بالتزامن
مع جولة المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، في المنطقة والتي ستشمل
تركيا ومصر والإمارات، أثيرت تساؤلات، حول الموقف
المصري مما يحدث في الحرب الأهلية
الدائرة في إثيوبيا، ودورها في دعم جبهة التيغراي التي تضم جماعات وحركات سياسية ومسلحة
مناوئة لحكم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وإطالة أمد الصراع، وتنفي القاهرة أن
يكون لها أي دور سلبي في الأزمة، وأنها تقف على الحياد.
ميدانيا،
واصل الجيش الإثيوبي، تعزيز مكاسبه ضد مقاتلي جبهة تيغراي والحركات المتحالفة معها،
بعد أن سيطر على المزيد من القرى والمدن التي كانت خارج سيطرته، واستولى على معدات
وآليات عسكرية حيث خاض الطرفان مواجهات عسكرية عنيفة في جبهة "ولديا" آخر
معاقل جبهة تيغراي في إقليم أمهرة.
وتعود
جذور الصراع الحالي في إثيوبيا إلى عام 2018 حيث قام رئيس الوزراء الجديد آبي أحمد
بسلسلة إجراءات تضمنت تنحية قادة في الجيش والمخابرات من أبناء إقليم تيغراي، وتعيين
قادة من قوميتي الأمهرية و الأورومو في مواقعهم.
"رهان
مصر الخاسر"
في تعليقه
على التدخلات الإقليمية في بلاده، قال عضو مجلس النواب الفدرالي الإثيوبي، محمد العروسي:
"بخصوص الموقف الإماراتي لا نرى فيه ما يراه الآخرون الذين يضعوه في خانة الاتهام
لأسباب لا تعنينا، الإمارات -كغيرها من دول الخليج- تتمتع بعلاقات جيدة مع بلادنا ولم
يثبت قيامها بدعم أي طرف من الأطراف الداخلية، هناك مساعدات إنسانية للمتضررين في إثيوبيا،
وأعربت عن تضامنها مع الشعب الإثيوبي، وأكدت على لسان وزير خارجيتها أن هناك ارتباطا
بين قضايا الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي والخليج".
وأكد
في تصريحات لـ"عربي21" أن "التعاون العسكري بين إثيوبيا والإمارات ليس
سريا فهناك اتفاق للتعاون العسكري بين البلدين وقع عام 2019 وهذا التعاون أمر مشروع
بين الدول، وموقف الإمارات هو موقف محايد مع التأكيد على سيادة القانون".
أما
بالنسبة لمصر، فذهب العروسي إلى القول بأن "ظاهرة الحياد وباطنه التأليب على استقرار
البلاد، ولسنا بحاجة إلى أدلة فإن الإعلام المسلط ضدنا كفانا تلك المهمة، وكفى بمواده
وسياساته الإعلامية عن إثيوبيا ومواقفه التي يتبناها تجاه بلادنا، وكفى بالتقارير التي
تشير إلى دور القاهرة السلبي في بعض الأحداث في إثيوبيا".
ورأى
العروسي أن رهان مصر على استمرار الاضطرابات في إثيوبيا لتعطيل قضية
سد النهضة هو رهان
خاسر "لأن الاتفاق عليه بين الإثيوبيين أكبر من السد نفسه، وهو الأمر الذي توافق
عليه الجميع ويراه الإثيوبيون عنوانا لوحدتهم ورمزا لتنميتهم، لا أعلم شيئا توافقوا
عليه بكافة أعراقهم ودياناتهم مثل سد النهضة؛ وهو مشروع قومي وصرح حضاري لا أعتقد أنه
قابل للتغيير لدى أي طرف من الأطراف".
"مسألة
تحرير الشعب الإثيوبي أولا"
يقول
الباحث في ثقافة الشعب الأورومي، جمال محمد غَرَيْ: "إن مصر تراهن، بلا شك، أن
تساعدها الأحداث الجارية في قلب موازين الأمور في إثيوبيا من أجل أن الخروج من أزمة
سد النهضة بأقل ضرر، وهو ما يعنيها في المقام الأول والأخير، مع التأكيد أن خروج جبهة
التيغراي منتصرة لا يعني التزاما إثيوبيا بذلك".
وأوضح
لـ"عربي21" أن "قوى المعارضة يعنيها تحرير الشعب الإثيوبي أولا، واتفقت
فيما بينها وشكلت تسع قوات ائتلافية من قوميات التيغراي وأورومو أوجادين وعفر وبني
شنغول وجامبيال وكيمانت وآجو للإطاحة بالإمبراطور المستبد آبي أحمد الذي يحلم بإعادة
حكم أجداده تحت غطاء المواطنة وسيادة الدولة حسب زعمه، لذا فإني أنصح مصر والسودان
والعالم بدعم الشعوب المهمشة عبر التاريخ لأسباب عرقية ودينية".
وأشار
غري إلى أن "الكثير من المصريين والعرب والعالم انخدعوا بصعود آبي أحمد للحكم،
ولكن بعدما تبين لهم حقيقة الأوضاع ومحاولة الالتفاف على القانون، ومصادرة حقوق الإثيوبيين
ورفض إقامة الانتخابات في 2020، واتهم التيغراي بالخيانة (نسبة المسلمين لا تتجاوز
5%) وألب عليهم إعلامه وقواته، ولكنه بقى صامدا، وبالمناسبة فإن هذه الحرب بين قوميتين
مسيحيتين ولو كانت إحداهما إسلامية لقامت الدنيا ولم تقعد ونعتوها بالإرهاب".
"مصر
والبحث عن أي ورقة"
من جهته؛
يرى السياسي المصري خالد الشريف، أنه "لاشك أن من مصلحة مصر الضغط على حكومة آبي
أحمد بدعم خصومه من جبهة التيغراي والمتحالفين معها أو بالتلويح بهذه الورقة لرضوخها
لمطالب القاهرة في الوصول إلى تسوية".
وأضاف
في حديثه إلى "عربي21": "لاشك أن مسألة سد النهضة قضية أمن قومي يصطف
فيها الجميع حكومة ومعارضة من أجل حصول مصر على حقوقها التاريخية في مياه النيل وأي
تخاذل تتحملها الأجيال القادمة".
وفي ما
يتعلق بالموقف الإماراتي، أكد الشريف أن "الإمارات تدعم الجانب الإثيوبي على طول
الخط، وهي شريك في تشييد وبناء السد ولها استثمارات كبيرة في القرن الأفريقي"،
معربا عن يقينه من أن "دعم أبوظبي للجيش الإثيوبي كان له أثر بالغ في حسم الكثير
من المعارك مع جبهة التيغراي".