون هناك مرة أخرى شعور بأنه "من دون عنف لن تتحقق لنا
المطالب"، لأن ردود الفعل الإسرائيلية المتطرفة على التحدي الذي يمثله بدو
النقب ستقوي الراديكاليين بينهم، ما قد يعيد عقارب الساعة إلى العام 1948.
قلق إسرائيلي من امتداد انتفاضة النقب إلى مدن بالداخل المحتل
تقدير إسرائيلي: الهجمات الفلسطينية تعرضنا لخطر وجودي
تخوف إسرائيلي: استمرار الهجمات سيكرر نموذج غزة في الضفة