نتمنى من الله تعالى ونفكر ونكتب لدعم وتعزيز القيادة الجديدة نحو مفتتح عهد جديد للإخوان، ولهذا نكتب للجميع، لعموم
الإخوان والقيادة الجديدة لتعزيز الوعي المشترك والقيادة المشتركة للمرحلة الخطرة.
حقيقة المشهد هي أن قيادة الإخوان الجديدة على مفترق طرق؛ إما الواقعية العملية واحترام العلم والتخصص والمؤسسية حتى تعود للجماعة حيويتها وقوتها وحضورها نسبيا وبتدرج، وإما استمرار الانغلاق والاستعلاء والاستكفاء والفهلوة واستكمال مسيرة القيادة السابقة نحو الهاوية ومزبلة التاريخ..
ألا فهل انتبهوا؟.. ألا فهل اتقوا الله؟.. وإنا وإياكم لموقوفون للحساب للمساءلة أمام الله تعالى بعد قليل.
في حقيقة التغيير
نفسر التغيير الذي حدث بعد ثماني سوات من تجميد واستبداد وطرد للكفاءات وتضييع للفرص وحرق للجماعة:
1- البحث عن مخرج، وقيادة بديلة في حدود المتاح ممن تواجد وتبقى وتعايش داخل الصف مع القيادة السابقة.
2- هذه القيادة قيادة الظرف الحالي، بالتأكيد ليس هم أفضل الإخوان الموجودين، فهناك كفاءات أخرى كبيرة جدا لكن النظام السابق بالجماعة تعمد إبعادها.
ولهذا فإن قيادة المكتب الحالي تمتلك شرعية الانتخاب فقط، وكل أعضائها هم من أبناء الأزمة القديمة ومن طبقة المسؤولين التنفيذيين، بينما تفتقر إلى الشرعيات الخمس الأساسية للقيادة في مثل هذه الظروف:
1- شرعية القدرة الفكرية والإنتاج الفكري، ورؤية ونظرية العمل، وحلول وبدائل جديدة للخروج من الأزمة، خاصة في الملفات العالقة والمجمدة.
2- شرعية نجاح سابقة سواء داخل المؤسسة أو في العمل العام تؤكد قدرة القيادة على إدارة موارد الجماعة.
3- القدرات والكاريزما الشخصية القيادية البارزة الملهمة والقادرة على تجميع وحشد الأفراد بفكرها الثاقب، ومبادراتها المتكررة، ونشاطها وفاعليتها.
4- الأهلية الأكاديمية والعلمية التخصصية في مجالات الإدارة والتربية والاجتماع والسياسة.
5- العلاقات الداخلية والخارجية بالمفكرين والنخب والإعلام المؤثرة.. الخ.
ملاحظة هامة: الصلاح الشخصي ليس مؤهلا للقيادة، بل يعكس سطحية مفهوم القيادة لدى العموم.
لماذا نبين ذلك ونؤكد عليه؟
1- حتى ينفتح أعضاء القيادة ويُقبلوا على إخوانهم ويطلبوا الدعم والمشاركة، ويُقبلوا على استكمال التأهيل، مع القناعة الذاتية بعظم المسئولية والحاجة للتعلم والمشاركة وأنه لا يمكن العمل بدون بحوث ودراسات وإنتاج معرفة، فلا نريد أصناما جديدة.
2- علينا وعلى جميع الإخوان والساعين للإصلاح مسئولية دعمهم.
3- على الإخوان مشاركتهم ومتابعتهم والتأكد من قدرتهم على إدارة المرحلة أو إعادة التغيير.
2- تقدير موقف استراتيجي للجماعة في تشرين الأول/ أكتوبر 2021: حقيقة الواقع كما هو وتثمينه واستشراف المستقبل في ضوئه
تقدير الموقف هو تثمين الواقع الحالي على حقيقته وقدره، بحساب القوة والضعف والفرص والتهديدات، واستشراف المستقبل ورسم سيناريوهاته المتوقعة من خلال جمع وتحديث وتنظيم وتحليل البيانات كمّا وكيفا بهدف دعم صناعة القرار.
وعادة فإن تقدير الموقف بحسب طبيعة مجال العمل والرسالة والمهمة (عسكري، اقتصادي، اجتماعي، سياسي)، وفي مؤسسة الإخوان:
الإصلاح التربوي والاجتماعي والسياسي.
عناصر وبنود التقدير:
الهدف من تقدير الموقف: لنظل نعمل داخل السياق العام للجماعة والمشروع الإسلامي، ونظل مرتبطين بأهدافنا الكبيرة، مع تحمل مسئولية المؤسسة كقيادة وكأفراد، فعلا لا قولا.
أولا: داخل الجماعة:
1- القيادة: تعاني الجماعة فراغ قيادي كبير، نتيجة لعمليات التجريف، عدم وجود نظام قيادي مؤسسي من الأساس.
2- قوة الجماعة الداخلية: تعاني الجماعة خللا بنيويا في العناصر التالية: المؤسسية- الهيكل- الوحدة- التلاحم- المشروع- العمل- الإنجازات- الفاعلية.
3- الأعضاء: يعاني الأعضاء من حالة إحباط وترهل، وغياب لروح الحب والتلاحم المعهودة على الإخوان.
4- العلاقة بين القيادة والأفراد: تعاني من غياب الثقة المتبادلة، وترقب واختبار قيادة الجديدة.
5- الإنجازات الداخلية: لا توجد أية إنجازات سوى الدعم المحدود لأهالي المعتقلين.
6- تعاني الجماعة من سلسلة من الإخفاقات المتتالية في كافة الملفات التي تعمل عليها لإصلاح الوضع الداخلي، مما يجبرها على تكثيف المسكنات والمهدئات الإيمانية لتسكين الأعضاء وامتصاص غضبهم.
خارجيا مع المجتمع المحلي والدولي:
1- المعطيات المؤثرة: الجماعة تحت قبضة النظام المصري بشكل كبير.
2- غياب كامل لقوة وحضور الجماعة في المشهد الاجتماعي والسياسي.
3- تعرض الصوة الذهنية والقبول المجتمعي للتشوه والتآكل المستمر.
4- أثر وفاعلية الجماعة في المجتمع: لا يوجد.
5- مستقبل الجماعة: الاختزال في جماعة دعوية تحت سيطرة الأمن المصري، أو الانقسام لكيانات صغيرة محدودة الأثر، أو الإحياء الجديد والعودة للمشهد الاجتماعي والسياسي كموسسة وطنية ركيزة في المجتمع والتاريخ المصري، ولكن ذلك مرهون بمجيء قيادة فكرية كبيرة وشجاعة.
6- التحديات والمخاطر والتهديدات: استغلال ضعف الجماعة وتوريطها في خطيئة تاريخية باتفاق مصالحة مهين، أو بتنازلات كبيرة، أو باتهام لتاريخ الجماعة، أو تنسيق وتعاون مع النظام في أحد أو بعض الملفات.. الخ.
شعار وأهداف المرحلة
في ظل هذا السياق العام، يجب عدم تحميل القيادة الجديدة ما لا يخصها وما لا تطيق من مشاكل وأخطاء العقود والمرحلة السابقة، وذلك بتحديد الأهداف طويلة الأجل، وأخرى قصيرة الأجل ملائمة للمرحلة وفق أولويات الواقع، بحيث تضع الجماعة على الطريق الصحيح لتعمم التجربة ويتطور نجاحها. ويمكن إيجاز الخطوات في التالى:
1- التركيز على البناء الداخلي لمنظومة عمل الجماعة.
2- تحقيق حالة نجاح بالوحدة والاحتشاد والتحول المؤسسي، بما سيمكن من إنجاز بعض الملفات الهامة وتحقيق نموذج نجاح قابل للتطور والنسخ ببقية الدول.
مبادئ واستحقاقات النجاح وعبور المرحلة
تحتاج المرحلة إلى ثقافة جديدة عابرة إلى المستقبل؛ قوامها منظومة القيم التالية:
- تجاهل كل ما يقوم به النظام القديم واعتماد قيمة التغافل والتسامح.
- التركيز على المستقبل والعمل والإنجاز.
- احترام الكرامة الإنسانية لأعضاء الإخوان والمشاركة والشفافية.
- المؤسسية والمسئولية العامة والتأهيل المستمر.
خارطة طريق القيادات الجديدة لإدارة المرحلة للإخوان المسلمين
لنضع عنوانا للمرحلة يعكس أهميتها وأولوياتها الخاصة، وهي إعادة بناء وتطوير البيت الداخلي، واستعادة الثقة وتعزيز الأمل وإحياء الإرادات والهمم، واستعادة الصورة الذهنية الحقيقية للإخوان، في شكل ثمانية واجبات عملية كبنية أساسية للعمل الصحيح المتوقع خلال المرحلة، في سياق الرؤية الشاملة المتكاملة لمنظومة العمل والمكونة من: المؤسسة، والأفراد، والأفكار والمبادىء، والخطة، والمناهج التربوية، والخطاب الدعوي، ووسائل وأدوات العمل، ومعايير قياس الأداء والإنجاز.. فإنه لنا مع كل عنصر واجب واحد محدد:
1- المؤسسية: يختزل الكثيرون المؤسسية في الشورى، والشورى في مشورة أهل الثقة المقربين؛ يستشيرهم القائد في كل مجالات القضايا لمحاولة إضفاء شرعية المؤسسة على قراراته.
- عمر كان يجعل لكل موضوع أهل استشارة (فقه الشورى والاستشارة، د. توفيق الشوا).
- المؤسسية هي نظام قرآني رسم الله تعالى ملامحه في مملكة النحل، وطوره الفكر البشري لإدارة مؤسساته ودوله، ويتكون من عشرة عناصر أساسية: الوثيقة والمزيج الاستراتيجي للمؤسسة والمكتب، والهيكل التنظيمي للعمل وتوصيف وحداته ومهامه الوظيفية، ومعايير لاختيار العاملين وتطورهم وترقيتهم، ومعايير تشكيل واختيار اللجان الاستشارية والفنية المتخصصة، ونظام لصناعة القرار ومعايير للأداء والإنجاز ونظام للمتابعة والتقويم والمحاسبية، وجداول تنفيذ الخطة، ونظام إجرائي لكافة أعمال المؤسسة.
فلسفة النظام المؤسسي هي أن المؤسسية نظام فكري سماوي تناولت سورة النحل ملامحه الساسية، واستخدمه وطوره الفكر البشرى منذ مطلع التاريخ الإنساني لإدارة موارده وشئونه الجماعية وتحقيق أفضل الأهداف.
بيد أن مساحة من العقل الديني المأزوم بمفاهيم مغلوطة جعلته خصيما للمؤسسية، من أهمها:
أ- الخلط بين الدين كحق مطلق وبين فهمه للدين وتدينه النسبي.
ب- تصوره أن نصوص الدين التي تقدم المفاهيم والمفاتيج والتوجيهات والإشارات المتتنوعة نحو البحث العلمي والإنتاج المعرفي المتجدد المواكب للعصر؛ قد قدمت له بذك كافة الإجابات التي يحتاجها لإدارة شئونه، ومن ثم فلا حاجة له للعلم ولا للنظم المؤسسية الحديثة ولا الرجوع للخبراء المتخصصين، حيث يمتلك هو كل شيء.
ج- خلطه بين الدين ككتاب هداية فيه تبيان لكل شيء عن هداية الإنسان؛ وبين كونه كتابا يقدم كافة الإجابات اللازمة لكل مجالات العلوم وتطبيقات الحياة حتى نهاية الحياة.
د- فكرة تضخيم الذات عند بعض المتدينين، خاصة عندما يعتلي أحد المناصب القيادية، واستعلائه واكتفائه بذاته عن الآخرين مستهينا ومتجاوزا لعلوم ونظام المؤسسية.
هـ- ارتباط التنظيمات الدينية بفكرة المؤسس والقائد الموهوب الملهم والشيخ المعلم، وعلاقته بالمريدين الأتباع، ومقاربة الشيخ والقائد مع أنبياء الله في القرآن الكريم المؤيدين بالوحي ولا يخطئون. هذه الفكرة تهدم فكرة المؤسسية اللازمة لإدارة التنوع و الموارد، فتناقضها وتهدمها من أساسها.
هذه الأسباب وغيرها جعلت من التنظيمات الدينية خصما مجافيا للفكر والنظم المؤسسية الحديثة.
فلسفة المؤسسية بين حماية موارد المؤسسة وضمان الإستثمار الأمثل لها وتحقيق أفضل النتائج:
أولا: حماية المؤسسة من
1- القيادة الفردية والاستبداد المغلف بمفاهيم دينية مغلوطة.
2- الانتماء والولاء الخاص على حساب الانتماء والولاء لمؤسسة الإخوان.
3- أحادية وانغلاق التفكير والمهنية، وضعف إدارة موارد الإخوان.
4- الأخطاء والانحرافات والفساد داخل مؤسسة الإخوان.
ثانيا: تمكين المؤسسة
1- قوة وانفتاح وتنوع التفكير والأفكار، وعمق وسعة وجودة الرؤى والخطط.
2- تعزيز وإعلاء الولاء للمؤسسة.
3- الإدارة المثلى لموارد المؤسسة البشرية والمالية والمعرفة والتكنولوجيا والمواهب والقدرات، والنجاحات السابقة والفرص.
4- تعزيز قيم ومبادئ المؤسسية، خاصة الشفافية وحرية تداول المعلومات، بما يفتح المجال للمواهب والأفكار المتجددة المبتكرة.
5- امتلاك آلية مؤسسية للكشف المبكر عن الأخطاء والانحرافات، والتقويم الذاتي.
ضمان تحقيق
1- الإدارة المثلى للبشر والموارد والمعرفة والعلاقات والإنجازات السابقة والفرص.
2- تطبيق مبادئ التخصص والاحتراف والشفافية والشورى والجماعية في العمل وقطع الطريق على القيادةالفردية ومحدودية التفكير والمعرفة والمهنية بما يضمن تقليل نسبة الخطأ والإنحراف ويعزز النجاح.
3- التحرر من الولاء والانتماء للذات أو لشخص معين أو صاحب فضل ما؛ إلى الولاء للمؤسسة فقط.
الواجب الأول: برنامج تدريب وتطبيق مبادئ المؤسسية الحديثة في عمل المكتب والمناطق والشعب والأسر، والتزام المكتب به ومتابعة تنفيذه على كل المستويات، من خلال لجنة استشارية متخصصة، ونظام إجراءات محدد لإدارة العمل مؤسسيا، ومتابعة معايير الأداء والإنجاز.
الواجب الثاني: مشروع لم الشمل واستعادة جميع الأعضاء الراغبين في العودة، عبر تشكيل لجنة متخصصة لدراسة الملف ودعوة ومناقشة الأعضاء واستعادتهم، وتقديم تقرير عما أنجزته كل ثلاثة شهور.
الواجب الثالث: استكمال تأهيل قيادات الإخوان في القُطر، بداية من أعضاء المكتب الإداري ومسئولي المناطق والشُعب، ومسئولي اللجان الفنية؛ وفق منهج محدد يبدأ بتحديد المهام الوظيفية والاستحقاقات المهنية اللازمة للقيام بها، وتحديد الاحتياجات التدريبية واستقدام الخبراء المتخصصين من المؤسسة وخارجها لتنفيذ هذه البرامج، وأول البرامج هو برنامج تأهيل أعضاء المكاتب الإدارية.
الواجب الرابع: تحديد أهداف عامة للأربع سنوات القادمة، مع تصميم خطة تفصيلة لعام واحد من خلال لجنة متخصصة من خبراء الجماعة في التربية والدعوة والإدارة والسياسة وعلم الاجتماع.
الواجب الخامس: تطوير المناهج التربوية للمستويات المختلفة، من خلال لجنة تربوية متخصصة وفق أهداف والمتطلبات البشرية للخطة.
الواجب السادس: تشكيل لجنة أزمة متخصصة مكونة من خبراء في إدارة الأزمات والاستراتيجيا والعلاقات الدولية والقانون الدولي وحقوق الإنسان، لإدارة ملف المعتقلين في مصر.
الواجب السابع: تشكيل لجنة اقتصادية للإشراف على تخطيط وإدارة وتنموية موارد الجماعة المالية في القُطر، بكل شفافية ووفق قواعد المؤسسية، وتعرض تقريرا نصف سنوي على المكتب ومجلس شورى القطر.
الواجب الثامن: تصميم الدليل القيمي والأخلاقي والسلوكي للمرحلة تمهيدا لاعتماده وتوزيعه على كل إخوان القطر؛ لدراسته والتدرب العملي على الالتزام به سلوكا وثقافة وحياة داخل مجتمع الإخوان. ويشمل الدليل منظومة قيم المشاركة والشفافية والتأهيل المستمر والكرامة الإنسانية لأعضاء الإخوان والمسئولية والمؤسسية.. وينقسم الدليل إلى دليل مفاهيمي لكل قيمة، ودليل سلوكي تفصيلي للواجبات العملية السلوكية لكافة أعضاء الإخوان؛ تتعهد مؤسسة هويتي بتصميمه مجانا وتقديمه لمناقشته واعتماده.
الواجب التاسع: تأسيس مركز للبحوث والدراسات وإنتاج المعرفة ودعم صناعة القرار، له صلاحيات تقديم الأفكار والمشاريع والأوراق المتخصصة الملزمة، للاختيار منها بفكر وطريقة ومعايير علمية حقيقية، مع الفصل بين شرعية مجلس الشورى كجهة متابعة واعتماد تنفيذي، وبين شرعية البحوث والدراسات والإنتاج المعرفي والحلول والمشاريع المقترحة.