يأخذ مسار
المصالحة الوطنية
اتجاها جديدا هذه الأيام، وبرغم أن لقاء
حفتر وباشاغا لم يكن ضمن مقاربة التصالح، هذا ما فهم من تصريحات باشاغا على الأقل، إلا أن البعض أخذه كانطلاقة للتسريع في المصالحة، ولقد وفد على بعض التكتلات السياسية والاجتماعية والعسكرية في الغرب وسطاء من الشرق لتفعيلها.
وينبغي أولا التنبيه إلى أن جهود التصالح لم تتوقف منذ العام 2011م، صحيح أنها مرت بفترات فتور واقتصر السعي فيها على اتصالات علوية يقوم بها بعض من جعلوا المصالحة مشروعا لهم، إلا أنها ظلت حاضرة على المستوى الخارجي كبرنامج أو مسار تتبناه البعثة الأممية، وملف تهتم به السلطات التشريعية والتنفيذية، وعمل وضعته تجمعات اجتماعية ووجهاء ونشطاء كأولوية ضمن اهتماماتهم بالعمل الوطني، إلا أ أثرها كان محدودا، ويرجع ذلك إلى طغيان
النزاع السياسي والصراع المسلح على المشهد.
الجديد اليوم هو فتح ملف المصالحة ليواكب التطور على المسار السياسي والأمني، فقد تواصل وسطاء يمثلون حفتر بأطراف مبرزة ضمن مهجري المنطقة الشرقية، والذين يزيد عددهم عن مائة ألف، بهدف إنهاء حالة العداوة وطي ملف الماضي
حتى حفتر لم يهمل هذا الملف، وهناك مجلس مصالحة يمثله، وقد قدم السيد "فرج العمروني" نفسه خلال ملتقى نظمته البعثة الأممية في مالطا العام 2017م على أنه ممثل المصالحة الوطنية للقيادة العامة. ومن خلال تتبع تحركات حفتر نلحظ أنه حرص على التواصل مع المناطق والقبائل التي ناصبته العداء من خلال ملف المصالحة، إلا أنها ظلت ورقة من ضمن الأوراق التي يراهن بها على السيطرة والتحكم في مفاصل الدولة، وكان التقارب الذي وقع مع بعض أعيان مدينة الزاوية العام 2019م وأسفر عن إطلاق سراح القائد الميداني "محمود بن رجب"؛ مثالا على توظيف حفتر للصلح خدمة لاختراق مناطق جديدة وتقوية نفوذه فيها.
الجديد اليوم هو فتح ملف المصالحة ليواكب التطور على المسار السياسي والأمني، فقد تواصل وسطاء يمثلون حفتر بأطراف مبرزة ضمن مهجري المنطقة الشرقية، والذين يزيد عددهم عن مائة ألف، بهدف إنهاء حالة العداوة وطي ملف الماضي. وعرض بعض هؤلاء الوسطاء أن يتم حلحلة المسائل العالقة والخاصة بالمهجرين، وفي مقدمتها استرجاع أملاكهم التي تم اغتصابها من قبل أنصار حفتر، أو ممن استغلوا عملية الكرامة للسطو على أرزاق من رفضوا حكم العسكر أو دعموا مجلس شورى ثوار بنغازي في المواجهات ضد قوات حفتر.
وننوه إلى أن تحريك ملف المصالحة بهذا الشكل الحيوي يمثل قفزة كبيرة، فحفتر وأنصاره قريبو عهد بتخوين الآخر الخصم واتهامهم بالضلوع في الإرهاب والدعوة لاستئصالهم دون أي رحمة أو شفقة، وإذ بهم ودون مقدمات يعتبرونهم أبناءهم الذين يستحقون الرعاية والعناية منهم، كما جاء على لسان حفتر مخاطبا
باشاغا!
من الطبيعي الحكم بأنها - أي المصالحة - تقارب لغاية سياسية ودواع مصلحية فرضتها التطورات على الساحة الداخلية والخارجية، فحفتر الذي ما فتئ منذ هزيمته على أسوار طرابلس يكيل السب والشتائم للاتراك المستعمرين، وإذ به يسمح بوصول وفود البرلمان إلى أنقرة ويعلن عن رغبته بالقدوم إلى تركيا ومقابلة أردغان
لهذا من الطبيعي الحكم بأنها - أي المصالحة - تقارب لغاية سياسية ودواع مصلحية فرضتها التطورات على الساحة الداخلية والخارجية، فحفتر الذي ما فتئ منذ هزيمته على أسوار طرابلس يكيل السب والشتائم للاتراك المستعمرين، وإذ به يسمح بوصول وفود البرلمان إلى أنقرة ويعلن عن
رغبته بالقدوم إلى تركيا ومقابلة أردغان.
ومن هنا ينبغي التنبيه إلى أن تحريك ملف المصالحة ضمن الاجندات السياسية سيكون قليل الجدوى، وقابلا للانتكاس، وأن المصالحة تنبغي أن تكون وفق فلسفتها وأدواتها والتي تقترن بالعدالة الانتقالية، وأن لا تحكمها الخطوط الحمراء التي تضعها السلطات النافذة.
ما سبق ليس دعوة لرفض الصلح، بل هو من قبيل التقعيد للمصالحة الحقيقية المثمرة، وأدعو الجهات المعنية بالصلح والمصالحة من
المهجرين ألا يهملوا الدعوة الموجهة إليهم، إلا إني أنبههم إلى ضرورة التعامل مع المصالحة وفق ضوابط أهمها:
ما سبق ليس دعوة لرفض الصلح، بل هو من قبيل التقعيد للمصالحة الحقيقية المثمرة، وأدعو الجهات المعنية بالصلح والمصالحة من المهجرين ألا يهملوا الدعوة الموجهة إليهم، إلا إني أنبههم إلى ضرورة التعامل مع المصالحة وفق ضوابط
1- التعاطي معها ككتلة واحدة، والحذر من التفرق في التعامل مع دعوات الصلح.
2- الإصرار على الحصول على ما يمكن اعتباره بوادر "حسن نية"، ومنها على سبيل المثال الإفراج عن السجناء.
3- الحصول على ضمانات تحفظ الأرواح والأرزاق.
4- توسيع الصلح ليكون مرفودا بممثلي القبائل والمناطق في الشرق.
5- تضمين المظالم والجرائم التي وقعت ضمن الحوار والتفاوض، ولا بأس بقبول تأجيل البت فيها وفق مقاربة واضحة ولكن ليس طيها دون معالجة.
6- الربط بين المصالحة والتوافقات السياسية والأمنية بما يضمن ثباتها.