يقف المرء عاجزا أمام الحالة البطولية للأسير مقداد القواسمي وإخوانه من المضربين عن الطعام، احتجاجا على اعتقالهم الإداري ورفضا لإجراءات الاحتلال بحقهم. ويتصاغر الحديث عن الذات أمام هذا الشموخ والصلابة اللذين يبديهما الأسير بإضرابه عن الطعام.
الأسير الفلسطيني حين يضرب عن الطعام يضرب مقبلا على الحياة لا مدبرا، محبا للبقاء بين أهله وأحبابه لا منتحرا - كما يزعم البعض - مضطرا لهذه الوسيلة القاسية بعد أن خذله القريب قبل البعيد، بل إن أجهزة السلطة الفلسطينية - في حالة كثير من أسرانا - لم تكتف بخذلان الأسير بل تواطأت مع المحتل ونسّقت معه أمنيًا لتسليمه، وهي تفتخر بذلك.
والأسير الفلسطيني يتخذ هذه القرارات الشجاعة بالمواجهة، ولو على حساب صحته وبنيته الجسدية؛ على الرغم مما تعرض له كثير من الأسرى من بطش وتنكيل وتعذيب في سجون السلطة قبل سجون الاحتلال.
والأدهى أن يأتي من تدلى بطنه وألقى في القمامة معظم طعامه هدرا وبطرا، منظّرا على الأسرى المضربين عن الطعام ومفتيا بحرمة ما يقومون به وعادّا له ضربا من الانتحار؛ وهؤلاء القاعدون وأمثالهم لو صمتوا لكان خيرا لهم.
الأسير المضرب عن الطعام له من يفتي له ويسنده شرعيا ممن هو أدرى بوضعه وأعلم ببيئته من أهل فلسطين، ولا يحتاج من غيره من المنظّرين سوى الصمت إن لم يطب لسانهم بالدعاء أو أي شكل من أشكال الدعم.
ستة أسرى يواصلون إضرابهم المفتوح عن الطعام داخل
سجون الاحتلال رفضا لاعتقالهم الإداري:
- كايد الفسفوس (105 أيام).
- مقداد القواسمة (98 يوما).
- علاء الأعرج (80 يوما).
- هشام أبو هواش (71 يوما).
- شادي أبو عكر (64 يوما).
- عيّاد الهريمي (35 يوما).
لهم جميعا تحية الإكبار، وبهم وأمثالهم من أصحاب العزيمة يكون الافتخار.
الأسرى المضربون عن الطعام كل منهم له حكايته الخاصة، ولكن يلتقون جميعا في مواجهة صلف المحتل واختطافه لهم كأسرى حرب، ويواجهون ذلك بكل ما يملكون من بسالة وشجاعة
الأسير المحرر المثنى القواسمة قال عن شقيقه الأسير مقداد: "إنه يعاني من تسمم في الدم ووضعه الصحي خطير للغاية، وربما لا يقوى على الصمود أكثر وقد يستشهد في أي لحظة، وحسب ما يفيد به الأطباء والحالة الصحية التي وصل إليها مقداد فإنه لم يتبق له سوى عدة ساعات وقد يستشهد في أي لحظة، وقد أوشك على الموت أكثر من مرة".
أما كايد الفسفوس فقد حذرت عائلته مرارا من إجراءات ولا مبالاة الاحتلال التي تظهر تعمّد اغتياله بالقتل البطيء.
وباقي الأسرى المضربين عن الطعام كل منهم له حكايته الخاصة، ولكن يلتقون جميعا في مواجهة صلف المحتل واختطافه لهم كأسرى حرب، ويواجهون ذلك بكل ما يملكون من بسالة وشجاعة.
حمى الله المقداد وكايد وإخوانهم الأسرى جميعا من خذلان الأصدقاء وشماتة الأعداء، وأبعد عن أمتنا الجبن فهو أعظم داء.