اختلق الخيال الغربي شخصيات خارقة كثيرة، فبدأ الرجل الخارق الروماني نصف إله ثم انتهى حيوانًا وطوطما في القرن العشرين، والشخصيات الخارقة الغربية على النقيض من شخصيات الخيال العربي الإسلامي الشعبية الخارقة.
الطوطم حيوان أو نبات أو ظاهرة طبيعية كالماء والمطر باعتباره الأصل الذي انحدرت منه القبيلة، هو الأب والروح الحامية للعشيرة، والرمز المقدس لها، لذلك يمنع على العشيرة قتل طوطمها أو أكله إلا فى بعض المناسبات وذلك لاكتساب صفاته وخصائصه.
لم يعد الخيال الغربي مسيحيًا، فقد صار امتدادًا للخيال الإغريقي والروماني الوثني، الذي ابتدع شخصيات على هيئة أنصاف آلهة مثل هرقل وأخيل.
ويظن بعض الباحثين أنّ صورة الملاك المجنّح هي أصل الشخصيات الخارقة، وهي صورة مأخوذة من الكتاب المقدس، وسبب ابتداع الشخصيات الخارقة المنجدة للبشر هو عجز الإنسان عن مواجهة الظلم، فيستعين بخياله في الانتصاف لنفسه بعزاء الخيال، أو إن سبب ذلك هو أنه يغترّ فيطلب المزيد من القوة.
كان الكائن الخارق في المجلات المصورة والأفلام نصف إله، ثم صار نصف حيوان بمهاراته أو بخلقه، مثل طرزان الذي رضع من القرود، ويُظنّ أنه مقتبس من قصة حي بن يقظان لابن الطفيل، وكان يتنقل بين أشجار الغابة أسرع من القرد، ويفهم لغة الحيوان، ثم صار الخارق كائنًا متحولًا، وهو يتحول من بشر إلى هيئته الحيوانية إذا غضب، الغضب هو خاتمه السحري الذي يحوله من كائن بشري إلى خارق من أجل الانتقام أو الانتصاف، كما هالك والرجل العنكبوت وسواهما.
ابتدع الغربيون شخصيات الكوميكس مثل الرجل الخارق سوبرمان، في سنة 1938 وهو أبو الأبطال الخارقين المعاصرين، جاء من كوكب كريبتون، فيه صفات من السيد المسيح، فهو قادم من السماء، يتيم، نظره ثاقب يرى ما وراء الجدران، ويطير، قادر على حمل الكواكب وتفتيت الصخر.
ثم ظهر الرجل الحديدي، ثم ظهرت شخصيات جمعت بين الإنسان والحيوان مثل الرجل الوطواط، وبدأت صورة الحيوان تتلبس بالبطل الخارق تلبسا بدينا تاما بعد إن كان الحيوان كسوة وفروة وريشا، فظهر الرجل العنكبوت بيتر باركر، وهو طالب في المرحلة الثانوية، يلسعه عنكبوت مُعالَج جينياً، فيكتسب قدرات خارقة نتيجة امتزاج كود العنكبوت الجيني بالكود الخاص به، يسيء استخدام هذه القوة في البداية متسببًا في موت عمه، ليتحول بعد ذلك إلى الرجل العنكبوت، ثم ظهرت المرأة الهرّة، والرجل الناري، والرجل البرق، والرجل الذئب، ثم صار أبطال المجلات المصورة كلهم حيوانات لهم هيئات بشرية مثل الفأر ميكي ماوس، والكلب سكوبي دو، والخنزير، وهي حيوانات مستقذرة في الفقه الإسلامي والأدب الإسلامي.
اقرأ أيضا : الموت بكرامة: من كليوباترا إلى عاصم بن ثابت
تعليل إعجاب الغرب بالشخصيات الحيوانية أو الملتبسة بالبشر هو الحنين إلى الطواطم وعبادة الحيوانات القديمة، فلا يكاد يخلو بيت غربي من دمية حيوان، أو زينة قرون للفخر، أو جلد دب في الصالون للتباهي، جلد أو حيوان للإيناس.
وكثير من الشخصيات الوحشية الحيوانية أحيانًا هي شخصيات خير، وأحيانًا شر، وفي أفلام الأطفال المتحركة والأنيمشن الأبطال هم حيوانات بشرية ممسوخة، المسخ كان وحشًا ثم صار بطلًا في الخيال المعاصر.
الخارقون في الإسلام هم الأنبياء، والإسلام هو دين الأنبياء كلهم حسب القرآن الكريم، وكراماتهم هي في حسن الخلق والصبر والحلم والكرم والوفاء، وليس خلقهم في الغضب كما في الغرب، ولهم معجزات، ويليهم المقربون والصديقون والعابدون والزاهدون، وأكثر الأنبياء قوة هو النبي سليمان عليه السلام الذي دعا ربه: "قال رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي". فأجابه ربه وأكرمه.
وهو نبي وملك حكم الأنس والطير فهم يوزعون، ويعرف لغة الطير والنمل: "ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين".
وقد اقتبس الحكّاؤون والرواة والإخباريون صورة من سليمان للملك سيف بن ذي يزن لا تزال مجهولة لدى الأجيال العربية الحديثة، وسبب ذلك أنهم لا يستطيعون العبث بصورة نبيّ، فاقتبسوا صورته وملكه وقوته وأسبغوها على سيف بن ذي يزن، وكانت سيرته تقرأ في الليالي للسمر والتسلية في عهود الهزيمة والخسران، مثل سيرة عنترة، وسيرة حمزة البهلوان، وذات الهمة، وسيرة الملك سيف بن ذي يزن، التي تقع في مجلدات طويلة، وهو يحارب الكفر، ويجند السحرة والكهنة ويفتح البلاد.
كُتبت فيه دراسات كثيرة، وله ذخائره كثيرة. وعنترة بن شداد، وأبو زيد الهلالي سلامة وعلي الزيبق المصري، وهم أبطال السير الشعبية.
ويجدر بالذكر أن بعض طبعات سيرة الملك سيف ملخصة وصفته بالملك السوبرمان تأثرًا بالمجلات المصورة.
لكن لم يحدث قط أن كان البطل الشعبي حيوانًا أو نصف حيوان، يحدث في قصص ألف ليلة وليلة أن يمسخ أحد الشخصيات حيوانا عقوبة أو بالسحر والشياطين لكن ليس بطلا.
يمكن أن نجد كثيرًا من الفوارق بين الشخصيات الخيالية العربية والشخصيات الخيالية الغربية هذه أهمها:
إن الشخصيات العربية الإسلامية الخارقة حقيقية مثل سيف بن ذي يزن وعنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي، بينما الشخصيات الغربية هي أسطورية أو وهمية أو متخيلة.
إن البطل الغربي المعاصر مُسخ على شكل عنكبوت أو خفاش أو مطاط حتى صار آلة متكلمة، بينما يترفع العربي الإسلامي عن مسخ البشر إلى حيوانات أو آلات؛ "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ"..
إن الشخصيات العربية الإسلامية الخارقة تجمع بين الفروسية والإمارة والملك فهم أبطال يقاتلون بسيوفهم وعلى جيادهم، ويخدمهم جان وعفاريت وكهان وسحرة. أما الخارقون الغربيون فهم يقومون بالمعجزات بأنفسهم.
إن البطل العربي مسلم حتى لو كان قبل الإسلام، يؤمن بالله ويحلف به، ويقيم الحق والعدل ويبشر بالإسلام وعبادة الله الواحد الأحد، أما البطل الخارق الغربي فيعبد نفسه، ويؤدي خدمات للدولة الأمريكية غالبًا.
إن أبطال الغرب المتخيلون بيض، ودينهم غير واضح، أما أبطال العرب، ففيهم الأسود مثل عنترة، وأبا زيد الهلالي الأسمر، واليهودي مثل السموأل، والنصراني مثل الزير سالم.
إن أبطال العرب المسلمين يموتون لأنَّ الموت بعده حياة أخرى ولا أبدي سوى الله، أما أبطال الغرب فخالدون. أو إن نهاياتهم وآجالهم مهملة.